الكنيسة وصراع أجيال القبط
أشرف حلمي
٠٦:
١٠
ص +02:00 EET
الاربعاء ١١ اكتوبر ٢٠١٧
أشرف حلمى
تعيش الأمم الآن صراعا رهيبا بين الماضي والحاضر وتأثيرهما على المستقبل بما يعرف بصراع الحضارات نتيجة التقدم العلمى خاصة فى مجالات التكنولوجيا والاتصالات والذى أدى إلى العولمة، فكثير من دول العالم تفاعلت مع التقدم وصراعاته لتغيير مناهجها التعليمية وسياساتها الداخلية والخارجية مع تعديل دساتيرها وقوانينها بما يتواكب وهذا العصر حفاظًا على تقدمها بين دول العالم، بينما ظلت بعض الدول مترنحة رافضة مبدأ العولمة لعدة أسباب منها التى تأثرت بتعاليمها الدينية ومنها التى رفضتها نتيجة مشاكلها الاقتصادية وكلاهما أبقى على حاله خارج نطاق التقدم حفاظًا على عدم تخلفها.
لن يختلف تفكير شبابنا القبطى عن تفكير هذه الدول وخاصة شباب اليوم الذى يندرج تحت اسم (جيل الإنترنت) ويختلف عن جيل أولياء أمورهم
(جيل التلفاز) الذى له طريقة خاصة فى التفكير والتعامل مع الآخرين يقضى معظم حياته وأوقاته خارج المنزل ما بين الدراسة أيام طفولتهم وشبابهم أو العمل، فيما يجتمع مع عائلته فى أوقات محددة، خاصة هذا الزمان بظروفه الاقتصادية الصعبة التى يعمل فيها الأهل على توفير حياة كريمة لأولادهم بالعمل الشاق ليلًا نهارًا، فيما لن يجد الكثير من الأهل وقتًا كافيًا للتعرف على التكنولوجيا الحديثة وكيفية التعامل مع أولادهم، خاصة فى مرحلة المراهقة مما سيؤدى إلى ما يعرف بصراع الأجيال وظهور الخلافات والمشاكل بين الأهل والأبناء خاصة الأهل الذين ما زالوا يعيشون فى العصر الماضى ما لم تتطور علاقاتهم بعضهم البعض بما يتلاءم مع العصر القائم.
أما فى حالة شباب المهجر وعلاقاتهم مع أسرهم فالوضع يختلف كثيرًا، وذلك لأن الشباب يعيش الحرية والديمقراطية المطلقة التى تعلمها منذ طفولته فى مدرسته ويطبقها فى شبابه وحياته العملية فى تعاملاته اليومية، ما يدفع هؤلاء الشباب إلى ترك منازل أسرهم كالطيور التى تغادر عشها بعد أن تتعلم الطيران، أما فى حالة الكثير من أسرنا القبطية فالذين تربوا فى احتضان أبنائهم داخل منازلهم وذلك حتى يخرجوا منها عند استقرار حياتهم مع شركاء حياتهم، إلا إذا كانت هناك خلافات فى التعامل والتفكير نتيجة صراع الأجيال، وعليه يترك الشباب القبطى منزل عائلته مع بلوغ السن القانونية خاصة فى الدول التى توفر لهم إعانات الضمان الاجتماعي.
لن تختلف علاقة الشباب بكنائسهم القبطية داخل مصر وخارجها كثيرًا عن علاقته بأسرهم، فالكنيسة هى الأم الروحية لهؤلاء الشباب تعلمهم المبادئ والتعاليم السامية التى تسلمتها من الآباء الرسل كى تورثها إلى أبنائهم أيضًا عن طريق رجال الدين باعتبارهم الآباء الروحيين والمثاليين لهم.
فكنيستنا القبطية الأم بالإسكندرية وضعت قوانينها ولوائحها ودساتيرها لتحديد وتنظيم علاقاتها مع كل من حكوماتها من جانب وأبنائها من جانب آخر طبقًا لعادات وقوانين ودستور الدولة إلا أنها لا تتماشى مع الدول الغربية، لذا لجأت بعض قيادات كنائس المهجر إلى تعديل هذه القوانين والدساتير دون الرجوع لشعب الكنيسة وشبابها مما أدى أو قد يؤدى إلى سوء العلاقات بينها وبين أبنائها.
فشباب القبط بالمهجر أقلية بالنسبة للشباب المسيحى بدولهم فهم تربوا على احترام رجل الدين كأى فرد عادى دون النظر إلى رتبته الكهنوتية كذلك حكوماتهم فنجد معظم رجال الدين الذين جاءوا بأفكار وعادات وتقاليد بلادهم، الآن يعزمون فرضها على شعوب كنائسهم فى المهجر بما لا يتلاءم مع قوانين الدولة والتى يرفضها الشباب، ومن هنا تظهر مشكلة صراع الأجيال داخل الكنيسة التى يقضى فيها العديد من الشباب ٣ ساعات أسبوعيًا على الأكثر ونتيجة لذلك ستفقد الكنيسة الشباب ويذهب خارجًا باحثًا عن كنيسة أخرى كما ترك بيت أسرته أو يعيش مسيحيًا اسمًا وقد يصبح ملحدًا.
لذا فواجب على قيادات الكنيسة سواء داخل أو خارج مصر الاهتمام بالأطفال وإعدادهم حتى يكونوا شبابا واعيا يحافظ على كنيسته وذلك بإشراكهم فى وضع قوانين ودساتير ولوائح كنائسهم، على أن يستفتى شعب الكنيسة بعد عرضها عليه سواء بقبولها أو رفضها كما هو متبع فى الدول الديمقراطية وبالتالى تكون فعالة ليست حبرًا على ورق لخدمة فئة معينة كما هو حال كثير من الحكومات