الأقباط متحدون - ذكرى «6 أكتوبر»
  • ٠٦:٥٨
  • الخميس , ٥ اكتوبر ٢٠١٧
English version

ذكرى «6 أكتوبر»

مقالات مختارة | د. عماد جاد

٠١: ١٠ م +02:00 EET

الخميس ٥ اكتوبر ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

تحتفل مصر اليوم بالذكرى الرابعة والأربعين لحرب أكتوبر، تلك الحرب التى حقق فيها الجيش المصرى ما يشبه الإعجاز تخطيطاً وتنفيذاً، تخطيطاً للحرب بعد ست سنوات فقط من هزيمة يونيو، وتنفيذاً عبر حشد الطاقات والإمكانيات الوطنية لخوض حرب مع جيش قيل عنه بعد يونيو 1967 إنه لا يُقهر، ونفّذ عبوراً أسطورياً لمانع مائى قيل إنه أقوى الموانع وإن محاولة عبوره ستكون بمثابة محرقة للجنود المصريين نظراً لحجم النابالم الذى سيغطى وجه مياه قناة السويس، هذا إضافة إلى الدعم الأمريكى المفتوح لإسرائيل والتأييد الأوروبى الشامل للدولة العبرية.

كانت حرب أكتوبر بمثابة بوابة السلام فى المنطقة، فقد شعر قادة إسرائيل بنشوة النصر فى عدوان يونيو 1967، ومن ثم أخذهم الغرور إلى درجة وصف جيشهم بالأسطورة والذى لا يُقهر، ووصل الاستهزاء بنا إلى أن وزير الدفاع الإسرائيلى «موشيه ديان» كان يقول إنه مستعد لمحاربة العرب بنفس الخطة التى سبق أن انتصر بها عليهم وإنه سوف يحقق النصر فى كل مرة، فقد طبق فى عام 1967 الخطة التى استخدمها فى عدوان 1956 (قادش) وكان صاحب مجموعة من مقولات السخرية بحق مصر والعرب، منها أن «العرب لا يقرأون، وإذا قرأوا لا يفهمون، وإذا فهموا لا يتحركون»، ومقولة أن «العرب بعد يونيو 1967 باتوا جثة هامدة»، وأن «شرم الشيخ دون سلام مع مصر أهم من سلام مع مصر دون شرم الشيخ»، أى إنه يرى أن الاحتفاظ بمدينة شرم الشيخ فقط أهم من إبرام معاهدة سلام مع مصر. تشكّل هذا التصور وتبلور الكبرياء والغرور الإسرائيلى بفعل الانتصار الذى حققوه فى عدوان يونيو 1967، وهو المسئول أيضاً عن حدوث تغير جذرى فى الرؤية المصرية الناصرية للصراع، فباتت إزالة آثار العدوان بدلاً من إزالة العدو ذاته، فبعد يونيو 1967 أدركنا أن إسرائيل أكبر من مجرد عصابات مسلحة وبشر جاءوا من شتى أنحاء العالم.

ونتيجة حرب أكتوبر 1973، عبور القناة، تحطيم خط بارليف والسيطرة عليه، تحرير شريط بعرض عشرة كيلومترات شرق القناة من شبه جزيرة سيناء، ووقوف المجتمع الإسرائيلى على حافة الانهيار بعد انهيار القيادات العسكرية الإسرائيلية وصرخات رئيسة الوزراء فى ذلك الوقت جولدا مائير لوزير الخارجية الأمريكية هنرى كيسنجر بأن الهيكل الثالث ينهار (فى إشارة إلى هيكل سليمان الذى تم تدميره مرتين مرة مع السبى البابلى عام 536 ق. م، ومرة ثانية على يد القائد الرومانى تيطس عام 70 ميلادية)، وبالتالى فقد اعتبرت «مائير» أن هجوم مصر الساعة الثانية بعد ظهر يوم السبت الموافق السادس من شهر أكتوبر 1973 والموافق ليوم عيد الغفران اليهودى يهدد بإنهاء وجود الدولة التى شبّهتها بهيكل سليمان.

على أثر الانتصار الذى حققه الجيش المصرى فى هذه الحرب تمت محاكمة عدد كبير من القيادات العسكرية الإسرائيلية تحت عنوان عريض هو «التقصير»، وتمت التضحية بعدد منهم، على رأسهم رئيس الأركان إبان الحرب دافيد بن إليعازر. ويمكن أن نقول إن ما حققه الجيش المصرى فى أكتوبر 1973 قد دفع قادة إسرائيل للتسليم بعدم القدرة على حسم الصراع عسكرياً، وأن الحل لا بد أن يتم على مائدة المفاوضات، وهو ما أدركه الرئيس السادات مبكراً فطرق الحديد وهو ساخن وطرح مبادرته الشهيرة بزيارة القدس والحديث أمام البرلمان الإسرائيلى (الكنيست) فى نوفمبر 1977، ومن ثم بدأت المفاوضات المصرية الإسرائيلى وتم توقيع اتفاق كامب ديفيد الإطارى فى سبتمبر 1978 ومعاهدة السلام فى 26 مارس 1979، وبعدها أصيب رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجن بالاكتئاب فاعتزل الحياة السياسية وذهب بعيداً فى عزلة حتى الموت حزناً وكمداً على إعادة سيناء لمصر.

تحية لأرواح شهداء مصر الأبرار ورجالها البواسل الذين يقدمون حياتهم دفاعاً عن تراب الوطن وأمن المصريين واستقرارهم.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع