بلومبرغ: بوتين يكتسب لقب "سيد الشرق الأوسط"
أخبار عالمية | روسيا اليوم
٢٤:
١١
ص +02:00 EET
الخميس ٥ اكتوبر ٢٠١٧
اكتسب الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، لقب "سيد الشرق الأوسط" في الواقع، لأن زعماء المنطقة يتقاطرون تباعا إلى الكرملين، بعدما خاب أملهم بحليفتهم أمريكا، وفقا لوكالة بلومبرغ الدولية.
واعتبرت الوكالة أن هذا، في كثير من النواحي، خطأ أمريكا نفسها، التي تجبر سياساتها العديد من الشركاء على إعادة التوجه نحو موسكو.
وقالت إن الإسرائيليين والأتراك والمصريين والأردنيين كلهم مهدوا بالفعل الطريق إلى الكرملين، على أمل أن يحمي "سيد الشرق الأوسط الجديد" فلاديمير بوتين، مصالحهم ويحل مشاكلهم.
وكتبت بلومبرغ، أن الدور الآن لملك المملكة العربية السعودية، سلمان بن عبد العزيز، الذي يعد أول ملك سعودي يزور موسكو وهو على العرش في تاريخ العلاقات بين البلدين.
وأوضح المقال، أن الهدف الرئيس من زيارته هو "كبح" إيران التي تعد حليفا وثيقا لروسيا وعدوا لدودا لمعظم دول الخليج.
وحتى الأمس قريب، ذهب كل هؤلاء القادة "لحل مشاكلهم حصرا في واشنطن"، ولكن النفوذ الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط ضعف الآن إلى حد كبير، فيما حققت روسيا الكثير من التقدم، على حد قول بلومبرغ.
وأوضحت الوكالة رأيها بالقول: "يتجلى ذلك في نتائج العملية العسكرية الروسية في سوريا، التي عززت موقف الرئيس بشار الأسد، على الرغم من إصرار أمريكا على ضرورة عزله "، وقال دينيس روس، المبعوث الأمريكي السابق إلى محادثات السلام في الشرق الأوسط، والذي قدم توصيات إلى العديد من الرؤساء الأمريكيين، من بوش الأب إلى أوباما، في مقابلة مع بلومبرغ، إن هذا غير الوضع وتوازن القوى في الشرق الأوسط. فقد نجح بوتين في تحويل روسيا إلى لاعب هام في الشرق الأوسط، وهذا هو السبب في أن زعماء الشرق الأوسط يتوافدون إلى موسكو الواحد تلو الأخر.
وحذر روس من أن النجاح يولد مشاكله الخاصة، فهناك مطالب متضاربة، وسيكون من الصعب جدا على موسكو تلبية مطالب جميع الزوار. وقال: "كلما حاولت الاتفاق مع جميع الأطراف، كلما اقتنعت أكثر فأكثر بأن هذه لعبة صعبة للغاية".
فخلال الحرب الباردة، كان لموسكو الكثير من النفوذ في الشرق الأوسط، فهي تولت تسليح الدول العربية التي قاتلت ضد إسرائيل. لكن بلومبرغ كتبت أن نفوذها اختفى جنبا إلى جنب مع انهيار الشيوعية، وعندما غزت الولايات المتحدة العراق من أجل الإطاحة بصدام حسين، وجدت روسيا نفسها في دور مراقب خارجي، ولا يمكنها سوى الاحتجاج. ومع ذلك، ففي عام 2013، بدأ الوضع يتغير عندما تراجعت الولايات المتحدة بقيادة أوباما عن مهاجمة الأسد، على الرغم من أن معظم حلفائها في الشرق الأوسط كانوا على اقتناع راسخ بأن الرئيس السوري "يجب أن يغادر، لكنهم عانوا من خيبة أمل عميقة"عندما رفضت الولايات المتحدة استخدام قوتها العسكرية لإجبار الأسد على ترك منصبه، وبعد عامين، أرسل بوتين قواته وطيرانه ليقلب المعادلة في سوريا رأسا على عقب.
وقال خالد بطرفي، الأستاذ في فرع جامعة الملك فيصل بجدة: "لسوء الحظ، سحب أوباما أميركا من الشرق الأوسط"، مضيفا أن نفوذ روسيا في منطقة الشرق الأوسط قد تكثف لأن أوباما سمح لها بذلك. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الشهر الماضي الشيء نفسه وبأنه ظل يقنع الأمريكيين لعدة سنوات ببدء العمليات العسكرية ضد الأسد، وأن "المفاوضات مع الولايات المتحدة لا يمكن أن تسفر عن أي نتائج ". ولذلك، انضمت تركيا الآن إلى روسيا وإيران، وقد وضعتا معا خطة لتخفيض الصراع.
وكتبت الوكالة: قبل عامين فقط، بدا أن الخلافات بين بوتين وأردوغان وصلت إلى "نقطة الغليان"، بعد أن أسقط الجيش التركي طائرة روسية على الحدود السورية، إلا أن الرئيس الروسي وصل إلى أنقرة يوم الجمعة الماضي لتناول عشاء مع نظيره التركي وصديقه الذي وافق على شراء صواريخ "إس-"400 المضادة للطائرات من روسيا بالرغم من اعتراضات الناتو.
وقالت بلومبرغ، في مقالها، إن بوتين استطاع بحذاقة أن يوجه السياسة الروسية لتعلب دورا متوازنا في الشرق الأوسط، وأن يبقى على مسافة واحدة من الخلافات المستعرة بين دول وأقطاب المنطقة، ونقلت عن مصدر مقرب من الكرملين قوله إن "بوتين لن يغير موقفه فيما يتعلق بإيران لإرضاء رغبات المملكة العربية السعودية". وأضافت أن "روسيا تفضل عدم الوقوف إلى جانب أي طرف في الخلافات الإقليمية.
وذكرت الوكالة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي زار روسيا أربع مرات خلال العام والنصف الماضية، فشل أيضا في تغيير وجهة نظر الرئيس الروسي، في أغسطس/آب الماضي. وقال نتنياهو لبوتين إن تعزيز دور إيران في سوريا "غير مقبول"، وفي سبتمبر/أيلول، قال في مقابلة مع CNN، إن الإيرانيين يحاولون "استعمار" سوريا لتدميرنا والاستيلاء على الشرق الأوسط". ومع ذلك، فقد رفضت روسيا طلب نتنياهو خلق منطقة عازلة في سوريا بعمق 60 كيلومتر، تفصل القوات الإيرانية ومفارز "حزب الله" عن الحدود الإسرائيلية، واقترح بدلا من ذلك "إنشاء منطقة محظورة من 5 كيلومترات" فقط، حسبما ذكرت بلومبرغ نقلا عن مصادر مطلعة في موسكو.
كما رفضت موسكو طلب واشنطن جعل نهر الفرات خطا فاصلا بين القوات الحكومية السورية وقوات المعارضة التي تتمتع بدعم الولايات المتحدة. وأدى هذا إلى "سباق حقيقي للاستيلاء على الأراضي من التشكيلات الإرهابية المتراجعة في هذه المنطقة الحدودية ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة والغنية باحتياطيها من النفط.
وعلى وجه الخصوص، تعمل روسيا، جنبا إلى جنب مع مصر، كوسيط، في محاولة لوضع حد للصراع الداخلي الفلسطيني المستمر منذ عشر سنوات، ووضع حد للانقسام بين فتح وحماس. وأضافت بلومبرغ أن بوتين دعا أيضا المجموعات الليبية المعارضة إلى موسكو بعد فشلها في تحقيق السلام في ذلك البلد. وذكر المقال أن روسيا أصبحت أيضا المستثمر الرئيسي في كردستان العراق، حيث توجد احتياطيات كبيرة من النفط، وروسيا القوة العالمية الوحيدة تقريبا التي لم تدن الاستفتاء الأخير حول الاستقلال.
وخلصت بلومبرغ إلى القول بأن روسيا بدأت بتعزيز مكانتها في الشرق الأوسط، عندما يمم القادة الأمريكيون وجوههم نحو آسيا، فالمجتمع الأمريكي تعب من حروب الشرق الأوسط، وهذه حقيقة يعترف بها أوباما وترامب، على حد قولها.
وختمت قائلة: "واشنطن، لا تزال قوة لا غنى عنها في الشرق الأوسط، لكن تحالفاتها التقليدية في المنطقة ضعفت، وهذا هو السبب الذي يحدو بالزعماء الإقليميين للتحوط والبحث عن بدائل لها. اليوم، كل العيون ترنو إلى الكرملين".
الكلمات المتعلقة