الأستك مات
مرقس كمال زاخر
السبت ٣٠ سبتمبر ٢٠١٧
مرقس كمال
يختلف البشر فى طباعهم وشخصياتهم وسماتهم وطموحاتهم وأساليب حياتهم وربما يرجع ذلك لإختلاف عوامل عدة أهمها وأبرزها ظروف التنشئة بدءاً من طباع الوالدين وكيف تعاملوا مع طفلهم مروراً بالحالة المادية ومراحل التعليم مكاناً ومستوى تعليمى وأصدقاء وصولاً للإحتكاكات المجتمعية بصدماتها ومفارقاتها الكثيرة التى ربما تؤول بالإنسان إلى الإحباط واليأس أو النقمة والغضب أو الانعزال وعدم التواصل أو التكيُف والمقاوحة .
وربما يكون صاحب البال الطويل وسط كل هذا بمثابة نغمة شاذة فى سيمفونية غضب أتقنوا عزفها فتأصلت داخلهم وتمكنت منهم ومع مرور الوقت مُنِحت السيادة والشرعية كحقٍ مزيفً يخفى فى طياته باطلاً
فهذا الإنسان يتعامل ببساطة ندر وجودها فقلبه يحمل من المرونة ما يجعله لا يكره ولا يخاصم ولا يحمل فيه أية ضغينة لأحدٍ مهما طاله من إساءه سواء كانت عن عمد أو سوء فهم بل يحتمل قدر المستطاع ويعذُر الأخرين على الدوام مهما بدر منهم
ولكن إحتماله هذا مع مرور الوقت يصبح حقاً مُكتسباً للغير وكأنه العادى وكأنه المفروض عليه فيكون هذا الإنسان كالأستك الذى كلما شدوه كلما طال معهم ولان بلا شكوى أو ضجر
ومع إزدياد الشد والترك يدخل فى مرحلة يرتخى فيها قليلاً فتبدأ معها مرحلة يتلقى فيها اللوم لمجرد إعلانه أنه أُجهد أو أبدى بعض الإستياء حتى ولو كان صمتاً ومع شدة اللوم يلوم هو أيضاً نفسه نادماً على وقت لم يقدر فيه أن يحتمل مفتشاً عن نقاط ضعفه ليشدد ذاته ويحاول إصلاح نفسه ويلملم أشلاء عزيمته ويدفع نفسه للأمام مكملاً ما بدأ
ولكن المرحلة الأخيرة وهى الأصعب وشيكة الحدوث وهى فى لحظة محددة يصل فيها الشد لأقصى حدوده لتتخطى حدود مرونة الأستيك فينقطع فجأة بلا مقدمات
تُرى هل سيفهمون وقتها أن القطع بسبب شدهم المستمر وقوته أم بسبب ضعفه هو وعدم إحتماله ؟
هل سيندمون كما كان يفعل هو عند مراجعته لذاته مراراً أم سيظل اللوم متعقباً له حتى بعد إنقطاعه ورحيله عنهم
تُرى ماذا سيقولون عندما يتفاجأون أن الاستيك مات ؟
هل سيكتشفون كم كان طويل البال محباً لهم ؟
أم أن رحيله سيحررهم من عبء حملوه فى أذهانهم وطالما أرهقهم ؟
أعتقد أن بعضهم سيشعر أن هذا كان أحد العراقيل المعطلة لهم وقد إنزاحت ليبدأوا حياتهم بلا مفشلات
كلمات أكتبها وسطور أدونها على سبيل الفضفضة أزعم أنها مجرد شخابيط جالت بفكرى وخاطرى وأعتقد أنها لسان حال كثيرين غلبهم الصمت
نعم كلمات ربما يصادقها الصواب وربما يشوبها الخطأ ولكنها بالنهاية لا ترتقى فوق كونها مجرد شخابيط إنسان يشعر ان أيام العمر مهما طالت .. قليلة