احتفلوا بقراءة «رسول الحرية»
مقالات مختارة | بقلم :خالد منتصر
الثلاثاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٧
بمناسبة احتفالات رأس السنة الهجرية، أنصحكم فى الإجازة بقراءة الكتاب الوحيد الذى اتفق العملاقان «العقاد وطه حسين» على الإشادة به وهو كتاب «محمد رسول الحرية» للراحل الباقى عبدالرحمن الشرقاوى، وأكثر كتاب تحدّث عن النبى وتلقى هجوماً من بعض المشايخ وقتها كان نفس الكتاب أيضاً، قادوا حملة شعواء ضده وصلت أصداؤها إلى الرئيس عبدالناصر شخصياً، الذى سأل الشيخ شلتوت وقتها عنه فأبدى إعجابه به، فصرّح «عبدالناصر» بتداوله وأفرج عنه، هذا التناقض الذى يجعلنا نسأل ونحن نسعى لما يسمى «تجديد الخطاب الدينى»، لماذا نهاجم ونغتال ونُجهض كل عمل أدبى وفنى يتحدّث عن الرسول يبدعه مسلم موهوب بأيدينا وبمنتهى الحماس وكأننا نعشق تشويه أنفسنا؟!!، نفعل ذلك رغم أن هذه الأعمال الأدبية والفنية هى الوسيلة الوحيدة لتعريف العالم ومن قبله تعريفنا نحن بمن هو الرسول محمد، عليه الصلاة والسلام، وإذا كان هناك تشويه من البعض هناك فلنفعل نحن ما يجب علينا من تقديم الحقيقة، لكن بالأسلوب الذى يعرفونه هم هناك ويؤثر وينفذ إلى القلوب. أكاد أجزم بأن أفضل ما كُتب عن سيدنا محمد هو ما خطته أقلام الأدباء، وليس رجال الدين، ما كتبه «العقاد وطه حسين وهيكل وتوفيق الحكيم وأحمد أمين»، وأفضل زاوية وأهمها من وجهة نظرى تناولت نبينا الكريم هى الزاوية التى تناولها والتقطها عبدالرحمن الشرقاوى، الرسول الإنسان، محمد البشر، كان المنطلق هو «إنما أنا بشر مثلكم»،
وهذا هو سر كراهية بعض رجال الدين وقتها للكتاب، هم يريدون حبس الرسول فى خانة المعجزات، ويرون أن هذا هو قمة التقديس لشخصه العظيم، وجاء «الشرقاوى» لينظر من زاوية أخرى، وهى أن معجزته تكمن فيه كإنسان، تتلخص فى بشريته وتعامله مع الناس والمتغيرات كبشر، جدال الصحابة معه وسؤالهم إياه «أهو الرأى أم الوحى؟» هى تلك البشرية والإنسانية التى يجب التأكيد عليها؟، سماح النبى بهذا الجدل الصحى واختلاف الرؤى التقدمى هو قمة الروعة والجمال، تعامله مع الفقراء بكل الحب، ورغبته فى تحرّرهم ومساواتهم بوجهاء القوم، يختار منهم من يقود الجيوش ويتقدّم الصفوف ويتولى الإمارة دون أن يفكر هل كان هذا عبداً أو ذاك فقيراً، تعامله مع المرأة والطفل بمنتهى البشرية والإنسانية بشكل استفز أحياناً المتزمتين الذين يحملون بداوة الأعراب، والذين كانوا يندهشون من تباسطه وسماحته مع المرأة ومداعبته للأطفال، قوله «أنتم أعلم بشئون دنياكم» فى حادث تأبير النخل، لم يستخدم حينها فزاعة كيف لا تستمعون إلى نصيحتى بعدم التأبير، فأنا النبى وأنتم مجرد رعايا، عليكم عدم المناقشة والتعليق!.
محمد الإنسان هو الزاوية الجديدة التى يجب تقديمها للجميع شرقاً وغرباً، لذلك أنادى بترجمة كتاب «محمد رسول الحرية» إلى اللغة الإنجليزية وإعادة طباعة الكتاب الأصلى وتوفيره فى كل المكتبات المدرسية إلى جانب «عبقرية المسيح» لـ«العقاد»، وأيضاً فى المكتبات العامة وبيع طبعة شعبية بسعر زهيد، إنه كتاب عظيم نحتاجه الآن فى هذا الوقت العصيب، نحتاجه بلغته الأدبية الرفيعة وأفكاره التقدمية المستنيرة ووجهة نظره الطازجة الجديدة، نحتاج إلى أن نتعرّف على النبى محمد، وكأننا نكاد نلمسه ونجلس معه ونستمع إلى ضحكاته وننصت إلى حديثه ونتجول فى صحبته بدروب مكة وشعابها، هناك كتب كثيرة تخيلت أنها تقربه منا بحديثها عن المعجزات، وهى فى الحقيقة أبعدتنا عن حقيقته العظيمة التى تكمن فى إنسانيته وبشريته.
نقلا عن الوطن