بقلم- د. جون مجدي
دايماً كنت بسأل نفسي سؤال مهم اوي
السيد المسيح كان يهمه أيه اكتر الروح و لا النفس و لا الجسد
أو بمعنى تاني : الأولوية الي كان بيقدمها السيد المسيح كانت للروح أم للنفس أم للجسد ؟!
و بعد قراءة عميقة و تأمل و محاولة تخيل نفسي معه توصلت إلى الإجابة
لقد كانت الأولوية الأهم على الإطلاق لدى السيد المسيح هى (( النفس ))
لقد أدرك السيد المسيح جيداً أن شفاء النفس يسبق شفاء الروح و يدعم شفاء الجسد
قبل منح للغفران أو معجزة شفاء كان يعملهما السيد المسيح كان الكتاب المقدس يذكر كلمة مهمة جداً و هى: " فتحنن "
و الحنان صفة نفسية خالصة , بحنانه الخالص كان يشفي النفس أولاً ثم الروح و الجسد
-- في قصة السامرية : كانت المرأة السامرية تعاني من مشكلة نفسية و هى أن الناس كانوا ينظرون لها أنها خاطئة و فاسدة . لذلك كانت تتعمد الخروج في عز الظهيرة في الوقت الذي لا يخرج فيه أحد لحرارة الشمس الشديدة . فكانت تعاني حرارة الشمس أفضل من أن يراها أحد و يجرحها بنظرة احتقار
لذلك حينما تقابل معها السيد المسيح : كان أول ما يهمه على الإطلاق أن يشفي نفسها
لم ينظر لها باحتقار بل كان يتحدث معها بحبٍ . و حين كذبت عليه لم ينظر للكذب بل امتدح صدقها غير المقصود
و يا للعجب أن نفس المرأة بعد ساعات قليلة ذهبت إلى كل الجموع في السامرة و بشرتهم و لم تكن خائفة أن يراها أحد.. لأن نفسها قد شُفيت
المسيح شفى نفس المرأة السامرية قبل أن يمنحها الغفران الروحي
-- في قصة المرأة التي أُمسكت في ذات الفعل
لم يشأ المسيح أن يمنحها الغفران اولاً بل قبل هذا شفى نفسها
حين قام بكتابة خطية كل من أراد رجمها و إذلالها على الأرض
و كأنه يقول لها أنتي في عيني ليست أقل من كل هؤلاء بل أنتي غالية
و بعد أن تحنن عليها و سترها و احتضنها بعينيه فشفيت نفسها
قدم لها الغفران الروحي
لذلك لم يذكر الكتاب أنها أخطأت ثانيةً
-- بعدما أنكر بطرس المسيح
ظهر له المسيح ظهور خاص جداً
حتي لا يعود و ينظر إليه أحد من التلاميذ نظرة استصغار
و قبل أن يمنحه الغفران
منحه الطمأنينة و أعاده لمكانته الرعوية و رد له كرامته كاملةً
فصار بطرس صخرة الإيمان و بعد أيام قليلة تحدث باسم السيد المسيح أمام ألاف من اليهود و أمن ثلاثة ألاف نفس
اتذكر أن أحد المقربين قد حكي لي أنه في مرةٍ أخطأ خطية صعبة
و كان مرعوب أن يتقدم للاعتراف و التناول من الأسرار المقدسة
و بعد صراعات و خوف و يأس قرر أن يذهب للاعتراف
و كان جسده ينتفض من الخوف
و حين أخبر اب اعترافه بالخطية كان العرق يتساقط منه من الخوف
و كان ينتظر أن يعنفه اب اعترافه بقسوة و يمكن أن يضربه حتى
و لكنه تفاجئ أن اب اعترافيه ينظر له بكل حنان و حب
و طبطب عليه
و قال له : أنا حاسس بيك و برغم كل الصراعات اللي بتمر بيها أنت قوي عشان رفضت تيأس و جيت تعترف
و بعدها قرأ له الحل و منحه الغفران الروحي
خرج هذا الشاب من عند ابونا و بعدها لم يعد إلي تلك الخطية مطلقاً
و عَقب في أخر القصة قائلاً :
لو كان ابونا عنفني و قسى عليا كنت سأمنح الغفران الروحي وقتها
و لكني في غضون فترة قليلة كنت سأعود أسوء بمراحل مما كنت
و لكن ما حدث أن ابي اهتم بنفسي و لم يجرحني بل أحبني
فخرجت قوى النفس غير مكسوراً و قويت روحي آيضاً تدريجياً فلم أعد أخطئ
في نهاية تأملي :
كل ما أريد أن أخبركم أياه هو (( أننا حين نتعامل مع النفس و نصلحها و نقويها أولاً يصير الفرد قادراً أن ينمو روحياً و حتي جسدياً يصير في أفضل حالٍ .. لكن إهمال الجانب النفسي و التركيز فقط على الجانب الروحي فهو أمر خطير جداً و ينشئ جيلأ ضعيف النفس مكسوراً غير قوياً غير سوياً ))
لذلك اوصي بالأتي :
1- أن يتم تخصيص ثلث منهج إعداد خدام ليكون عن ( علم النفس و كيفية التعامل مع كل مرحلة عمرية بطريقة صحيحة ) و أن يقدم هذا الكورس أفضل المتخصصين في هذا المجال
2- أن يكون في كل كنيسة بل و في كل دور العبادة (( عيادة نفسية )) بها طبيب متخصص في علم النفس على أعلى مستوى , حتي يستطيع أن يتعامل مع الحالات التي تحتاج إلي تأهيل نفسي قبل أن تنال الغفران الروحي كما كان يفعل الطبيب الأعظم يسوع المسيح ..
معجزة الأمل الحلقة الرابعة عشر