الكاتب
- في مجلة العلوم السياسية.. الحكام العرب ظلموا شعوبهم بدون وازع من الضمير أو القانون
- "هو فيه رجالة؟!".. التعبيرات الفنية عن التسامح لا تكفي وحدها لتجاوز الوضع الراهن
- منحة تدريبية لنشر ثقافة المواطنة وروح التسامح وقبول الآخر
- د. "عايدة نصيف": نبذ روح الطائفية يتطلب دولة مدنية يتم فيها تداول سلمي للسلطة
- "إيدي في إيدك".. أغنية ترفض التمييز والطائفية
جديد الموقع
ثورة 25 يناير.. قراءة أولى
عرض: ميرفت عياد
العلاقة بين غلق أبواب الإصلاح وفتح الطريق للثورة ليست آلية أو ميكانيكية، ربما تكون علاقة منطقية، بل هي كذلك فعلًا. فعندما يستحيل الإصلاح فى إطار نظام سياسي فاسد سياسيًا واجتماعيًا، تصبح الثورة هي الحل. ولكن هذا الحل يظل أملًا من الآمال، وليست الآمال كلها ممكنة. وقد يؤدِّي ابتعاد الأمل في بعض الأحيان أو في كثير منها إلى نوع من اليأس، ولذلك لم يتوقَّع أحد في يوم 24 يناير 2011 أن يكون اليوم التالي الذي دعت حركات شبابية عدة للتظاهر فيه، بداية ثورة شعبية تحقِّق في (18) يومًا ما عجز الإصلاحيون عن إنجاز نذر يسير منه عبر سنوات طويلة.. هكذا يقول د. "وحيد عبدالمجيد" في كتابه "ثورة 25 يناير.. قراءة أولى"، والذي صدر مؤخرًا عن مركز الأهرام للنشر والتوزيع، وينقسم إلى ثلاثة أبواب رئيسية هم: غلق باب الإصلاح وفتح منافذ الإفساد، وفي الطريق إلى الثورة، والثورة جديدها وآفاقها..
جدل الإصلاح والثورة
وأكَّد د. "وحيد عبدالمجيد"- في كتابه أن الثورة لم تكن متوقَّعة، بالرغم من فشل جهود مضنية بُذلت من أجل إصلاح بات مستحيلًا في الأعوام الثلاثة التي سبقتها. فقد أكَّدت التعديلات الدستورية التي تم إقرارها عام 2007 أن باب الإصلاح قد أُغلق نهائيًا، وأن فتح أية ثغرة فيه صار مستحيلًا، وأن الأمل الصغير للغاية الذى لاح من بعيد عام 2005 غدا سرابًا. ومع ذلك، لم يتوقَّع أحد نشوب ثورة تنجح في إسقاط الحكم الذي أوصد كل باب للإصلاح، وحتى عندما نشبت الثورة التونسية ونجحت في إنهاء حكم أحد أبرز الرؤساء المتسلطين، ظل أركان الحكم في "مصر" نائمين علي حرير! ولكنهم لم يكونوا وحدهم، بل جهات غربية رسمية وإعلامية جزمت بأن ثورة "تونس" لن تصل إلى "مصر"، مثل وزارة الخارجية الأمريكية التي رأت أن كرة الثلج التونسية لن تمتد إلى دول أخرى في المنطقة، كما نشرت مجلة "تايم" الأمريكية قائلة إن شباب مصر ليسوا مؤهلين للثورة؛ لأن التعليم الذي تلقوه فقيرًا لا يوفِّر المهارات اللازمة للمعارضة المؤثِّرة.
نظام ديمقراطي حر عادل
وأشار الكاتب إلى أن الشباب عندما فجَّروا ثورة 25 يناير، كانوا أبعد نظرًا عندما رأوا أن الثورة لن تنجح إلا إذا أقصت "مبارك" عن الحكم، لأن بقاءه يهدِّد بالتراجع عن أي تغيير قد يقبله. موضحًا أن الرئيس السابق الذي رفض بشكل متكرِّر إصلاحات صغيرة، قد يقبل تغييرًا أكبر تحت ضغط ثورة شعبية، ولكنه لا يلبث أن يعود عنه حين تنحسر هذه الثورة ويعصف بمن شاركوا فيها وساندوها وتعاطفوا معها. مضيفًا أن من وقفوا مع الثورة لم يقدِّروا الموقف حق قدره حين اعتقدوا أن إجراءً مثل تفويض سلطة رئيس الجمهورية إلى نائبه يمكن أن يكون بداية نهاية النظام، بالرغم من أنه طُرح مبكرًا في بداية أسبوع الثورة الثاني، والذين وجدوا في تلك الصيغة حلًا معقولًا في حينه، على أن تتواصل الثورة بمقدار ما يتوفَّر لها من طاقات إلى أن تحقق هدفها النهائي بإقامة نظام ديمقراطي حر عادل، ولذلك لم يوفَّق من ربطوا صيغة تفويض السلطة بإخلاء ميدان "التحرير".
"مصر" الحرة العادلة
وفي ظل فرق التوقيت الهائل بين "ساعة الثورة" المتدفقة بالحيوية "وساعة الحكم" المتجمدة منذ سنوات طويلة، كما يقول المؤلِّف، جاء بيان التفويض متأخرًا تمامًا بعد ثمانية أيام على طرح صيغته على السلطة، وفارغًا من المضمون؛ فأعطى الثورة المزيد من الطاقة على نحو عجَّل بانتصارها بعد ساعات.. كان المنهج الثوري أبعد نظرًا من المنهج الإصلاحي في الرهان على إسقاط "مبارك" بضربة واحدة، ولكن الإصلاحيين كانوا على حق عندما نبَّهوا إلى أن تنحي "مبارك" أو استقالته أو رحيله لا يكفى لبناء "مصر" الحرة العادلة، وأن الثورة لن تحقق أهدافها بمجرد غيابه عن المشهد، وأن تحرير القصر الرئاسي منه لا يعنى تلقائيًا تحرير المصريين من عصر الظلم والفساد والقهر، وأن الإصرار على خريطة طريق محددة للمرحلة الانتقالية وما بعدها لا يقل أهمية..
"جيفارا" والثورة الكوبية
وأوضح الكاتب أن هناك العديد من الثورات تعثَّرت في الطريق أو "ركبها" انتهازيون وأقصوا الثوريين أو همَّشوا دورهم، ولذلك لم يكن القول المنسوب إلى أكثر من شخصية تاريخية- وهو أن الثورة قد يصنعها مغامرون ويستفيد منها انتهازيون- إلا نتيجة تجارب حافلة بالدروس، ومن بينها تجربة أحد أكثر الثوريين نقاءًا في القرن العشرين "تشي جيفارا" في الثورة الكوبية. فلم يطق "جيفارا" الاستمرار في حكومة الثورة وزيرًا للتجارة والصناعة، بالرغم من أن مشروعه للتنمية كان يمكن أن ينقل "كوبا" إلى آفاق رحبة، ولكن شيوع الانتهازية دفعه إلى الاستقالة، وترك "كوبا" لمواصلة دوره في تفجير الثورة في بلاد أخرى في أمريكا اللاتينية. مؤكِّدًا أن قدرة الانتهازيين على جنى ثمار بعض الثورات ليست إلا إحدى قضايا الخلاف التاريخي بين الإصلاحيين الذين يسعون إلى التغيير عبر إصلاح تدريجي- بشرط أن يكون حقيقيًا- وبين الثوريين الذين يرون أن الثورة هي الطريق إلى تغيير حقيقي. مضيفًا أن أبواب الإصلاح عندما تُغلق لا يبقى غير الثورة طريقًا.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :