بقلم: إسحق إبراهيم
"عسكري" الحزب الوطني المخلص الأمين لبرامجه وأفكاره ومسئوليه، يصد الاعتداءات ويناور ويشن الهجوم الواحد تلو الآخر وبسرعة البراقة، فمشاعر تسبق عقله.
كان يحلم ويشتاق "عبد الرحيم الغول" عضو مجلس الشعب عن دائرة نجع حمادي ورئيس لجنة الزراعة إلى كرسي وزارة الشباب في نهاية التسعينيات لكنَّ رياح التغيير التي هبّت على الحزب زلزلت موقعه وعادت به إلى الصفوف الخلفية خاصة بعدما فقد مقعده البرلماني في انتخابات عام 2000 قبل أن يعود مجددًا في انتخابات 2005، وفي القلب مرارة وحسرة من قادة الحزب الذين تخلّوا عنه في وقت الأزمات.
وللانتخابات قصة مع "عبد الرحيم الغول" حيث كان يفوز بها وبفارق كبير عن منافسيه إلا أن الفلاح المصري "فتحي قنديل" تمكن وبمساعدة الناخبين الأقباط ودعم الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي من هزيمة "الغول" وبالضربة القاضية في انتخابات عام 2000 لكن عاد ونجح الغول مع "فتحي" في انتخابات 2005 والتي صاحبتها اعتداءات وأعمال تخريب قام بها أنصار الغول ضد المحلات التجارية لمسيحيي مدينة نجع حمادي.
"الغول" ارتدى ثوب الدفاع عن الإسلام وبطريقة متطرفة أثارت وما تزال تساؤلات حول آراءه ودوافعه لا سيما أنه يهاجم نواب الإخوان المسلمين أيضًا وبشدة، فالغول يتخذ مواقف متشددة ضد بناء الكنائس حيث كان يتدخل لعرقلة التصاريح الأمنية وشحن الغوغاء ضد أقباط نجع حمادي.
ودخل "الغول" في مواجهتين داخل مجلس الشعب كل منهما تنضح بالتعصب ورفض الآخر والتشدد غير المبرر، المواجهة الأولى كانت منذ أيام مع النائبة "سيادة جريس" التي انتقدت تحت قبة المجلس خطأ الحكومة ومجلس الشعب في إصدار قرار بإعدام الخنازير ووصفته بغير الدستوري.
"الغول" رد: "مش من حقها أن تتكلم في الموضوع، مشيرًا إلى أن البابا شنوده الثالث رجل وطني وأكد خلو الإنجيل من أية دعوة إلى تناول لحم الخنازير".
أما المواجهة الثانية كانت مع النائبة "ابتسام حبيب" حيث اشتعلت الأزمة بعد أن رفض الغول اقتراح ابتسام لتوثيق الزواج العرفي، وأكد أن هذا المشروع أولى أن يقدمه هو أهله من النواب المسلمين وليس نائب مسيحي".. فاعترضت النائبة ابتسام ميخائيل حبيب على طريقة الغول في الكلام وقالت "عيب كده يا سيادة النائب مفيش فرق بين نائب مسلم ومسيحي.. كلنا نسعى إلى خدمة الشعب"، ورد عليها "الغول" بثورة شديدة "أنتي بتدخلي نفسك ليه في مشروع قانون مش بتاعك وللا الحكاية أصلاً أنك عايزة تدخلي للشهر العقاري شوية إيرادات جديدة على اعتبار أنك كنتِ تعملي أمين عام مصلحة الشهر العقاري"، فانفعلت النائبة عليه وقالت: "أنت لم تقرأ الاقتراح ولا تفهمه وأولى بك أن تسمعني قبل أن تتهكم عليَّ" فرد عليها الغول قائلاً: "مش عايز أسمعك خالص".
مواقف "الغول" الصدامية مع زملائه بالمجلس لم تقتصر على النواب المسيحيين فقط بل طالت المعارضين السياسيين والمستقلين فقد اصطدم مع "علاء عبد المنعم" الذي استقال من عضوية لجنة الشئون الدستورية والتشريعية على خلفية أحكام محكمة النقض ببطلان عضوية عدد كبير من أعضاء المجلس، وتقدم بطلب للانضمام إلى لجنة الزراعة والري للاستفادة من خبرات عبد الرحيم الغول رئيس اللجنة!! والذي اعترض بدوره معلنًا عدم ترحيبه بعضوية عبد المنعم في اللجنة.
مؤكدًا أن اللجنة من أهم اللجان في المجلس وتضم أكثر من 120 عضوًا أصليًا واحتياطيًا ولا تسعد بانضمامه إليها.
وغضب "علاء عبد المنعم" من كلام الغول، وقال له إن لجنة الزراعة ليست ملكك وليس من حقك الاعتراض على عضوية أحد النواب إلى اللجنة وإنني طلبت فقط الاستفادة من خبراتك في مجال الزراعة. وأضاف ساخراً: «أنا جاي لجنة الزراعة علشان أتعلم منك في اللجنة كيفية جمع الدودة والقصب وتحميل الزعازيع».
"إننا نرفض توجيه الاتهامات المرسلة للحكومة، وإننا نرفض المزايدة والمتاجرة والأمور المبتذلة" هذه الجملة الشهيرة توصف النقاش والحوار داخل لجنة الزراعة التي يرأسها "عبد الرحيم الغول" ودائمًا ما تشهد الاجتماع بعض المشاحنات الساخنة التي تصل لحدِّ "الردح" والمعايرة وإن لم تخلو من المواقف الساخرة والمديح للحزب الوطني.
وعلى سبيل المثال في إحدى الاجتماعات قال الغول موجهًا كلامه إلى أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة، أمين التنظيم في الحزب الوطني: "ليس غريبًا أن تسعى لزيادة موازنة المحليات.. فأنت يتم إعدادك لتكون رئيسًا لوزراء مصر».
وفي اجتماع آخر حول رئيس لجنة الزراعة والري لقاء اللجنة مع محافظ شمال سيناء والقيادات الشعبية للمحافظة إلى جلسة مديح وانتقادات شملت المعارضة والإعلام وكانت الجلسة مخصصة لعرض مقترحات المحافظة ومشكلاتها على اللجنة.
ووصف "جمال مبارك" أمين لجنة السياسات بأنه قيادتنا التي تربت واكتسبت الخبرة السياسية والقيادية لمدة 24 عام في بيت الرئيس مبارك ثم اختص المعارضة بأن منها المعارضة الشريفة غير الضارة ثم استطرد ساخرًا وقال بالنص: "الحمد لله لا يوجد هنا خنازير وإلا كنّا ذبحناهم"!!