المكانة والدور
مقالات مختارة | بقلم : د. عماد جاد
الثلاثاء ١٩ سبتمبر ٢٠١٧
فى الوقت الذى كان الرئيس عبدالفتاح السيسى متوجهاً فيه إلى نيويورك للمشاركة فى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كانت مصر تستضيف وفدين من حركتى فتح وحماس، وتُجرى بينهما مفاوضات غير مباشرة لإنهاء الانقسام الفلسطينى، وترتيب الأوضاع للمصالحة بينهما وتوحيد الموقف الفلسطينى، تمهيداً لاستئناف مفاوضات التسوية السياسية مع إسرائيل، وفى التوقيت نفسه أيضاً استضافت مصر ممثلين عن الكتل العسكرية فى ليبيا من أجل توحيد الجيش الليبى، وتشكيل قوات مسلحة ليبية تكون بمثابة الجيش الوطنى للبلاد. فى تقديرى أن هذه المفاوضات والاجتماعات التى جرت على الأراضى المصرية إنما تعكس بوضوح استعادة مصر مكانتها وعودتها لممارسة دورها كأكبر دولة عربية وكقوة إقليمية رئيسية، فقد انتهت سنوات التراجع فى المكانة والدور، واستعادت مصر عافيتها بعد أن مرت بسنوات من تراجع المكانة والدور فى عهد «مبارك»، وباتت مجرد تابع للولايات المتحدة فى المنطقة، وجرى الترتيب لبيع مكانة مصر ودورها مقابل مباركة الولايات المتحدة سيناريو التوريث، وجاءت بعدها سنوات التقهقر والتراجع الشديد بفعل ما جرى بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، حيث غرقت مصر فى دوامة من العنف والصراع دفعتها إلى التقوقع والتراجع وتعرّضت لعبث قوى إقليمية وقزمية، تعرّضت لمؤامرات الثعالب، كبيرها وصغيرها، تلك الثعالب مثل تركيا وقطر، عبثت فى كروم مصر، واستغلت سنة حكم المرشد والجماعة، لتحصل على أدق الأسرار التى تتعلق بالأمن القومى المصرى، فقد سرّب «مرسى» ما كان موجوداً فى خزينة رئاسة الجمهورية من خطط تسلح مستقبلية وغيرها من دقائق الأمن القومى المصرى، فقد سرّبها «مرسى» إلى قطر، ومنها أخذت طريقها إلى تركيا، وربما إسرائيل. كان ثمن القضاء على المؤامرة باهظاً، وبعد أربع سنوات من ثورة 30 يونيو عادت مصر لممارسة دور القوة الإقليمية الرئيسية، استعادت مكانتها وعادت لممارسة دورها الإقليمى فى الوقت الذى دخل فيه جميع أطراف المؤامرة على مصر فى مأزق شديد، فتركيا تشهد توترات داخلية وصراعات بين القوى السياسية المختلفة وصلت إلى درجة محاولة انقلاب عسكرى، ودخلت تركيا أيضاً فى أزمات شديدة مع دول الاتحاد الأوروبى، وتكاد تكون أبواب الاتحاد قد أوصدت تماماً فى وجه تركيا، وانتهى حلم دخول الاتحاد الأوروبى. أما قطر فقد تعرّضت لمقاطعة من ثلاث دول خليجية ومصر، وأغلقت سماوات هذه الدول فى وجه الطائرات القطرية، وقطعت كل صلة معها عقاباً لها على دعم الإرهاب والتدخّل فى الشئون الداخلية للدول العربية ودول الجوار الخليجى، ووصل الانقسام إلى داخل الأسرة القطرية الحاكمة مع احتمالات مفتوحة.