الأقباط متحدون - هل صليتم الصلوات الخمس؟!
  • ٠٠:٢٩
  • الاثنين , ١٨ سبتمبر ٢٠١٧
English version

هل صليتم الصلوات الخمس؟!

مقالات مختارة | رباب كمال

٣٧: ١٢ م +02:00 EET

الاثنين ١٨ سبتمبر ٢٠١٧

رباب كمال
رباب كمال

أيها المراؤون، توقفوا عن الدفاع عن الله بقتل الإنسان، ودافعوا عن الإنسان كى يتمكن من التعرف إلى الله.

إنها كلمات الأديب و الشاعر اللبناني جبران خليل جبران (  1883-1923 ) ، لربما فطن الأديب لتلك الحالة التي يعيشها العالم العربي منذ أمد يعيد ، و لربما عاشها من قبل العالم العربي حضارات و بلاد وثقافات و أصحاب عقائد مختلفة ، لكن العالم يتطور و كثير من بلاد  ُعقدت على أراضيها محاكم التفتيش ؛ نهضت لتتحرر من الكهنوت البشري الذي يمثل ظل الله على الأرض و جعلت الإنسان حرًا و جعلت الإنسانية و آدمية البشر مبتغى الدول و الحكومات ..

وفي بلاد الشرق ظهرت لنا تنظيمات مسلحة تنفذ ما أسمته حدود الله بالقتل وسفك الدماء وتحكم على الناس بالكفر وتنفذ الحكم لتتقمص تلك الجماعة دور الشرطة وهيئة المحلفين والقاضي

ثم تأتي معضلة الشرق في صورة أنظمة وحكومات لا تقتل المواطن دفاعًا عن الله؛ وإنما تسجنه فحسب وتحقق معه وتطلب منه نطق الشهادة وبعدها تدعي هذه الأنظمة أنها ليست كهنوتية.

لربما لدينا مفهوم خاطئ عن الكهنوت، لقد ارتبط في أذهاننا براهب يحكم من خلال كنيسة أو معبد، وفي حقيقة الأمر فإن الكهنوت له أشكال مختلفة ومنها أن ترتدي القوانين المدنية عمامة الفقيه، فنجد أنفسنا أمام ضابط شرطة ونيابة عامة وقضاء يحققون ويحاسبون الناس على معتقداتها، أليست هذه محاكم للتفتيش؟

ليس مستغربًا لربما وأنا أكتب هذه الكلمات أن أعلن عن اهتمامي بالملف الديني في مصر، وهو ملف ُيعتبر من يهتم به نخبويًا منفصلا عن الأرض ومشاكل الناس وهذه مغالطة كبيرة، لأن ما ننادي به هو أن تهتم الدولة والأنظمة بالناس ورفاهيتهم ومشاكلهم ولا تحشر أنفها المصون في علاقتهم بالله

سُيرد علينا من يقول أنها ثقافة عامة وليست فقط سياسة أنظمة وأن المشكلة هي تطرف المجتمع، وهنا نرد عليهم لنقول أن الدولة مهمتها هي أن تحرص ألا ُيمارس مواطن الفتونة الدينية ضد مواطن آخر وتحمي المواطن من مواطن آخر متطرف دينيًا و على الدولة أن ترسخ هذه المعتقدات ثقافة وقانونًا وإلا فهي ليست دولة وإنما قبيلة تعيش في المدن وهو الفرق الوحيد بينها وبين القبائل التي كانت تعيش في الصحراء.

هذه الأفكار من وحي ما قرأت عن قضايا ازدراء الأديان في مصر ولفت انتباهي عدة حالات في تقرير صادر عن مؤسسة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية و التقرير يحمل اسم حصار التفكير وصدر في أغسطس عام 2013  .

أكثر حالة لفتت انتباهي هي حالة فتاة تمردت على الأفكار العقائدية النمطية، فانهال عليها شقيقها وعمها  بالضرب وتلقت منهما تهديدات بالقتل ؛ وحاول والدها أن يدس لها السم في الطعام ، ومن ثم أبدعت الأم وقامت بتقديم بلاغ للنيابة في ابنتها بتهمة الإلحاد .

لو كان الأمر بيدي لكنت قد أحلت أسرة تلك الفتاة ذات الـ 18 ربيعًا إلى أعتى وأكبر مستشفيات الطب النفسي، أي أسرة تلك التي تقرر الدفاع عن الله والتقرب منه بتقديم ابنتها قربًانا، لا بد أنها عائلة قد ُجنت وما هذا الجنون والهوس الديني الذي وصل لحد المرض؟

فتحت النيابة فاقوس بمحافظة الشرقية بمصر التحقيقات في 5 أكتوبر 2012 ، نعم الآن قد نتنفس الصعداء وها هي النيابة تحقق في شأن من حاول قتل الفتاة و التعرض لها و تهديدها بالقتل .

يبدو أنني استبقت قراءة التقرير، النيابة فتحت التحقيقات لتسأل الفتاة ذات الـ 18 ربيعًا عن معتقدها الديني، فُسئلت الفتاة أسئلة معتادة مثل هل أنت مؤمنة بالدين الإسلام؟ هل تؤدين الصلوات الخمس؟

ما شأن النيابة بمن يصلي الصلوات الخمس ؟!

مهلا، القصة بدأت لتوها، فالنيابة تحتاج إلى تحريات من شرطة المباحث.

أورد رئيس قسم المباحث في شرطة فاقوس أن المتهمة على خلافات مع أسرتها بسبب ردتها عن الإسلام، كما اتضح من التحريات أنها على علاقة مع شخص آخر يعتنق ذات الأفكار ( لا ديني ) لكنه لا يفصح عنها للعامة .

رغمًا عن ذلك قررت النيابة تقديمها للمحاكمة، حصل الشاب على حكم بالحبس، أما الفتاة واسمها بسمة ربيع، فلقد أحيلت لجلسة لاحقة لتمثل أمام محكمة الطفل لأنها قاصر، هذه واحدة من قصص عديدة مماثلة مملة

في مصر نحقق ونحاكم الناس بسبب المعتقد ونسألهم هل صليتم الصلوات الخمس ؟!

مشاكل مصر لا تنتهي، لكن المهم أن نكون ظل الله على الأرض، وظل الله في النيابة وظل الله في ساحات القضاء…

نحن ندافع عن السماء بينما المواطن ملكوم على الأرض!

قبل أن أكتب هذه الكلمات مررت على مجموعة من المواطنين الذين تبدو على ملابسهم البساطة وعلى وجوههم هموم الحياة، يقفون أمام بوابة مستشفى مكتظين في انتظار الدخول للكشف الطبي …

وكل ما جاء في بالي كان ” هل يا ُترى صلوا الصلوات الخمس ؟!
نقلا عن الموجة

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع