الراهب القس يسطس الأورشليمى 
كثيرا ما نسمع فى بعض الاحاديث الصحفية والتلفزيونية ان العيرانيين هم بناة الاهرام . وهذا الكلام لا يقبله اي قارئ للكتاب المقدس ، وانما يعرف انها اكاذايب ولا اساس لها من الصحة.  فالكتاب المقدس يقدم لنا بعضالامور التى تفند هذه الاشاعة من اصلها.وهى ليست موجودة لا فى كتب علماء التوراه ولا المؤرخين اليهود. وهذه الافتراءت لم تتجاوز خمسين عاما

زمن البناء:   
1- ايوب يتحدث عن بناء الأهرام فىصيغة الماضى فكيف هذا وايوب لم يكون موجودا فى زمان التسخير كما تزعم تلك الاشاعة .

ففى الكتاب المقدس الاصحاح الثالث من سفر ايوب يقول: "لاني قد كنت الان مضطجعا ساكنا حينئذ كنت نمت مستريحا. مع ملوك و مشيري الارض الذين بنوا اهراما لانفسهم. او مع رؤساء لهم ذهب المالئين بيوتهم فضة.او كسقط مطمور فلم اكن كاجنة لم يروا نورا ".
( اي 3 : 13- 16)

حسب أيوب الموت راحة مع ملوك الأرض ومشيريهم، هؤلاء الذين أرادوا تخليد ذكراهم ببناء الأهرامات والمدافن الضخمة الفاخرة، لكن أحدًا ما لم يعد قادرًا على التمييز بين ترابهم. فالأهرامات والذهب والفضة وكل ما خلفوه لم يعد يمثل شيئًا.

2-  ايوب يسبق زمان موسي النبى لانه كما هو ثابت انه من زمن أبراهيم او يعقوب.

3 - من المعروف ان بناء الاهرام كان بين الاسرة الرابعة والسادسةوخاصة هرم خوفو (2550ق.م)فى الدولة القديمة وزمن خروج بنى اسرائيل من مصر كان تقريبا فى الاسرة التاسعة عشر فى الدولة الحديثةاي بعد حوالى الف وثلاثمائة سنة وبالتحديدفى عصر مرنبتاح (1213 - 1203ق.م )ابن رمسيس الثانى استنادا إلى نص هيروغليفىمدون على لوحة النصرالخاصة بهذا الملك والذى جاء فيها "ان اسرائيل دمرت واستؤصلت بذرتها " لانه النص الوحيد الذى ورد فيه اسم اسرائيل على الاثار المصرية.

وقد دونت على بردية تعرف باسم بردية ليدن الأولى رقم349 (سطر رقم 7) وقد جاء فيها أن هذا الملك استخدم العبرانيين فى جر الأحجار اللازمة لبناء معبده ، وهذا النص المصرى جعل علماء المصريات يرون ان رعمسس الثانى هو فرعون التسخير اي الذى سخر بنى اسرائيل في "بناء مدينتى رعمسس وبيتوم " طبقا لما ورد فى التوراه

سفر أيوب:
واضح أن سفر أيوب كُتب قبل موسى النبي، حيث لم يشر إلى خروج إسرائيل من مصر حيث خلصهم الله من مرارة عبودية فرعون، ولا أشار إلى الناموس ، وجاء في النص السبعيني ملاحظة أن أيوب حسب التقليد هو يوباب الملك الثاني لأدوم، الوارد في تكوين 36: 33.

لقد كان أيوب وأصدقاؤه من أبناء الشرق، يعيشون على حدود الجزيرة العربية وبلاد أدوم التي هي أرض الحكماء، في أرض عوص ، اسم عوص مشتق من كلمة "يعص"، وتعني بالعربية "يعظ"، وقد اشتهر سكان تلك المنطقة بالكلام والوعظ والحكمة.

كان بِكر ناحور شقيق إبراهيم يُدعى عوص  ، يرى البعض أنه من نسل إبراهيم لكنه لم يأتِ من نسل إسحق، بل من أبناء قطورة زوجة إبراهيم الثالثة الذين صرفهم شرقًا إلى بلاد المشرق وبالإجمال لم يكن أيوب إسرائيليًا بل أمميًا، ومع ذلك لم يكن في الأرض نظيره في التقوى.

أيوب في أدب الحاخاميRabbinical Literature

نظرًا لأهمية سفر أيوب اهتم التلموديون Talmudists اهتمامًا زائدًا بالشخصية الرئيسية للسفر. كل الحاخامات باستثناء اثنين فقط يؤكدون أن أيوب شخصية تاريخية واقعية، وإن كانوا قد اختلفوا في تحديد الزمن الذي عاش فيه كما اختلفوا في تحديد جنسيته.

1. يرى بار كابارا Bar Kappara  أن أيوب عاش في عصر إبراهيم.

2. يرى أبا كاهانا Abba Kahanaأنه عاش في أيام يعقوب، وأنه تزوج دينا ابنته.

3. ر. ليفي R. Levi قال بأنه عاش في أيام أبناء يعقوب، كما قال على لسان يوسي هالافتا Yose b. Halafta.

وبحسب الترجوم كان اسم أيوب أحد سبعة أسماء منقوشة على السبعة فروع للمنارة الذهبية.

مكانتواجدالعبرانيين :
هناك من قال في صوعن أي تانيس (مز 78: 12) عاصمة الهكسوس. وكانت رعمسيس ضاحية لهذه العاصمة، إذ كان العبرانيون يعملون مخازن مدينتيّ فيثوم ورعمسيس (خر 1: 11)

1- هم سكنوا في جاسان شرق دلتا النيل  والاهرام كانت غرب النيلِ اسفل الدلتا
2- لم يذكر ان ارض جاسان كانت موضع بناء مقابر للملوك
3- لم يحددوا لنا هل قاموا ببناء هرم واحد ام كل الاهرام

ومن المعروف ان يوسف أعلم أباه وإخوته أنه يصعد ليخبر فرعون بحضورهم، وأوصاهم أن يخبروا فرعون بعملهم كرعاة غنم حتى يسكنوا في جاسان ( تك ٤٥ : ١٠).

1- أن يكونوا في أقرب موقع نحو كنعان... وكأنه أراد لهم حتى في غربتهم أن يكون قلبهم متهيئًا للرحيل إلى أورشليم.

2- لكي لا يتعرضوا لازدراء المصريين بهم، إذ كانوا يحسبون رعاية الغنم رجاسة، فباعتزالهم في جاسان لا يحتكون بهم.

فأسكن يوسف أباه واخوته في أرض رعمسيس، أي أرض "ابن الشمس"، ويقصد بها جزء من أرض جاسان، ربما كانت المنطقة التي بها صان الحجر الآن ، وقد بنى فيها العبرانيون لفرعون مدينة رعمسيس (خر ١: ١١)، وربما كانت تحمل هذا الاسم من قبل بناء المدينة.

مادة البناء: 
1 - يذكر الاصحاح الخامس من سفر الخروج ان المادة المستخدمة فى التسخير هى اللبن (من الطين والتبن)

" فامر فرعون في ذلك اليوم مسخري الشعب و مدبريه قائلا- لا تعودوا تعطون الشعب تبنا لصنع اللبن كامس و أول من أمس ليذهبوا هم و يجمعوا تبنا لانفسهم- و مقدار اللبن الذي كانوا يصنعونه أمس وأول من أمس تجعلون عليهم لا تنقصوا منه فانهم متكاسلون لذلك يصرخون قائلين نذهب و نذبح لالهنا- ليثقل العمل على القوم حتى يشتغلوا به ولا يلتفتوا الى كلام الكذب " .(خر 5: 6 - 9 )

2 - اما مادة بناء الاهرام :قطعت الحجارة الجيرية التي استخدمت في بناء الهرم الأكبر من المنطقة المحيطة بالهرم وحجارة الكساء الخارجي من منطقه جبل طره والحجارة الجرانيتيه المستخدمة في الغرف الداخلية من محاجر أسوان وكانوا يأتوا بها عن طريق نهر النيل الذي كان يصل إلى منطقة الهرم في ذلك الوقت. كانت الحجارة تقطع وتفصل عن بعضها عن طريق عمل فتحات على مسافات متقاربة في قطعة الحجارة المراد قطعها ثم يتم دق بعض الأوتاد الخشبية فيها والطرق عليها مع وضع الماء عليها، وكلما تشرب الخشب الماء ازداد حجمه داخل قطعة الحجر ومع استمرار الطرق عليها تنفصل عن بعضها ثم يتم تهذيبها وصقلها باستخدام نوع حجر أقوى مثل الجرانيت أو الديوريت.

استخدم المصريون القدماء طريق رملي لبناء الأهرامات حيث توضع قطع الحجارة على زحافات خشبية أسفلها جذوع النخل المستديرة تعمل كالعجلات ويتم سحب الزحافات بالحبال والثيران مع رش الماء على الرمال لتسهل عمليه السحب، وكلما زاد الارتفاع زادوا في الرمال حتى قمة الهرم ثم يتم كساء الهرم بالحجر الجيري الأملس من أعلى إلى أسفل وإزاله الرمال تدريجيًا.

تاريخ الخروج:
اختلف العلماء في تحديد تاريخ الخروج.كما اختلفوا ايضا فى تحديد مكان العبور حيثيذهب كثير من العلماء إلى أن الخليج كان ممتدًا في أيام موسى إلى منطقة البحيرات المرَّة على هيئة مستنقع ماء. ويرى البعض أن العبور كان بالقرب من الإسماعيلية، وآخرون أنه بالقرب من السويس.

1 - تم الخروج في القرن السادس عشر قبل الميلاد. نادى بهذا الرأي مانيثو المصري حوالي عام 250 ق.م. إذ رأى أن العبرانيين قد طُردوا مع الهكسوس ، لكن هذا الرأي لا يتفق مع الاكتشافات الحديثة ولا مع النصوص الكتابية الواردة في
(خر 1: 11، 12: 40، 1 مل 6: 1)

2 - تم الخروج حوالي عام 1290 ق.م. أثناء حكم رمسيس الثاني. يرى أصحاب هذا الرأي أن الضيق حلّ بالشعب اليهودي أيام سيتي الأول (1309-1290 ق.م). واستمر في عهد خلفه رمسيس الثاني (1290 –1224 ق.م). اعتمدوا على أن بني إسرائيل بنوا مخازن مدينتيّ فيثوم ورعمسيس قائلين: أن اسم "رعمسيس" هو اسم فرعون الذي تم الخروج في عصره. لكن لا يمكن الأخذ بهذا الرأي، لأنه يحتمل أن يكون الاسم قد استخدم في عمر سابق لزمن رمسيس الثاني بزمن طويل.

3 - تم الخروج في عصر يَفتاح حوالي عام ( 1230 ق.م ) . وقد اعتمد أصحاب هذا الرأي خطأ على النصب التذكاري الذي أقامه يَفتاح، والذي يذكر فيه الانتصار على إسرائيل وغيره من الأمم التي تقطن في فلسطين في ذلك الوقت. والحقيقة أن وجود مثل هذا النصب إنما يؤكد العكس أن إسرائيل قد خرج منذ زمن واستقر في فلسطين وبعد ذلك تمت الحرب.

4 - الرأي الأرجح أنه تم حوالي عام 1447 ق.م. أثناء الأسرة المصرية الثامنة عشر، أيام تحتمس الثالث، أو في زمن أمنوفس الثاني. هذا يتفق مع قضاة (11: 26)، إذ يذكر يَفتاح الذي عاش حوالي عام 1100 ق.م. أن ثلاثمائة سنة قد انقضت على دخول العبرانيين الأرض أي دخلوها حوالي عام 1400 ق.م. فإذا أُضيفت إليها الأربعون عامًا التي قضوها في البرية لكان تاريخ خروجهم حوالي عام 1440 ق.م.

يتفق هذا الرأي أيضًا مع ما ورد في (1 مل 6: 1) أن بيت الرب قد بُنيَ في السنة الأربعمائة والثمانين لخروج الشعب من مصر. فإن كان قد بدأ سليمان في بناء الهيكل عام 967 أو 966 ق.م. يكون الخروج قد تم حوالي عام 1447 ق.م.

ويتفق هذا التاريخ أيضًا مع الاكتشافات التي ظهرت في أريحا وحاصور، ومع ما ورد في لوحات تلّ العمارنة، التي تتحدث عن شعب قادم إلى أرض فلسطين في هذا التاريخ تقريبًا، أو بعده بزمن قليل.

الخلاصة
مما سبق يتضح لنا ان العبرانيين لم يكن لهم اي صلة مباشرة ببناء الاهرامات من قريب او بعيد فهي اقدم من زمن دخولهم مصر . والفترة التي تواجد فيها العبرانيون كانت فترة تسخير في بناء المدن بالطوب اللبن، ولم يتم استخدامهم في مبان مادة بناءها الاحجار كالاهرامات.هكذا تم الرد علي هذا السؤال وتفنيده من خلال عدة نقاط .

 وكانت البداية سفر ايوب الذي ذكر فيه كلمة الاهرام. وتتبعنا تاريخ تواجد ايوب الذي كان اقدم من تواجد العبرانيين في مصر .
وبحثنا في نقطة تسخير العبرانيين في البناء التي ذكرت في سفر الخروج لنؤكد انهم قاموا بعمل الطوب اللبن  ولم يكن لهم صلة بالاحجار مادة بناء الاهرامات.

وذكرنا ان مكان تواجد العبرايين  في ارض مصر كان جاسان شرق دلتا النيل  والاهرام كانت غرب النيلِ اسفل الدلتا.وتاريخ خروج بنى اسرائيل من أرض مصر.

وهكذا ندحض المقولة التي انتشرت في بعض الاوساط ان العبرانيين هم بناة الاهرام من خلال الكتاب المقدس.

كاتب وباحث فى التاريخ المسيحى والتراث المصرى