الأقباط متحدون - أزمة بورما.. والأزهر الذى نعرفه!
  • ٠٣:٠٧
  • الاربعاء , ١٣ سبتمبر ٢٠١٧
English version

أزمة بورما.. والأزهر الذى نعرفه!

مقالات مختارة | د. محمد صلاح البدرى

٢٢: ٠٨ ص +02:00 EET

الاربعاء ١٣ سبتمبر ٢٠١٧

د. محمد صلاح البدرى
د. محمد صلاح البدرى

ربما لم أشعر من قبل بالفخر والعزة لوجود مؤسسة الأزهر على أرض هذا الوادى الطيب مثلما شعرت وأنا أستمع إلى كلمة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إزاء ما يحدث لمسلمى الروهينجا فى بورما -ميانمار- منذ فترة ليست بالقصيرة.. ففى ذلك البيان القوى -الذى صدر بشأن حدث دولى ربما للمرة الأولى منذ زمن بعيد- الكثير مما يجعلنا نطيل التأمل والنظر.. بل والتحليل العميق أيضاً..!

إنها بورما.. أو ميانمار.. تلك الدولة الصغيرة التى تقع فى جنوب شرق آسيا.. والتى تحمل على أرضها خليطاً من المسلمين والمسيحيين والبوذيين.. تلك الدولة التى لم نسمع عنها سوى أن هناك اضطهاداً دينياً للمسلمين هناك منذ فترة بعيدة..! البعض يؤكد على ذلك.. والبعض يكذبه تماماً.. بل إننى أعرف من سافر إلى ميانمار بالفعل من قبل.. ويحكى أن عاصمتها تمتلئ بالمساجد التى يرتفع فيها صوت الأذان بحرية كاملة.. بينما ينشر البعض الآخر صوراً لأشلاء بشرية.. وعمليات قتل وحشى.. تشى بأن هناك كارثة تحدث فى هذا الركن من العالم!! وبين كلا الطرفين.. يقف البعض -ومنهم أنا- حائراً يبحث عن الحقيقة فلا يجدها!!

فى البداية ينبغى أن نعترف أن دفن الرؤوس فى الرمال هو السبيل دوماً لانتشار الشائعات.. وهى البيئة الخصبة التى يترعرع فيها تجار الأديان لترويج تجارتهم بين العامة.. لذا فإن تجاهل كل ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعى من حملات للتضامن مع مسلمى بورما.. وغض البصر عن ذلك الجدل الذى دار بين فريقين أحدهما يرى أنها إبادة عرقية.. والآخر ينظر إليها كصراع سياسى مسلح بين فريقين.. هو السبيل لتلك الجماعات المستترة خلف ستار الدين.. لبذر الفرقة بين صفوف أبناء الوطن الواحد.. وربما هى الفرصة الذهبية أيضاً لجمع التبرعات التى نعلم جميعاً أين تذهب.. ولاستقدام «مجاهدين» لبورما من كل أنحاء العالم الإسلامى.. لنصل فى النهاية إلى أفغانستان جديدة.. يعلم الله وحده ما ستقدمه لنا من إرهاب!!

البيان كان عظيماً لأسباب متعددة.. أولها أنه أغلق الباب أمام الاجتهادات والنقاش العبثى على مواقع التواصل الاجتماعى وغيرها بشأن حقيقة ما يحدث فى تلك الأراضى البعيدة.. هناك فصيل من البشر تتم إبادتهم وتهجيرهم على أساس دينى وعرقى.. هذا هو الثابت فى الأمر.. لا يهم أن نعرف إن كان هذا لصراع سياسى.. أو محاولات للانفصال أو غيرها.. فالنتيجة أن هناك من يموت لمجرد أنه مسلم!!

لقد نجح الأزهر فى حسم القضية الجدلية.. وندد بقوة وصراحة بسلوك حكومة ميانمار.. كما أنه أعلن عن جهوده السابقة التى بذلها لتجميع الفرق المتناحرة فى بداية هذا العام على أرض الكنانة.. وكأنه يعلن للجميع أنه ليس بعيداً عن الأزمة منذ بدايتها.. وأنه لم يخرج بيانه حفظاً لماء الوجه.. بعد أن أعلن بابا الفاتيكان نفسه عن تضامنه مع مسلمى الروهينجا..!

كما أن البيان -الذى ألقاه شيخ الأزهر بنفسه- قدم سبيلاً شرعياً ورسمياً لمناصرة مسلمى الروهينجا للعامة الذين تحركهم عواطفهم الدينية والإنسانية.. بدلاً من أن يقعوا فريسة لجماعات الشر المتأسلمة.. وتجار الدين المحترفين.. ليتاجروا بالقضية كما يحلو لهم.. لقد خرج البيان قوياً واضحاً.. يحمل فى طيات كلماته غضباً شعبياً بين المصريين جميعاً.. ويدعو بشجاعة كل الأطراف الدولية التى لم نسمع لها صوتاً هذه المرة.. بينما يملأون الدنيا صراخاً إذا تم الاعتداء على فصائل أخرى فى بقاع مختلفة من العالم..!

لقد تحمل الأزهر مسئوليته التاريخية نحو ذلك الحدث الجلل... دون أن يتخذ من الألفاظ المتوارية سبيلاً للوقوف على الحياد.. أو الدعوة للسلام ووقف النزاع فحسب!

إنه الأزهر الذى نعرفه.. أو الأزهر الذى ينبغى أن يكون..!
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع