الأقباط متحدون - الإعلام وأزمات الوطن
  • ٠٤:٣٥
  • الاربعاء , ١٣ سبتمبر ٢٠١٧
English version

الإعلام وأزمات الوطن

مقالات مختارة | د. عماد جاد

٢٠: ٠٨ ص +02:00 EET

الاربعاء ١٣ سبتمبر ٢٠١٧

د. عماد جاد
د. عماد جاد

يتابع العالم مسار الإعصار المدمر «إيرما» الذى يجتاح الكاريبى والشواطئ الجنوبية للولايات المتحدة وتحديداً ولاية فلوريدا، وتكاد تتصدر أخبار الإعصار نشرات الأخبار فى شتى أنحاء العالم كما أنها تتصدر مواقع التواصل الاجتماعى، وفيما عدا مجموعات فاقدة للحس الإنسانى والشعور البشرى وتحديداً فى منطقتنا فإن الغالبية العظمى من المتابعين يقيمون الصلوات ويتوجهون بالدعاء إلى الله أن يمر الإعصار بسلام وأن يكون ضحاياه فى الحد الأدنى، فهو فى النهاية كارثة طبيعية يمكن أن تصيب أى منطقة فى العالم، فإن لم تكن الأعاصير فهناك الزلازل والبراكين والسيول التى تعصف بالبشر والحجر، وهناك الكوارث التى يصنعها البشر مثل ما يجرى فى منطقتنا من إرهاب وعنف وفوضى تقف وراءها جماعات ومنظمات ودول، عموماً لا ينظر الإنسان المتحضر إلى دين أو طائفة وعرق من يتعرض للكوارث بل يتعاطف الإنسان مع أخيه الإنسان بصرف النظر عن اللون والعرق واللغة والدين والطائفة.

أما على صعيد الدولة التى تتعرض لمثل هذه الكوارث فعادة ما تتولى إدارة الأزمات هناك التعامل مع الموقف، تقدير دقيق لمسار الإعصار، قوته واتجاهاته، وتبدأ مبكراً فى الاستعداد للتعامل مع الكارثة قبل وقوعها، وهنا حشدت الدولة الأمريكية كافة طاقاتها لإخلاء السكان من مسار الإعصار، وتولت نقل نحو سبعة ملايين إنسان، تعاملت معهم كمواطنين مسئوليتها حمايتهم وتوفير الدعم اللازم لهم، وقامت وسائل الإعلام الأمريكية وعلى رأسها قناة سى إن إن بتغطية مستمرة على مدار الساعة للحدث، وتولت القناة ومراسلوها فى موقع الأحداث تقديم تغطية مباشرة واعتبرت البلد فى أزمة ومن ثم قدمت كل ما يمكنه المساعدة فى توعية المواطنين بخطورة الموقف وقامت بتغطية حملات طرق الأبواب التى قام بها البوليس الأمريكى فى المناطق المعرضة للدمار وسجلت بشفافية كاملة الحوارات التى جرت بين ضباط البوليس الأمريكى والمواطنين والجهود التى بذلها رجال البوليس الأمريكى لإقناع المواطنين بالرحيل حتى يكونوا فى مأمن من غدر الإعصار، الملاحظ هنا أن كافة وسائل الإعلام الأمريكية وقفت خلف الدولة الأمريكية وتناست خلافاتها مع الرئيس وإدارته، فلم توجه أى وسيلة إعلامية أى نوع من النقد للرئيس الأمريكى دونالد ترامب وإدارته، بل تولت نقل تعليمات السلطات التنفيذية بدقة وأمانة وطلبت من المواطنين أن يحملوا معهم أكبر قدر ممكن من المؤن التى تكفى لإعاشتهم، وعندما اشتكى بعض المواطنين من عدم توافر بعض المؤن والمواد ردت السلطات هناك بالقول إننا لم نعد المواطنين بتوفير منتجعات سياحية، أى إن السلطات وعدت بتوفير ملاذات آمنة، وسبق لها وطلبت من المواطنين إحضار ما بمقدورهم من مؤن ومواد غذائية لمساعدة الدولة على تدبير احتياجات غير القادرين، تولت وسائل الإعلام الأمريكية المختلفة نقل هذه التفاصيل بأمانة ودقة، لم تستغل وسائل الإعلام المعادية للرئيس وإدارته الأزمة فى توجيه النقد للإدارة أو اتهامها بالتقصير، بل قفزت فوق الخلافات والاختلافات السياسية ووضعت مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، وهو درس من الإعلام الأمريكى فى كيفية التمييز بين محنة وطن وخلافات سياسية، فعندما يكون الوطن فى أزمة أو محنة تتراجع الخلافات والاختلافات ويتوحد الجميع من أجل العبور بالوطن إلى بر الأمان، هكذا تعامل الإعلام الأمريكى كله مع أزمة إعصار إيرما وتفاعل معها بإيجابية مقدماً مصلحة بلاده على أى مصالح أو اعتبارات أخرى، فخسيس من يستغل محنة وطن فى تصفية الحسابات السياسية، وأعتقد أننا بحاجة ماسة لتدريس نموذج تعامل الإعلام الأمريكى مع أزمة إعصار إيرما لكل من يقف أمام كاميرا فى بلادنا ويطلق عليه مسمى مذيع.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع