الأقباط متحدون - يا وزير التعليم كتاب التاريخ هو قاتل التطرف!
  • ٠٤:٠٣
  • السبت , ٩ سبتمبر ٢٠١٧
English version

يا وزير التعليم كتاب التاريخ هو قاتل التطرف!

مقالات مختارة | بقلم:خالد منتصر

٥١: ١٠ م +02:00 EET

السبت ٩ سبتمبر ٢٠١٧

أرشيفية
أرشيفية

 رسالة الأمس إلى وزير التعليم عن نظرية التطور هى مجرد حجر فى بناء كبير اسمه تعليم التفكير النقدى، والعلم ليس هو المجال الوحيد للتفكير النقدى المتسائل، الشكاك، المتمرد، لكن التاريخ أيضاً هو مجال خصب للتفكير النقدى، وأنا أعتبر ببساطة أن تدريس التاريخ بصورة صحيحة لطلاب المدارس هو حزام الأمان ضد حوادث التطرف، قراءة التاريخ الصحيحة بكل أطيافها ووجهات نظرها هى أول خطوة فى طريق القضاء على التطرف، لأن المتطرف ببساطة إنسان يريد استعادة الماضى الذى يتخيله ذهبياً ويحسبه الفردوس المفقود، لكنه عندما يقرأ المسكوت عنه فى التاريخ ويعرف أن كل هؤلاء بشر تخاصموا وتحاربوا وتآمروا، تصرفوا باختصار كبشر لهم الأخطاء والخطايا وليس كأنبياء لهم القداسة والتقديس، هنا تخفف حدة الأمور وتقسيمة الأبيض والأسود ويظهر الرمادى الرحب المستوعب لكل الاختلافات، المهم أن ندرّس التاريخ للطلبة بأسلوب مختلف عن أسلوب دليل التليفون، فكما أن دليل التليفون فيه الشخص وأمامه الرقم، كذلك كتب التاريخ المصرية والعربية المدرسية هى عبارة عن القائد وتاريخ الحملة أو الغزوة أو تاريخ الجلوس على العرش فقط!!، تاريخ بارد مسلوق ليس فيه حرارة الحياة ودفء التفاصيل وحيوية الدراما، التاريخ ليس تاريخ القادة والزعماء فقط، ولكنه أيضاً تاريخ الحرافيش والناس والبشر، وثائق التاريخ ليست المعاهدات العسكرية فقط، ولكنها من الممكن أن تكون النكت وصفحات الوفيات ومواويل الحكاء الشعبى ومحاضر البوليس وخطابات العشاق وتصاريح الدفن!! التاريخ ليس طعاماً صحياً يقدم لمريض فترة النقاهة فى مستشفى، لكنه وجبة متنوعة تقدم بـ«عبلها» وتيفودها وإسكارسها!! التاريخ ليس دليل تليفون ولكنه دليل مستقبل، من لا يستوعب ماضيه لن يستطيع بناء وتشكيل حاضره أو رسم ملامح مستقبله، التاريخ توثيق وتسجيل، التاريخ عين كاميرا مفتوحة 24 ساعة، المهم التسجيل الأمين والتوثيق المحايد، ثم يأتى منهج التحليل التاريخى حسب المدرسة الفكرية التى ينتمى إليها الباحث التاريخى، ممكن أن يستخدم العدسة الماركسية فى الرؤية، وممكن أن يستخدم العدسة الفرويدية أو البنيوية.. إلخ، يستخدم الباحث ما يحلو له من مناهج تحليل تاريخية، لكن المهم والأصيل أن يعرض المعلومة والحدث بأمانة ولا يلوى عنق الأحداث لصالح اتجاه بعينه، يجب ألا يُغفل حدثاً لأنه لا يخدم وجهة نظره، أو يضخم من حدث آخر لأنه مفيد له فى التأثير على الناس والتخديم على انتمائه السياسى. وبالطبع لا بد للباحث التاريخى أن يمتلك جسارة رفع الغطاء عن المسكوت عنه فى التاريخ، سواء المسكوت عنه لأسباب دينية أو سياسية. أتذكر وقت أن كنت أشاهد أغنية «عبدالوهاب» فى فيلم «غزل البنات» وأنا طفل وخلفه على الحائط صورة عليها خطوط سوداء لطمسها، وكنت أسأل أبى هو الفيلم بايظ ولا إيه؟!، كان صوته الهامس المرتعش يرد بحرص وهو يتلفت حوله «دى صورة الملك». لم أعرف أن هناك رئيساً اسمه محمد نجيب سبق «عبدالناصر» إلا بعد تولى «السادات» الحكم. لا تقع معالى وزير التعليم فى فخ الشطب الانتقائى فى كتب التاريخ، فمحاولات الشطب والطمس الساذجة سواء لصورة «مبارك» فى بانوراما أكتوبر أو «الشاذلى» فى نفس البانوراما هى أفعال لا تتناسب مع نضج شعب يحاول الإفلات من قبضة التخلف والتطرف والإرهاب، فلندرس التاريخ دون انتقائية ودون جراحات تجميل وجلسات ماكياج، ولنطلب من الطلبة أبحاثاً حول فترة تاريخية معينة وليكن عليها درجات فى التقييم النهائى، ولا بد من الاهتمام بالفترات التاريخية المنسية عمداً مثل التاريخ القبطى، التاريخ صمام أمان ضد تجنيد مزيفى الوعى فى كتائب التطرف، فبداية تزييف الوعى هى تزييف التاريخ.

نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع