الأقباط متحدون - «العيّل بييجى برزقه»
  • ٠٨:٢٩
  • الجمعة , ٨ سبتمبر ٢٠١٧
English version

«العيّل بييجى برزقه»

مقالات مختارة | رامى جلال

٥٣: ٠١ م +02:00 EET

الجمعة ٨ سبتمبر ٢٠١٧

رامى جلال
رامى جلال

يعانى العالم زيادة غير منتظمة وغير مدروسة فى عدد سكانه (زيادة مواليد، نقص وفيات، ثبات موارد)، وهى محددات ستلتهم الكوكب وينتج عنها، بشكل أو بآخر، حقبة سادسة من الانقراضات الجماعية الكبيرة، لأنه لا أحد يقف ضد الطبيعة، وهى ستوازن الأمور وتنقذ نفسها.. نظريات كثيرة تبحث الأمر، منها نظرية مصرية غيبية تقول إن «العيل بييجى برزقه»، ومع إيماننا أن رزق ابن آدم مكتوب ومقدَّر، فإننا لا نعلم بالضبط علاقة هذا بجودة تعليم ابن آدم وصحته وسكنه وغيرها من متطلبات حياته الكريمة.

من المفترض أن تكون معدلات النمو الاقتصادى أكبر ثلاث مرات من معدل الزيادة السكانية (معدل النمو فى مصر 4.1%، ومعدل الزيادة 3%)، مصر تتجه إلى 140 مليون نسمة خلال السنوات الـ15 القادمة.. كل ذلك بينما أصحاب نظرية «العيل بييجى برزقه» يطرحون أمثلة دول كالصين والهند، وبهما نصف سكان العالم، أو اليابان منعدمة الموارد، كدلالة على صحة النظرية.. والحقيقة أن هذا تسطيح للأمور، قد تعمقه النقاط الأربع التالية:

1- الصين: نحو 1400 مليون نسمة.. الصين دولة ضخمة ذات موارد كبيرة، فمساحتها نحو 10 أضعاف مساحة مصر (ولاحظ أن مصر كلها تعيش على نحو 7% فقط من مساحتها).. حجم الرقعة الزراعية فى الصين هو 1270 ألف كيلومتر مربع، وهذا يساوى مساحة مصر بالكامل مرة وربع!

الصين أكبر دولة فى العالم من حيث مساحة المراعى (266 مليون هكتار)، وهى صاحبة المركز الأول عالمياً فى احتياطيات الفحم (نحو ألف مليار طن).. فضلاً عن 12% من إجمالى الاحتياطات العالمية من الثروات المعدنية الثالثة عالمياً)، مع احتياطيات ضخمة من البترول والغاز الطبيعى.. وأخيراً: الصين، مع كل تلك الموارد، أقرت قوانين شديدة الصرامة للحد من الإنجاب!

2- الهند: نحو 1300 مليون نسمة، وهى بالفعل بلد العجائب والمتناقضات، دولة غنية وشعب فقير.. معدل نمو عالٍ (8%)، وملايين الفقراء فى الشوارع.. الفقر هناك هو المشكلة المزمنة الأولى خلال ستة عقود من الاستقلال، 70% من السكان يعيشون فى الريف، وواحد من كل اثنين منهم تحت خط الفقر المدقع، و55% من سكان الدولة تحت خط الفقر طبقاً لمؤشر الأمم المتحدة للفقر.. الهند لديها 240 مليون مواطن يعيشون دون كهرباء، و840 مليون مواطن دون إنترنت، و46% من أطفال الهند يعانون سوء التغذية، و67% من القرى الهندية دون صرف صحى، وبشكل عام فإن 720 مليون هندى (60%) ليس لديهم هذا الصرف الصحى من الأساس.. الهند دولة تحتاج للتخلص من نصف سكانها مثلاً!

3- اليابان: نحو 130 مليون نسمة، مجموعة جزر منعزلة فى المحيط الهادى، بلا موارد طبيعية، مساحتها ثلث مساحة مصر، وثلاثة أرباع تلك المساحة غير صالحة للحياة، بها أكثر من 100 بركان نشط، وتتعرض لزلازل مدمرة، وخرجت بعد الحرب العالمية الثانية مدمَّرة بفعل القنابل الذرية، وهى الآن ثالث أقوى اقتصاد عالمى، لأنها ببساطة استثمرت فى الإنسان، وحولت العمل لقيمة اجتماعية، وغاية وليس وسيلة.

4- الخلاصة هى أن زيادة عدد السكان دون موارد قد يساوى المجاعة، وزيادة السكان مع موارد قد تجعلهم ثروة بشرية، ولكن النقطة الجوهرية تكمن فى «نوعية البشر»، لأنه لا قيمة لإضافة أفراد مستهلكين، لكن إضافة الأفراد المنتجين هو الثروة الحقيقية، والشخص المُنتج لا بد أن يكون قادراً ومؤهلاً، والدولة هى مَن توفر له هذا التأهيل، إذن فالتنمية هى أولاً قرار دولة، دون علاقة كبيرة لذلك بالموارد والسكان.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع