"الجماعة " نور هذا الكون إن هو أظلما !!!!
مدحت بشاي
السبت ٢ سبتمبر ٢٠١٧
مدحت بشاي
في حلقة بديعة من برنامج تليفزيوني أبدى "سعد الصغير " نجم الليالي الملاح دهشته لقول ضيف البرنامج الفنان هاني شاكر أن الفن رسالة ، وسؤال النجم الكبير أي رسالة في فن الصغير؟..فكان رده تلقائياً عفوياً .. "أي رسالة يتحدث عنها فناننا العظيم ، الحكاية ببساطة إن عم " هاني " لم يسبق له نزول الشارع .. رسالة إيه ، أنا كنت طبال ورا مطرب ولما غاب وكنا هننضرب في الفرح غنيت وهيصت ورقصت وأنا لا كان ليه في الطرب ولا الرقص لكن الناس شجعتني وفرحوا بيا وغنوا معايا .. ومن ساعتها وأنا سايق فيها ..تفتكر كنت استنى حكاية الرسالة دى ولا أدور على بسلامتها ، أنا راجل صادق مع نفسي ما بغنيش للحلم العربي والتوهان ده ، وأنا عمري ما عملت حاجة لمصرأو العرب !! " ..
أوافق سعد الصغير فيما ذهب إليه حول حكاية رسالة الفن والفنانيين التي يتم ترديدها بوعي أحياناً ، وبغير وعي في كثير من الأحيان ، وكان ينبغي إدراك أن الواقع والمناخ الردئ لابد يفرز فنوناً وثقافات وسلوكيات تتسق في الرداءة مع التجليات السلبية لواقع وظروف ومتغيرات أحوال الناس ..
وهنا أرى أن الفنون بشكل عام ، والدراما التليفزيونية بشكل خاص ورسالتها المؤثرة والفاعلة في إمكانية إحداث تغيير ما في أنماط سلوكيات وثقافات الناس في بلادي من حال إلى حال أفضل ، أمر ممكن بشرط امتلاك أصحاب تلك الإبداعات ، بالإضافة للموهبة الرصيد المعرفي والفكري بتاريخ وحضارة ومكتسبات وانكسارات الشعب الموجه إليه مثل تلك الإبداعات والفنون بصدق ، ودون الوقوع تحت تأثير توجهات أيديولوجيه أو عقائدية تنال من موضوعية السرد والحكي ، ومهنية وحرفية صناعة دراما للبناء وصياغة مفاهيم وذهنية جديدة لشعب صار من غير المقبول استمرار اتهامه بعدم النضج ..
ولعل دراما " الجماعة " في الجزء الأول للكاتب المبدع " وحيد حامد " خير مثال إيجابي على ما ذكرت من مواصفات الإبداع والمبدع الذي نأمل شيوعه إذا كنا بحق ننشد أن يكون لفنوننا المساهمة المأمولة في إحداث التطوير والتنمية عبر قراءة موضوعية لأحداث الماضي بعيون تستشرف المستقبل ، وبرؤية تتمتع بحرية الفكر دون قيود مكبلة لاقتحام أصعب وأوعر مناطق التناول عندما نقوم بفض أحراز أكثر القضايا حساسية وإثارة للحروب التكفيرية ..
o وحيد حامد دون أبناء جيله من الكتاب الكبارهو الوحيد فيما أعتقد الغير محسوب الانتماء لفكر أيديولوجي معين، أو لفترة حكم ما ، فالرجل لايمكن باختصار تصنيفه سوى بأنه كاتب ليبرالي مبدع حر ، وهو ليس ناصري يحذف من التاريخ كل ما قبل ثورة ناصر ، وما بعدها حتى لو جاء ذلك عبر تزييف وقائع التاريخ ، ولي عنق الحقائق والوقائع الشهيرة ، وهو لايتبنى أيضاً بنفس التفهم الفكر الساداتي ( إن صح التعبير) ..فكانت له حرية الحركة في التناول الدرامي في الإشارة لمناطق الإنجاز والفخار بنفس القدر الذي يشير فيه إلى مناطق التراجع والانكسار ..
o عبر دراما " الجماعة " يواصل وحيد حامد إضافة صفحة جديدة إلى صفحات رسالته الوطنية التي وهبها قلمه على مدى الحقب الأخيرة ، والتي دعى فيها الناس بكل جرأة كشف زيف كل من تصوروا امتلاك توكيلات إلهية باحتكار معرفة صحيح الأديان والإيمان بثوابتها ، وأنهم فقط من يملكون صكوك الدخول إلى الجنة ، وأنهم أيضاً لابد أن يكونوا في طليعة من يدافعون عن الدين بالجهاد عبر استخدام كل الوسائل مهما بلغت قسوتها وضراوتها لفرض قناعاتهم بالقوة ، والجماعة وكما يذكرون على الموقع الإلكتروني لإمام دعوتهم الشيخ حسن البنا هي نور هذا الكون إن هو أظلما .. نور يتفجر من عمق الظلام .. يزرع على جنبات الطريق مشاعل الهداية !!!
o قبل أن يبدأ عرض حلقات العمل كتب ونشر مناهضو رسالة وحيد حامد من جماعات الشر ، وكان من بين ما قالوه :
من الكنترول كما يقولون وليس تخميناً أو ضرباً للودع أبشرهم بأن المسلسل سيكون مسخ مصور في شكل مسلسل ..
يبدأ المسلسل أحداثة بالعرض العسكري لطلاب جامعة الأزهر وهو العمل الذي يعتبر سقطة من هؤلاء الشباب واستنكرته كافة قيادات الجماعة .. من المقبول إبراز هذا العرض في بداية المسلسل لأنه حدث ..لكن ألا تحتم الموضوعية علي الكاتب الأمين أن يوضح لنا ملابسات هذا العرض ولماذا قام به هؤلاء الطلاب بعدما ضاقت بهم الأرض بما رحبت في لفت الأنظار لفصل بعضهم ومنع الآخرين من الالتحاق بالمدينة الجامعية ..
تعاطي الدراما المصرية مع الإسلاميين عموماً يمتاز بالضعف الشديد فهي تتعامل معهم كظاهرة دون الجنوح للنشأة والأسباب والأفكار والمعتقدات....
في مقال قادم نكمل قراءة دراما " الجماعة " قارئ موقعنا الرائع " المصريون متحدون " ..