الأقباط متحدون - محمد حسين يعقوب.. والصناديق المؤمنة
أخر تحديث ١٣:٥٧ | الجمعة ٢٥ مارس ٢٠١١ | ١٦ برمهات ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٤٣ السنة السادسة
إغلاق تصغير

محمد حسين يعقوب.. والصناديق المؤمنة


بقلم: جرجس بشرى
كشف الاستفتاء الذي أجري على التعديلات الدستورية التي صاغتها اللجنة المُعدة لصياغة وتعديل الدستور، برئاسة المستشار "طارق البشري"، حجم وفظاعة الكارثة التي تعيشها مصر العظيمة، حيث كشف الاستفتاء أن التصويت كان على الهوية الدينية، حيث استغل شيوخ السلفية في مصر وجماعة الإخوان المسلمين كل الطرق المتاحة وغير المتاحة لتغييب عقول  المصريين البسطاء، واقناعهم بأن يصوتوا بـ "نعم" في يوم الاستفتاء، وإلا سيكون الإسلام في خطر، وأقعوهم أيضًا بأن التصويت بـ "نعم" يُعد بمثابة نصرة للإسلام والمسلمين، ونصر للرسول، والأخطر من ذلك أن هذه الجماعات في ظل حالة الجهل والأمية الدينية والوطنية السائدة بين جموع البسطاء من الشعب المصري، أن استطاع هؤلاء أن يشككوهم في وطنية الأقباط -شركائهم في الوطن بكل أفراحه وأحزانه- لدرجة أن شيوخ السلفية كانوا يقولون للناس "قولوا نعم" قبل أن يأتي مطران أو قسيس ليحكمنا!، ومن المفزع أن البسطاء من هذا الشعب المصري الطيب كانوا ينقادون ويسارعون بشكل عجيب للتصويت بـ "نعم" خوفًا على الإسلام، وخوفًا لئلا يحكم مصر قس أو مطران أو قبطي!!
لدرجة أن وثقت تقارير صحفية نشرتها صحيفة "الأقباط متحدون"، أن كثير من السيدات المسلمات وهن ذاهبات للتصويت بـ "نعم " كن يقلن:"انصرنا يا رب"، كما أن شيوخ السلفية والتابعون للإخوان في قرية "حلوة" بـ"مطاي"، كانوا يأمرون الناس لكي يصوتوا بـ "نعم"، ويقولوا لهم: "علموا على العلامة الخضرا لكي تدخلوا الجنة"!
لقد كشف هذا الاستفتاء الستار عن حقيقة مرعبة، وهي أن السلفيين والجماعات الدينية والإخوان، يستخدمون الشعب المصري الطيب وقودًا وحطبًا لنيران، لحرق ما تبقى من تحضر ورقي في هذا الوطن العظيم، ولو كان الشعب البسيط يدري هول ما سيتعرض له الوطن والمصريين جميعًا، والأجيال القادمة حال وصول هذه الجماعات للحكم، لانفضوا عنهم، بل وطالبوا بمحاكمتهم وفرزهم، وهذه المقدمة تجعلني أتطرق للخطبة الشهيرة وتكبيرة العيد، التي جاءت قبل أوانها للشيخ السلفي "محمد حسين يعقوب"، الذي هلل وكبر تكبيرة العيد عندما علم أن نتيجة الاستفتاء جاءت بـ "نعم"، ومن ضمن ما قاله الشيخ وردده على سامعيه في إمبابة: "كانت  غزوة اسمها غزوة الصناديق، وكان السلف -عليهم رحمة الله- يقولون لأهل البدع: بيننا وبينكم الجنائز "يعني يوم ما تموت شوف كام واحد يمشي في جنازتك"؟، ويضيف: وقد جعلنا بيننا وبينهم الصناديق فقالت الصناديق "نعم"، وقالت الصناديق "نعم للدين"، فلنكبر تكبيرة العيد".
وواصل  الشيخ الحديث قائلاً:" شكرًا لله ولأخوتي أهل إمبابة، فقد كانوا أكثر الناس استجابة، ولكن أنصفنا الله، لأنهم كانوا يخيفوننا في كل برامجهم وكل جرائدهم، ونقول لهم: الدين ها يدخل في كل حاجة، الشعب قال "نعم للدين"، وقال: احنا عايزين دين، واللي يقول: خلاص بلدنا منعرفش نعيش فيها" نقول له: أنت حر مع ألف سلامة وديمقراطيتكم تقول الشعب قال إيه، الشعب قال عايزين دين، يبقى نديله دين "!.

وشكك "يعقوب" في وطنية كافة المصريين بقوله: "هما عندهم تأشيرات من كندا وأمريكا"! ومن يدقق في كلمات الشيخ يجد عجبًا، فكلماته تؤكد على أن هناك حملة كانت تعد المساجد للتصويت بـ "نعم"، وأن المساجد كانت توجه الناس سياسيًا، كما يحمل الحديث أيضًا تلمحيًا غير مقبول بأن الأقباط أهل بدع، وأنهم إن لم يعجبهم البلد يتركوه، وهو إقرار منه بشكل غير مباشر على أن الأقباط يعانون في ظل وجود المادة الثانية من الدستور، ويضطهدون تحت شدة وطأتها في بلدهم مصر، ومن الأمور التي تدعو للعجب والدهشة في حديث "يعقوب" أنه  ينكر الديمقراطية التي جلبت له هذه النتيجة بقوله: مع السلامة وديمقراطيتكم بتقول الشعب قال إيه"، حيث أن الديمقراطية في عرف السلفيين ما هي إلا نوعًا من الكفر، كما أن الأخوان يستخدمونها كوسيلة للوصول للحكم، ثم ينقضوا عليها بلا هوادة.
ولقد اندهشت جدًا من قول الشيخ: "الصناديق قالت نعم.. قالت نعم للدين" وهو ما يؤكد أن التصويت كان موجهًا دينيًا. الشيخ يعقوب يقول أن الصناديق قالت نعم للدين.. يا لها من صناديق مؤمنة!! دون أن يدري أن الديمقراطية التي يكفر بها لو تمت ضد تسلط وطغيان الأغلبية على الأقلية، وتضمن لها كافة حقوق المواطنة الأصيلة، بما في ذلك منصب رئيس الجمهورية، ولنا في أمريكا أسوة حسنة، يُقال أن الشيخ يعقوب غير كلامه بعد هذه التصريحات التي تضرب المواطنة في مقتل، كما طالبه مصريون مسلمون وأقباط بالاعتذار، ولكنني أرى أن  ما قاله فضيلة الشيخ جريمة لا تغتفر، لأنها جريمة في حق وطن وحق شعب وحق مواطنين أرادوا قول "لا"، والشيخ أخرجهم بتصريحاته من جنته، ويحرض ضدهم ليخرجوا من بلدهم، مع أنهم مواطنين أصليين، وليسوا رعايا أو جاليات.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter