الأقباط متحدون - حرمان الأقباط من بناء الكنائس مرجعها ديني
  • ٠١:٠١
  • الاثنين , ٢٨ اغسطس ٢٠١٧
English version

حرمان الأقباط من بناء الكنائس مرجعها ديني

سليمان شفيق

حالة

٤٧: ١٠ ص +02:00 EET

الاثنين ٢٨ اغسطس ٢٠١٧

ارشيفية
ارشيفية
سليمان شفيق 
في مؤتمر صحفي لتنسيقية المواطنة ، بمقر الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بمناسبة عام علي اصدار قانون بناء الكنائس، جاء بالبيان الختامي:
 
"وبعد عام نجد انفسنا أمام مأزق عدم تقنين أوضاع الكنائس القائمة والمبنية بغير ترخيص، بامتداد عقود، وأمام عدم الموافقة على ما تحتاجه القرى والنجوع فى صعيد مصر من كنائس، والتصدى من جهة الإدارة والأمن لمن يقوم بالصلاة فيما أعد لهذا الغرض بحجة عدم الحصول على ترخيص بذلك، وهى الزريعة التى تتخذ لوقوع أعمال إجرامية من المتشددين والمتطرفين ومن يدعمهم. بين التعنت والتعسف."
 
جاء ذلك بعدما تم اغلاق (15) كنيسة بالمنيا لدواعي أمنية ، أخرها كنيسة قرية الفرن بأبو قرقاص،وانتهي البيان الي :
 
"ولذلك نعاود اليوم المطالبة بتعديل هذا القانون بما يكفل معالجة ما كشف عنه التطبيق من عوار، واعتماد المشروع الذى تقدمنا به، تأكيداً على حق المواطنين المصريين المسيحيين (الأقباط) فى ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، حتى نسد الطرق على استهداف الأقباط والإنتقاص من حقوقهم الأساسية، والذى هو فى حقيقته استهداف للوطن ووحدته وسلامه. "
 
انتهي البيان ولكن الذي لم ينتهي هو عدم ادراك كثيرين من" مثقفي العاصمة" أن الجميع وفي مقدمتهم الاكليروس المتنفذ بالكنيسة قد ارتضوا بأن يتوجة القانون الي الاقباط علي انهم طائفة وليس مواطنين ، وفي مقال للمفكر سمير مرقص في المصري اليوم ،2/8/2017،كتب تحت عنوان : " أى حديث عن الطائفة والطوائف يناقض دولة المواطنة":
 
(بعد أن مر قانون بناء الكنائس «مقنناً» لفكرة الطائفة فى الخريف الماضى. ناهيك عن «تقنين» شروط العزبى باشا التى صدرت مطلع الثلاثينيات من القرن الماضى فى ظل دستور إسماعيل باشا الاستبدادى الشهير، الذى جاء معطلاً لدستور 23. ويبدو لى أن هناك فريقاً لا يرى فى استخدام كل من مفهوم «الطائفة» أو «الطوائف» أى غضاضة، والأهم فى «تقنينهما». بالرغم من تناقض الاستخدام والتقنين مع التاريخ النضالى لمواطنى مصر على اختلافهم، من أجل الدولة الحديثة التى تقوم على المواطنة. 
 
تأكيدا علي رؤية سمير مرقص ، نجد ان الدستور في مادتة الثانية أقر بأسلامية الدولة  " الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع "، وفي المادة الثالثة ـ لم يلتفت احد ـ الي أعطاء المسيحيين حرية العقيدة داخل كنائسهم فقط ـ !! (مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية, وشؤونهم الدينية, واختيار قياداتهم الروحية.)، كل تلك المواد تجسيد  لمرجعية دستورية تنبئ بأنابة الكنيسة عن الاقباط وتطبيق حقيقي للدستور الذي اكد علي ان مصر دولة “تحكمها حكومة مدنية وليست دولة مدنية “. . كباحث، لاحظت أن لا أحد ينظر إلى قضية بناء الكنائس من منظور أزمة الدولة المدنية الحديثة، ولم يلحظ أحد أن أول تجليات الأزمة كان عام 1911 «المؤتمر القبطى» ومن1911 وحتى «أحداث قرية الفرن "مضى قرن ونيف من الزمان، وتبوأ الحكم فى مصر أربعة ملوك (عباس حلمى، حسين كامل، فؤاد، فاروق) وسبعة رؤساء (عبدالناصر، السادات، مبارك، مرسي ،عدلي منصور والسيسي).
 
شهد هذا القرن (73) حكومة، (42) فى العصر الليبرالى منذ حكومة بطرس غالى باشا 1910 وحتى حكومة على ماهر باشا 1952 بتكليف من الملك فاروق، و(7) حكومات فى عهد ناصر، و(7) فى عهد السادات، و(9) حكومات فى عهد مبارك، وثمانية وزارات من ثورة 25 يناير وحتي الان كل ذلك ( احمد شفيق ، عصام شرف ، الجنزوري ، هشام قنديل ، حازم الببلاوي ، ابراهيم محلب الاولي والثانية ثم شريف اسماعيل ) والمشكلة الطائفية قائمة بشكل أو بآخر.. والنظرة الي بناء الكنائس لم تتغير،فى العصر المسمى الليبرالى، وفى فبراير 1934، فى حكومة اسماعيل صدقي باشا أصدر العزبى باشا وكيل وزارة الداخلية الشروط العشرة لبناء الكنائس التى سببت 76% من الأحداث الطائفية. ارتبط ذلك بإسقاط دستور 1923 وإعلان دستور صدقى 1930 وظهور جماعة الإخوان المسلمين وتحالفها مع صدقى..ومنذ ان أتى السادات إلى سدة الحكم، عقد مصالحة مع جماعة الإخوان لضرب التيار اليساري المناهض في الجامعات والشارع، ووضع في عهده المادة الثانية من دستور 1971، والتي أدت لشرعنة وجود الجماعات الإسلامية، وخلط الديني بالمدني، وبداية بروز ما يسمى بالمرجعية الإسلامية في الفكر المدني والدستوري المصري،وكانت “فتنة الخانكة” 1972 ، على بناء كنيسة في منطقة الخانكة وتحريض أئمة مساجد الإخوان، وكانت هذه هي اللبنة التأسيسية  المعلنة لفكر مناهضة بناء الكنائس الذي استشرى فيما بعد. (وكان الإخوان قد حرقوا كنيسة الزقازيق في 27 مارس 1948 وفي ابريل 1948م وقع حادث مماثل في الكنيسة القبطية في الإسكندرية وفي يناير 1952م أشعل الإخوان النار في كنيسة بالسويس ولقي خمسة من المسيحيين ،ولمزيد من الفهم لابد من التوقف امام الرؤية الفقهية لجماعة الإخوان المسلمين فيما يخص بناء الكنائس، لمزيد من الايضاح لابد من التوقف امام حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام:
 
يتضمن العدد رقم “56” الصادر في شهر ديسمبر سنة 1980 ثلاثة أسئلة عن الرأي الإسلامي في مجموعة من القضايا التي تتعلق بغير المسلمين، وقد أجاب عليها جميعا الشيخ محمد عبد الله الخطيب عضو مكتب الإرشاد الحالي للجماعة ومفتيها في القضايا الشرعية والسياسية وأول هذه الأسئلة كان من “أ.ح..م.. المنوفية” عن حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام، ويجيب مفتي الإخوان إن حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام على ثلاثة أقسام:
 
الأول: بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها… كالمعادي والعاشر من رمضان وحلوان.. وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعه، والثاني: ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة كالإسكندرية بمصر والقسطنطينية بتركيا.. فهذه أيضا لا يجوز بناء هذه الأشياء فيها. وبعض العلماء قال بوجوب الهدم لأنها مملوكة للمسلمين، والقسم الثالث: ما فتح صلحا بين المسلمين وبين سكانها. والمختار هو إبقاء ما وجد بها من كنائس وبيع على ما هي عليه في وقت الفتح ومنع بناء أو إعادة ما هدم منها وهو رأي الشافعي وأحمد إلا إذا اشترطوا في عقد الصلح مع الإمام إقامتها، فعهدهم إلى أن يكثر المسلمون على البلد. وواضح أنه لا يجوز إحداث كنيسة في دار الإسلام. ويقول صلىوسلما   “لا تبنى كنيسة في الإسلام ولا يجدد ما خرب منها”
كل تلك الاسانيد التي تخضع ما هو دستوري الي ما هو ديني جعلت كما قال المفكر كمال زاخر في كلمتة بالمؤتمر الشروط العشرة تجسيد مدني للخط الهمايوني والقانون الاخير تطوير مدني للرؤية الدينية للشروط العشرة لبناء الكنائس .
 
الا ان كثير من المثقفين والباحثين والنواب لازالوا يطالبون الرئيس السيسي بأعادة النظر في القانون دون ادراك لماذا بح صوت الرجل في الدعوة لتجديد الخطاب الديني لانة يدرك ان المطلوب تفكيك الرؤية الدينية التي تخضع ما هو مدني ودستوري لما هو ديني  الامر الذي يحتاج وثيقة من الازهر الشريف ، لان صغار الضباط الذين تربوا في عصر الفقهاء السلفيين ليس امر اغلاق الكنائس عندهم مستند علي قانون ولكن يستند علي أن وجود الكنيسة "حرام دينيا" ؟!!!