القانون فوق الجميع ولكن لماذا؟

د. مينا ملاك عازر   
نعم تحتاج لرخصة، ولكن هل أنت تعطيها الرخصة، هي وافقت على القانون الذي أنت وضعته وشاركتك وضعته، ودافعت عنك وأنت تضعه، وبررت ما لم تكن تفهمه، وظنت فيك حسن الظن، فأحسنت أنت بها المكر ولم تحسن بها الظن، وقلت لها هاتي رخصة، وكلما طالبوك بتفعيل القانون تنصلت منه، وأخرجت رجالك السلفيين أو قل زملائك السلفيين ليتظاهروا وليشعلوا النيران بمبانيها، ثم تقول أحميكِ والمكان غير مرخص؟ عن الكنيسة أتحدث.

أكتب بشعورين ممزوجين بعضهما ببعض، شعور الحزن عل أهالي قرية الفرن بالمنيا، إذ منعوا عن الصلاة في الكنيسة المخصصة لهم والغير مرخصة لتكون كنيسة بحكم القانون الذي وافقت ودافعت وشاركت فيه الكنيسة، وشعور الفخر بأهالي قرية الفرن الذين لم يتعرضا لمسيحيوا القرية وهم يصلون بالشارع، وكأن شيوخ السلفية لم يعطوهم التعليمات بالتحرش بهم، فلم يفعلوا أو لم يكن التنسيق بين رجال الشرطة ورجال السلفية جيد حتى أن المسيحيون أفلتوا بأنفسهم من الثغرة وصلوا كما لم يصلوا من قبل، صلوا وتقبل الله صلاتهم ليس لأنها كانت في الهواء الطلق لكنها كانت كلها إصرار وتضحية وبذل، وتعريض أرواحهم للخطر سواء الخطر الشرطي المتغطي بالثياب الشرطية أو الخطر السلفي المتواطئ مع الشرطة والمتغطي بثياب ادعاء التدين.

فخور بأهالي القرية مسيحيين ومسلمين، بل مسلمين قبل مسيحيين، لأنهم ألقموا الشرطة قفا محترم، قفا كشف عن الوجه القذر للشرطة المتواطئة المتعاونة الحامية للسلفيين والمدعمة لحركاتهم، ولما لم تجد منهم من يتحرك قررت هي تتحرك، وتمنع الصلاة بداعي عدم وجود ترخيص، فلجأت الكنيسة للصلاة في الشارع حيث لا يحتاج من المفترشين للشوارع يوماً ما ترخيص حين يسد الشوارع ويفترشها للصلاة، فصلوا وتقبل الله، واتفضحت الشرطة المفضوحة دائماً بتخاذلها وضعفها وتهاونها وفشلها.

الكنيسة التي ما دعت يوماً على أحد في سرها أو علنها، بل تدعو للوطن وللنهر والدواب والمواشي والزروع ونبات الأرض، وتدعو للمسافر لكي يرده الله لمنزله سالم، تحتاج لترخيص لتصلي، الكنيسة التي أقصى وأقسى دعاء لها على الأعداء تفريقهم وليس حرقهم وشلهم وموتهم وخراب بيوتهم،والشماتة فيهم، تحتاج ترخيص لأن تصلي.

الكنيسة التي لم تأبه بكنائسها ليعيش الوطن، وفضلت حرقها على أن يصاب أحد من المواطنين، تحتاج لترخيص لتصلي الكنيسة التي تحملت فشلكم وغباءكم وتخاذلكم وتراخيكم، وتواطؤكم بل وحمايتكم لأعدائها، ودارت عليه تحتاج لترخيص لتصلي.

نعم القانون فوق الجميع، لكن لماذا لا نعمل روحه؟ ولماذا نفخخه لنخدع الكنيسة وتوافق ونورطها ونكبلها؟ لماذا هذا الكم من المكر والخديعة والخسة والدناءة في حياكة القوانين، وسوء النية متوافرة في كل مواقفكم.

المختصر المفيد "اذكر يارب رئيس أرضنا عبدك، احفظه بسلامة وعدل وجبروت، ولتخضع له كل الأمم اللذين يريدون الحرب في جميع مالنا في الخصب، تكلم في قلبه من أجل سلامة كنيستك الواحدة الجامعة الرسولية، اعطه أن يفكر بالسلام فينا وفي اسمك القدوس كي نحيا نحن أيضاً في سيرة هادئة، ونوجد كائنين في كل تقوى وكل عفاف لك" جزء من صلوات القداس.