على رِسلِكِ سيّدتي
زهير دعيم
الجمعة ١٨ اغسطس ٢٠١٧
زهير دعيم
إحدى الكاتبات والتي احبُّ أدبهنَّ كتبت في صفحتي في التواصل الاجتماعيّ على البوست الذي يُندّد بالارهاب في برشلونة كتبتْ بلغتها المحكيّة :
" الرب لا يرحم ولا بتحرك ولا بعمل شي لو كان بده يعمل شي كان شل الارهابي وما تركه ينفذ عملته لا تتكلوا على الله كثير"
فوجدتُ نفسي أردّ لا دفاعًا عن الله ( فهو لا يحتاج الى دفاعي) بل عن الحقيقة : على رِسلكِ سيّدتي...
فالربُّ أبٌ وأكثر ، حنّان رؤوف، صالح ، يُحبّنا جدّا حتّى ضحّى بابنه الوحيد من أجلنا، ولكنه طويل الروح ، صبور ، يُمهل، ويطيل لنا الحبل لعلّ وعسى ، عالمين وواثقين بالقول السماويّ : " كلّ الاشياء تعمل معًا للخير للذين يُحبّون الله"..
نعم سيّدتي فالله أعطانا الفكر والعقل والحريّة وأرانا طريقيْ النور والظلام وطالبنا باختيار طريق النور والخير كيما نحيا.
جرّبيه شاعرتنا ، اختبريه، قرّبي منه ، عانقيه ، وستلمسين وتشعرين بمحبّته الفائقة وحنانه الفيّاض ، وأبوّته الجميلة..
غريب أمر البَّشر ، ألا يروْن عظَمة الخالق من الكون بسمائه وأرضة ومخلوقاته؟!!.
ألا يعلم البشر أنّ لكلّ تخطيط ومُخطَّط هناك مُخطِّط ومصمِّم وما هذا الكون العظيم والعجيب بجماله وتضاريسه وسمائه وكواكبه ودقّة صنعه وعظمة انسانه إلّا من صنع مُخطِّط عظيم ، سرمديّ ، أحبَّ البشر فخصّهم بصفاته كما الفكر والحياة الأبدية ... نعم غريب أمر من يُفكّر أنّ الحياة تبدأ هنا وتنتهي هنا، فلو كاد الأمر كذلك لنأكل ونشرب اذًا لأننا نموت غدًا ! فلا رجاء ولا أمل ، والأغرب من ذلك هو مَن يُوجّه اصبع الاتهام الى السّماء في كلّ عمل رديء!!، فيجيبك قائلًا : إنّه من الله.
يُسابق أحدهم بسيّارته البرق فيؤدّي ذلك لِحادث طُرُق وجرحى فيقولون لك : " إنّها إرادة الله !
يقتل أحدهم اخته ابنته تحت طائلة المُنطلق الشيطانيّ " شرف العائلة" فيكيتبون في تعقيباتهم : إنّها مشيئة الله!
والله بريء من هذه الامور ...الله لم يطالبك ولم يأمرك بقطع اشارة المرور الحمراء ولم يأمرك بقتل اختك وأخذ القانون لديك وانت تغوض في الخطايا حتى قمّة راسك.
انك يا هذا تأخذ مكان الله..
انّك تكفّر ، تُصدر الاحكام وتُنفّذ ومن ثَمَّ تقول : إنّه من الله.
والأغرب من ذلك المتسائلون : أين الله في الحروب والمجاعات والكوارث الطبيعيّة والإرهاب ؟!
صدّقني انه يرى ويشاهد ويسمع ويعين ويحزن معنا ويشاركنا همومنا ومتاعبنا وأحزاننا وأمراضنا ومن ثمّ يُعزّينا.
صحيح انه يسمح بالتجربة والتجارب والمحن بل والشرّ احيانًا لكي نعرف الخير ـ ولكيما يُقوّينا ويُنقّينا تمامًا كما يعمل الصائغ بالذهب فيُدخله النار كي يُنقّيه من الشوائب.
دعونا ننظرُ اليه ، نُحبّه ، نطيعهُ ونأخذ بشرائعة الجميلة – وكلّها جميلة- هذه الشرائع التي تدعونا للمحبّة وبذل الذات من اجل الغيروالقداسة والطُّهر ، وثقوا انه يُمسك بيميننا ويرعانا ..
كاتبتي الرائعة : أدعوك مرّة أخرى أن تختبريه وستجدينه أبًا حنونًا يحملك وقت الشدائد على مِنكبيْه كما الرّاعي الصّالح ، بل إنّه هو هو الرّاعي الصالح بعينه.
أبي الذي في السماوات أذوب بك حُبًّا..