بقلم: عزت بولس
"نعم مع الله ....نعم للتعديلات لدخول الجنة....الدايرة الخضرا بتاعه الجنة والمسلمين والدايرة السودا بتاعه النار والمسيحيين....نعم للشريعة" تلك العبارات هى بعضًا من الشعارات التي استخدمتها جماعة الأخوان المسلمين، والسلفيين، وجماعات الجهاد الإسلامية بين أفراد الشعب الطيبين لحشدهم للتصويت بنعم، في الاستفتاء الذي أجري منذ أيام على تعديل بعض المواد الدستورية، وذلك السلوك في الحشد من قبل كل تلك الجماعات إنما يضرب بـ"صلافه" كل القواعد المتبعة بمواقف متشابهة- متعلقة بالممارسة الديموقراطية لصندوق قياس توجهات المجتمع- في الدول المتحضرة التي قطعت أشواطًا بعيدة في مجال التمدن والحضارة المعاصرة، وقد كنا نرغب في أن نُطبق كيفيات الحشد الجماهيري في تلك الدول بوطننا مصر،خاصة بعد أن تأكد لنا إمكانية تطبيقها بعد سلسلة المواقف الرائعة لشباب الثورة المصرية التي روت بدماء المئات من الزهور المصرية الشابة.
ليس غريبًا على جماعة الأخوان المسلمين استخدام كل الوسائل الغير مقبولة حضاريًا-للعب على أوتار العاطفة لشعب مصر المتدين بطبعة- حتى يصلون إلى ما يربون إلية من أطماع للتحكم في مصير بلدنا مصر ودفعها إلى مظالم العصور الوسطي،فهم دائمًا ماهرين في توظيف الدين ليكون "مطية" لأرائهم السياسية بالتعاون مع شيوخ الزوايا والجوامع، ولنا في يوم السابقة للاستفتاء ألبينه الواضحة، حيث قام شيوخ الجوامع بخطبهم- نزولاً على توجيهات أخوانية أولاً- بحث الكثيرين ممن ذهبوا للصلاة والتعبد إلى لله للانصياع إلى نصائحهم السياسية لدخول الجنة، وقاموا بعملية حشد غير مسبوق مستغلين المناخ الديمقراطي الجديد الذي هيئة لنا دماء شهداء شباب الثورة المصرية، متناسين أنهم" الإخوان وغيرهم من جماعات الإسلام السياسي" لم ينضموا إلى ثوار 25 يناير إلا عندما لاح لهم بصيص من النور في نجاح شباب الثورة في الوصول إلى ما يريدونه من مطالب تحقق لمصر الخروج من النفق المظلم، الذي أدخلنا به نظام سياسي يمارس قمعًا متواصلاً على مدار ثلاثون عام، كان فيها الأخوان شريك وجزء أساسي منه- النظام السياسي السابق- ومستفيد وحيد من نتائجه على حياة المصريين.
نعم كان الأخوان المسلمين جزء لا يتجزأ من النظام السابق،وقد ارتضوا من خلاله أن يلعبوا دور" الفزاعة" للأقباط المسالمين، وهناك أدلة كثيرة لذلك أبرزها مؤخرًا سماح النظام السياسي السابق للجماعة وغيرها من تيارات الإسلام السياسي بالقيام بتظاهرات بالإسكندرية يسبون من خلالها أحد رموز مصر ألا وهو قداسة البابا شنودة الثالث، وذلك السماح حقق للنظام السابق بعض مما كان يريده وقت ذاك، إهانة الأقباط وإلهاب حالة الاحتقان الطائفي من ناحية وكسب الدعم الأمريكي- بغض النظر عن الحريات المكبوتة للشعب- لنظام قمعي يمنح الاستقرار اللازم لنجاح المصالح الأمريكية والإسرائيلية من ناحية أخري.
إن الحشد الجماهيري بالاستفتاء الأخير الذي برع فيه تحديدًا جماعة الأخوان المسلمين، لهو قائم على تأجيج النزعة الدينية للمصريين وليس مبنى على شرح ماذا يعنى البقاء على دستور مهلل سقط بسقوط النظام؟ ذلك لأن ما يعنيهم- الأخوان- هو التسلط والتحكم في مصير شعب رغب مفكريه وشبابه الواعي المحب لمصريته في أن يتخلص من "عفونة" نظام سياسي سابق ومن ثم الدخول في عالم المدنية الحديثة.
يعلم الإخوان المسلمين جيدًا أن تغيير بعض مواد الدستور هو تنازل قدمه الرئيس السابق للمحافظة على عرشه السابق، ورغم علمهم ذلك إلا أنهم بالممارسات التي انتهجوها للحشد الجماهيري قبيل الاستفتاء أكدوا نوياهم الحقيقية وأزاحوا بغلظة أمل الشباب في التغيير الحقيقي، حتى يحصلوا مرحليًا على القطعة الأكبر من "تورتة "السلطة والتطلع مستقبليا إلى التهامها كاملة،خاصة وأن مطالب شباب الثورة لا تلتقي من قريب أو بعيد مع أهداف الجماعة التي لم تنتمي للثورة إلا عبر مجموعة من الشعارات والجمل الرنانه، وانتهاز الفرص للظهور من خلال كاميرات التلفزيون بين من يعتبره الشباب، أمل لهم للتغيير من شخصيات لها مصدقتيها عندهم.
لكن ورغم كل ذلك يمكنني اعتبار أنه من حسن الحظ كان من نتائج ثورة الشباب ظهور الجماعة المحظورة المحظوظة على سطح ساحة السياسة،منتشين بفرحة النصر الذي لم يكون لهم فيه دور فعال غير دور المنتهز للفرص، ليبتدئوا في إطلاق التصريحات المتناقضة من عدم اعتراضهم على دور المرأة في الحياة السياسية ومساواتها بالرجال، وتولى القبطي منصب الرئاسة وووو.... لكن سرعان ما تُظهر تصرفاتهم حقيقة أفكارهم،والأمثلة كثيرة منها التحرشات اللفظية وغيرها التي حدثت بميدان التحرير في يوم المرأة العالمي عندما خرجت بعض المصريات للمطالبة بحقوقهم المغتصبة من قبل مجتمعنا القبلي الذكوري،والإشاعة بين جموع المصريين البسطاء أن عدم الموافقة على تعديلات الدستور يعنى الموافقة المباشرة على تولى مسيحي رئاسة البلاد وإلغاء المادة الثانية من الدستور.
وأظن أن –جماعة الأخوان المسلمين- أصيبت بصدمة كبرى عندما ظهر الأقباط بالألف أمام ماسبيرو للمطالبة بحقوق مشروعة طالما تجاهلتها الحكومات المصرية متتابعة، مما دفعهم لتنظيم تظاهرة مضادة "ساذجة" للمطالبة بإرجاع كاميليا ووفاء إلى حضن الإسلام، على الرغم من اعتراف علماءهم" المسلمين" بأن هاتين السيدتين لم يتركوا المسيحية، ولكنهم- أي الأخوان- أردوا أن يظهروا قوتهم بطريقة تلفزيونية لإحداث نوع من "الشوشرة" على مطالب الأقباط العادلة.
يجب أن لا يقلقنا "الأخوان المسلمين" بتصريحاتهم وأعمالهم وخروجهم من جحورهم التي ارتضوها لأنفسهم بأنفسهم سابقًا، حتى تظهر حقيقة ما تكنه هذه الجماعة من أطماع ضارة، لا تصب في ما يتطلع إليه الشباب من الوصول لدولة مدنية نظريًا وعمليًا، بعكس الجماعة المحظورة التي تنادي بدولة مدنية عبر الحنجرة فقط لكن واقعيًا دينية.
تلك الجماعة تعمل على قتل كل ما هو جميل في شبابنا من تطلعات حضارية،ترغب فقط وتعمل بعمل قوة لأرجعانا إلى عصر ما قبل 25 يناير، ليصولوا ويجولوا كما يحلو لهم ضاربين بمصريتهم اكبر "طظ" قيلت في حق شعبنا.
إن الأخوان متواجدون على ساحة السياسية منذ 1928 بعد هبة 500 جنية من الحاكم الإنجليزي لمرشدهم الأول، ومنذ تلك البداية وهم يستخدموا جميع الوسائل الشرعية والغير شريعة من اغتيالات ومؤامرات لتحقيق مكاسب سياسية، فهم دون قيمة فكرية حقيقة ولهذا لم يستطيعوا خلال ثمانون عامًا أن يصنعوا أي تغيير ايجابي بسيط لمصر،بعكس شباب الثورة المصرية الذين أسقطوا نظام سياسي عتيد خلال ثمانية عشر يوم.
لقد سبق لجماعة الإخوان المسلمين التعاون جميع الأنظمة الديكتاتورية التي مرت على مصر، بشكل معلن مع عبد الناصر في بداية انقلاب يوليو 1952 ومستتر مع كل من والسادات و مبارك، وبالطبع شكل التعاون يُحدد حسب احتياجات الحاكم لهم واحتياجاتهم له.
إن ما يربو إلية الأخوان هو تغير النظام السياسي ليتحول من استعباد الديكتاتور إلى ألوهية الديكتاتور،وقد بدئوا يكشرون عن أنيابهم وظهر بدء نخر السوس، فلندعهم يزأرون ولنواجههم بالفكر والعلم وايجابية العمل ولا نترك لهم الساحة.