الأقباط متحدون | اتضحت الرؤيا
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٩:٠٧ | الاثنين ٢١ مارس ٢٠١١ | ١٢ برمهات ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٣٩ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

اتضحت الرؤيا

الاثنين ٢١ مارس ٢٠١١ - ٢٨: ١٢ م +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: منير بشاي
عندما كنت طفلاً كان يسترعي انتباهي منظر الذين يلعبون الثلاث ورقات على نواصي الشوارع العامة في بلدي. وذات مرة قادني فضولي إلى أن أدخل في وسط جماعة منهم لأرى ما يفعلون. رأيت رجلاً واقفًا ممسكا بثلاث بطاقات متماثلة من الورق المقوى، وأمامه منضدة صغيرة وحوله بعض الناس الذين عرفت بعد ذلك أن معظمهم كانوا من أتباعه. ويستعرض الرجل أمام الجميع الثلاث ورقات ليروا واحدة منها عليها صورة والآخريتين بيض. ثم يبدأ الرجل لعبه بالأوراق، يخلطها ويفردها ثم يخلطها من جديد ويفردها على الطاولة، ويرفع كل ورقة على حدا ليرى الجميع أنها بالفعل ورقة بها الصورة وهي الرابحة وورقتين بيضاء وهما الخاسرة.
وأثناء اللعب يتظاهر الرجل بأن يدير جسمه للخلف ليبصق، وفى هذه الأثناء يتظاهر واحد من أتباعه أنه يثني ركن الورقة الرابحة، ثم يتظاهر لاعب الورق أنه لم يرى هذا بعد أن يعود من بصاقه. ثم يقوم الرجل بخلط الأوراق وفردها بينما يتمتم كلمات أتذكر منها قوله: فتح عينك تاكل ملبن، موسى نبي، عيسى نبي، محمد نبي، كل واحد له نبي يصلي عليه. وعندما يفرد الرجل الأوراق فوق الطاولة تظهر بوضوح الورقة ذات الركن المثني. وهنا يسرع الرجل الذي ثنى الورقة بالرهان عليها ويكسب الرهان. ثم يعود لاعب الورق في تكرار ما فعل ومرة أخرى يدير نفسه للخلف فيعاود شريكه المندس وسط الجمهور ويثني الورقة الرابحة. وعندما يفرد اللاعب الثلاث ورقات على الطاولة يبدو واضحًا أن هناك ورقة بها علامة  على أنها الورقة الرابحة. وهنا يتوقف كل أعوان الرجل عن الرهان، ليتيحوا الفرصة لأي شخص غريب. فيضع واحد من الجمهور مالاً مراهنا على الورقة التي يعتقد أنها الرابحة بكل تأكيد، ولكن لشدة دهشته يخسر الرهان. الذي حدث في هذه المرة أن لاعب الورق استطاع بخفة يد بارعة أن يعدل الورقة التي بها الصورة ويثني إحدى الورقتين الخاسرة.
واضح أن هذا كان سرقة علنية يستغلون فيه البسطاء، وتتم في الشوارع العامة وعلى مرأى ومسمع رجال الأمن. ورجل البوليس الذي يرى هذا، وينظر إلى الناحية الأخرى يعلم نية هؤلاء النصابين، ولكنه لا يفعل شيئًا لهم، وذلك إما لأنه يخشى انتقامهم، لأنهم مجموعة من البلطجية والمجرمين، أو أنه يقاسمهم الربح.
اليوم نجح الأخوان المسلمون في أول خطوة نحو سرقة مصر. استخدموا فيها كل أساليب التقية والخداع كما يفعل لعيبة الثلاث ورقات. كما استخدموا ما اتيح لهم من نظم سواء يتفقون معها أم يرفضوها. استخدموا اليوم الديمقراطية ليكسبوا الجولة في إقرار تعديلات معيبة مفصلة بواسطة لجنة تغلب عليها النزعة المتأسلمة، ليصلوا إلى دستور على المقاس سيساعدهم بالتأكيد على كسب الجولات القادمة.
وكما رأينا قوات الأمن في بلدتنا يغضون النظر عن لعيبة الثلاث ورقات، كانت أيضًا السلطات المصرية تعمل لصالح التيار المتأسلم، إما خوفًا منهم إذا وصلوا للحكم وأما تواطؤا معهم لأنهم يؤمنون بنفس المبادئ، ومحاولة في اقتسام المكاسب معهم، أو على الأقل الاحتفاظ بمكاسبهم الحالية إذا وصل الإسلاميون إلى الحكم.
اتضحت الرؤية لنرى أنه لم يحصل تغيير كبير في مسار الأمور في مصر بعد الثورة. رأينا التعجيل بعرض تغييرات في الدستور، التي هي بمثابة التفاف حول دستور أُلغي بثورة، ولكن بعد تعديلات طفيفة يعرض الدستور للاستفتاء، قبل أن يناقش ويتم تمحيصه من الطبقات المختلفة من الشعب المصري، وقبل أن تستعد الأحزاب المنشأة حديثًا من الدخول لحلبة الصراع. هذا بينما كان الأخوان واقفين طوال الوقت، جاهزين ومتربصين ليدخلوا وينتصروا.
اتضحت الرؤية لما سيكون عليه المستقبل، إن نجح الإسلاميون في الاستيلاء على الحكم ونستطيع أن نرى بعض ملامحه. رأينا الزمر، أحد المشاركين في قتل الرئيس السادات، يخرج من السجن ويصبح بطلاً قوميًا ويدلى بتصريحات يشكك فيها في وطنية الأقباط، ويطالب باستبعادهم من الجيش، لأنهم في رأيه لا يمكن استئمانهم في الحروب، خاصة ضد الدول المسيحية. ورأينا الشيخ حسان يطالب بحق المسلمين فى تفتيش الكنائس، لضمان عدم وجود أشياء تتعارض مع الشرع. ولم يقل لنا هؤلاء كيف نستأمن المسلمين فى الجبش اذا دخلت مصر فى حرب مع دولة إسلامية؟ كما لم يقولوا لنا لماذا لا يحق للمسيحيين أيضًا أن يفتشوا الجوامع؟ بل لم يقولوا لنا كم من المرات في تاريخ مصر ثبت غدر المسيحيين ضد بلدهم، أو ضد أخوتهم حتى يقابلوا بهذا الكم من التوجس والتخوين؟
قالت الكاتبة الليبرالية "فاطمة ناعوت" أنها ستعود لميدان التحرير ولو بمفردها، إذا جاءت نتيجة الاستفتاء بـ"نعم". واعتقادي أن ناعوت لن تكون وحدها، فسيخرج معها آلاف الناس ليشاركوها، ولو كنت في مصر لكنت واحدًا من هؤلاء.
أهم شيء ألا يصاب الناس بالإحباط، فيخططوا جيدًا للخطوة المقبلة. بالإضافة للتظاهر يجب طرق أبواب العدالة، ومحاولة الطعن في الانتخابات، إذا كان هناك دليل على التزوير أو الرشوة. وإذا كنا خسرنا جولة فيجب الإعداد للجولات المقبلة.
إن الثورة الوليدة التي لم يصل عمرها شهران أمكن تغيير مسارها نحو الدولة الدينية، بدلاً من الدولة المدنية الحرة، وتحتاج إلى ثورة أخرى لتصحيح مسارها.
الآن نحن في موقف بدلاً من نظام "مبارك"، الذي كان يظلم الأقباط خوفًا من ومراضاة للتيار المتأسلم، يبدو أننا مقدمون على نظام تحكم فيه مصر بالتيار المتأسلم نفسه، وقوانين الشريعة الإسلامية كما يفهمها فصيل منهم.
فهل سيأتي الوقت الذي سنتحسر فيه على العصر "البائد" ونقول: فين أيامك يا مبارك؟ تمامًا كما قلنا عن أيام الملك فاروق بعد أن اختبرنا أيام جمال عبد الناصر؟




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :