تعرف علي سبب انفصال كنيسة انجلترا عن روما
محرر الأقباط متحدون
الجمعة ١١ اغسطس ٢٠١٧
كتب : محرر الأقباط متحدون
اختلف الإصلاح الإنجيلي حسب موقع البوابة نيوز في إنجلترا بشكل كبير جدًا، عن باقي الإصلاحات في الدول الأوروبية، فبينما دخل الإصلاح إلى فرنسا وجنيف وألمانيا وزيورخ وغيرها، بواسطة المصلحين الإنجيليين، دخل الإصلاح إلى إنجلترا بواسطة الملك هنري الثامن، وبالدرجة الأولى، لأسباب شخصية وسياسية واجتماعية.
فالسبب الشخصي، لتشريع الملك، أبواب بلده للإصلاح، أنه كان يريد ابنًا ذكرا وريثًا للعرش، فطلب الملك من البابا إبطال زواجه من زوجته، باعتبار الأسس التي تأسست عليها زواجه منها، كانت باطلة، وذلك لكي يتزوج بامرأة أخرى قادرة على أن تنجب له الوريث، لكن البابا رفض، وبرفض البابا، أعلن الملك الإنجليزي استقلال كنيسة إنجلترا عن روما، وعينه البرلمان الإنجليزي الرئيس الأعلى للكنيسة، إلى جانب رئاسته لإنجلترا، وهكذا دخل الإصلاح.
إلا أنه بالرغم من هذا السبب الشخصي لدخول الإصلاح، فالأرضية لقبول الإصلاح من قبل الشعب الإنجليزي، تحضرت منذ القرن الرابع عشر، ببروز أحد مصلحي ما قبل الإصلاح، وهو المصلح الإنجليزي جان ويكليف، الذي سُمي "نجمة الإصلاح"، برفعه نفس المبادئ التي رفعها المصلحون الأساسيون، وهي: الكتاب المقدس وحده، الإيمان وحده، والنعمة وحدها.
بقي تأثير المصلح "ويكليف" في أذهان الشعب منذ ذلك الحين إلى أن حل زمن الإصلاح في أوروبا وإنجلترا، بالإضافة إلى ذلك، فأن ترجمة العالم والمصلح الإنجليزي وليام تيندال، للكتاب المقدس إلى اللغة الإنجليزية، عام 1530، ساهمت مساهمة فعالة في التحضير للإصلاح، وقد كانت ترجمته للكتاب المقدس أحد الأسباب، التي كلفته نفيه إلى خارج البلاد وإعدامه، وقد كانت أمنية المترجم وليام تيندال، أن توزع وتنتشر كلمة الله في كل أرجاء إنجلترا.
من المساهمين في الإصلاح في إنجلترا، المصلح توماس كرنمار، الذي درس في جامعة كامبردج، وكان من المقربين إلى الملك هنري الثامن، بدأت تحضيرات "كرنمار" للإصلاح، بالانضمام إلى مجموعة من العلماء الذين كانوا يجتمعون بشكل دوري ليطلعوا ويقيموا ثورة الإصلاح اللوثري في ألمانيا، وقد ذهب كرنمار إلى ألمانيا ليتعلم المبادئ اللوثرية.
عين الكاهن كرنمار، رئيس أساقفة كانتربري، في العام 1533، وفي العام 1539، وبأوامر من الملك هنري الثامن، قام كرنمار بالطلب من مايلز كونردال، بطباعة الكتاب المقدس، الذي ترجمه المصلح وليام تيندال إلى الإنجليزية، وقد كانت هذه النسخة من الكتاب المقدس، هي النسخة الأولى المسموح استخدامها في إنجلترا، وعرف الكتاب باسم "الكتاب المقدس الكبير" نظرًا لكبر حجمه، وهكذا تحققت أمنية المترجم وليام تيندال، بانتشار الكتاب المقدس في إنجلترا، وأيضا بأوامر من الملك، وزع الكتاب المقدس على كل الكنائس، كما تم تزويد الكنائس بقراء، ليقرأوا الكتاب المقدس بصوت مسموع، حتى يستطيع الأميون غير المتعلمين، سماع كلمة الله بلغتهم الأم، الإنجليزية، واستيعابها والتغير بواسطتها.
توالى على العرش بعد الملك هنري الثامن، ابنه الملك إدوارد، وقد تسارعت وتيرة الإصلاح الإنجيلي في إنجلترا أثناء حكمه، فاللغة الإنجليزية في الكنائس، صارت تستخدم بشكل أكبر من اللغة اللاتينية، التي ارتبطت بها العبادة الكاثوليكية، وساهم المصلح كرانمار في تزويد الرعاة بكتاب اسمه "كتاب المواعظ" لقراءته في الكنائس، وتبنى اعترافات وعقائد الإصلاح اللوثري، وقد تم إلغاء بعض الممارسات الكاثوليكية.
لكن تم الإبقاء على البعض الآخر منها، وفي العام 1549، أقر البرلمان الإنجليزي، كتاب "الصلاة العامة" ليكون كتاب كنيسة إنجلترا، وقد أزيل منه كل التعاليم والصلوات التي لا تنسجم مع الكتاب المقدس، واستبدلت بعقائد "إنجيلية لوثرية كلفينية"، وهو لا يزال يستخدم حتى اليوم في كنيسة إنجلترا، والكنائس الإنجليكانية المنتشرة في عدة بلدان في العالم، وفي عام 1671، اعتمدت كنيسة إنجلترا 39 بندًا إصلاحيًا، لتكون الأسس اللاهوتية، لتعاليم وليتورجيا الكنسية.
عندما مات الملك إدوارد، توالى على العرش الملكة ماري، وعملت على إعادة الكاثوليكية إلى البلاد، فقامت باضطهاد الإنجيليين، واعتبرت أن الإصلاح الإنجيلي غير قانوني، وقد وجهت نظرها مباشرة إلى المصلح توماس كرنمار، فاعتبرته خارجًا على القانون، ووجهت إليه اتهاما بالخيانة، فسجنته وعذبته لفترة طويلة، وأجبرته على توقيع بيان رسمي يعلن فيه تراجعه عن دعمه للإصلاح الإنجيلي، كما أجبرته على الإعلان العلني أمام الشعب بأنه أخطأ بتبنيه ودعمه للإصلاح الإنجيلي، وقد قررت إعدامه حرقًا عام 1556، وقبل البدء بالحرق، أعلن كرانمار علنيا عن خطيئة توقيعه زورًا على بيان رفض الإصلاح تحت الإرغام، وقد جدد التزامه بالإصلاح، معلنا أنه وجد الحق في الإيمان الإنجيلي، وأثناء حرقه وضع يده أولًا في النار، قائلًا: "بتوقيع هذه اليد زورًا، على إنكار الإصلاح، فهي قد أساءت إلى الإيمان الإنجيلي، لهذا يجب أن تحرق أولا" وهكذا مات توماس كرنمار، موجهًا عيونه نحو السماء، مرددًا كلمات المسيح "في يديك أستودع روحي"، ولشدة قساوتها في المعاملة، سميت الملكة ماري، بـ"ماري الدموية".
ووصف أحد المؤرخين حرق كرنمار قائلًا: "شهرة كرنمار، أشرقت بواسطة النار التي أحرقته".
وبعد الملكة ماري، توالى على العرش الملكة إليزابيث، التي كان لديها توجها إنجيليًا، فأعادت التوازن إلى إنجلترا، باتخاذ حل وسطي، بين بعض ممارسات الكنيسة الكاثوليكية والعقائد الإنجيلية المصلحة، حتى أطلق البعض على كنيسة إنجلترا، تسمية الكنيسة الكاثوليكية المصلحة.