الأقباط متحدون | حول‮ ‬تأسيس‮ ‬الأحزاب‮ ‬بالإخطار
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٩:١٧ | الأحد ٢٠ مارس ٢٠١١ | ١١ برمهات ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٣٨ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

حول‮ ‬تأسيس‮ ‬الأحزاب‮ ‬بالإخطار

الأحد ٢٠ مارس ٢٠١١ - ٥١: ٠٨ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم‮: ‬يوسف‮ ‬سيدهم
قراءة‮ ‬فى‮ ‬ملف‮ "‬الأمور‮ ‬المسكوت‮ ‬عنها‮" (‬339‮)‬

الأسبوع الماضى صدر تصريح منسوب لمصدر عسكرى مسئول يقول إنه فور الانتهاء من الاستفتاء على التعديلات الدستورية سيتم تعديل قانون الأحزاب بحيث يسمح بتأسيس الأحزاب فور الإخطار.. هذا التصريح كان له مردود طيب وسط الساحة السياسية المصرية واستراح له كافة المهمومين بأمر‮ ‬الإصلاح‮ ‬السياسى‮ ‬المرتقب،‮ ‬لأنه‮ ‬ينبئ‮ ‬بترسيخ‮ ‬مبدأ‮ ‬ديموقراطى‮ ‬أصيل‮ ‬طالما‮ ‬غاب‮ ‬عن‮ ‬معترك‮ ‬السياسة‮ ‬فى‮ ‬بلادنا‮ ‬وهو‮ ‬إطلاق‮ ‬حرية‮ ‬تأسيس‮ ‬الأحزاب‮.‬

بالرغم من إصرار نظام الحكم فى مصر عبر العقود الثلاثة الماضية على التشدق بوجود تعددية حزبية ومناخ ديموقراطى، كان المشهد كئيباً مريضاً تم التحكم فيه بدهاء شديد لتفريغ الساحة السياسية من أى منافسة حقيقية ضماناً لاستمرار هيمنة الحزب الوطنى على السلطة والحكم والاكتفاء بالسماح لباقة من الأحزاب الضعيفة بالتواجد لمجرد استكمال صورة باهتة للتعددية الحزبية بلا أدنى فاعلية وبلا أى أمل فى ممارسة تسمح بتداول السلطة.. وكانت من أهم أدوات تحقيق ذلك لجنة سيئة السمعة أطلق عليها »لجنة شئون الأحزاب« اضطلعت بسلطة الموافقة أو الرفض لأى حزب جديد يبغى الانضمام للساحة، حيث كان على مؤسسى الحزب التقدم إلى اللجنة بتشكيله وبرنامجه السياسى لاعتماده، وبينما يملى المنطق والعدالة أن تتشكل هذه اللجنة من شخصيات محايدة لا تعمل بالسياسة وليس لديها انتماء حزبى جاء تشكيلها يفضح مهمتها غير المعلنة منذ سيطر عليها أقطاب الحزب الوطنى الديموقراطى متحدين كل منطق وأدوا مهمتهم بنجاح باهر فى رفض مجموعة من الأحزاب وقفت وراءها شخصيات مصرية قديرة لها باع طويل فى العمل السياسى والفكر ومعها برامج جادة تحمل رؤى أمينة لمشاكل مصر وسبل علاجها.. هكذا دانت السلطة ليد النظام‮ ‬الحاكم‮ ‬وحزبه‮ ‬الوطنى‮ ‬وصم‮ ‬الجميع‮ ‬آذانهم‮ ‬أمام‮ ‬الدعوات‮ ‬المتواصلة‮ ‬لتطهير‮ ‬الساحة‮ ‬السياسية‮ ‬بإطلاق‮ ‬حرية‮ ‬تأسيس‮ ‬الأحزاب‮.‬

الآن بات هذا الحلم ماثلاً فى الأفق، وإذا تحقق فسيفتح الباب لضخ دماء جديدة فى المنظومة الحزبية بأمل خلق ممارسة سياسية عفية وجذب المصريين للمشاركة بفاعلية فى حكم بلدهم.. الصورة على إطلاقها طيبة تعكس رياح التغيير التى هبت على مصر منذ 25 يناير، لكن الأمر برمته يظل رهن ما تضمنه التصريح الذى بدأت به هذا المقال من تعديل قانون الأحزاب، فذلك القانون هو المسئول عن رسم المسار ووضع الضوابط التى تكفل تأسيس أحزاب جديدة وفقاً للدستور وبما لا يتعارض مع التوجهات الأساسية التى توافق عليها الشعب المصرى من رفض تأسيس أحزاب تقوم‮ ‬على‮ ‬أسس‮ ‬دينية‮ ‬أو‮ ‬طائفية‮ ‬أو‮ ‬تمثل‮ ‬تهديداً‮ ‬للوحدة‮ ‬الوطنية‮ ‬والسلام‮ ‬الاجتماعى‮.. ‬وتلك‮ ‬أسس‮ ‬فى‮ ‬غاية‮ ‬الأهمية‮ ‬تتفق‮ ‬مع‮ ‬ثورة‮ ‬25‮ ‬يناير‮ ‬التى‮ ‬رفعت‮ ‬شعار‮ »‬نريدها‮ ‬مدنية‮ ‬لا‮ ‬دينية‮«.‬

إذاً لا يجب أن يتصور أحد أن إطلاق حرية تأسيس الأحزاب يعنى إزالة أية ضوابط أو معايير حاكمة لاستيفاء عدم تعارض الحزب وتوجهاته وبرنامجه مع مبادئ الدستور، بل يتحتم وضع تلك الضوابط والمعايير، كما يتحتم تحديد الجهة المحايدة التى يناط بها تسلم إخطار تأسيس الحزب وتوجهاته، بحيث تتولى التدقيق والمراجعة ويكون لها حق طلب إيضاحات أو تعديلات من المؤسسين تمشياً مع مواد الدستور وروحه.. وقد يكون من الملائم تأكيداً على الحرية الجديدة المكفولة أن تلتزم هذه الجهة بإنجاز عملها فى فترة زمنية لها حد أقصى، فإذا ما لم يصدر عنها رفض‮ ‬رسمى‮ ‬مسبب‮ ‬خلال‮ ‬تلك‮ ‬الفترة‮ ‬اعتبر‮ ‬الحزب‮ ‬الجديد‮ ‬مقبولاً‮ ‬وله‮ ‬الحق‮ ‬فى‮ ‬الانضمام‮ ‬إلى‮ ‬الساحة‮ ‬الحزبية‮ ‬والعمل‮ ‬وسط‮ ‬الجماهير‮ ‬والمشاركة‮ ‬فى‮ ‬كافة‮ ‬دوائر‮ ‬الممارسة‮.‬
ويثور تساؤل مهم فى هذا الإطار: ماذا لو نجح حزب وليد فى المرور إلى الساحة وخلت أوراقه وبرنامجه مما يتعارض مع الدستور، ثم تبين من خلال ممارسته العملية فى الشارع ووسط الجماهير أنها حاد عن الأسس التى قام عليها وظهرت عليه أعراض تهدد بانزلاقه نحو تيارات دينية أو طائفية أو عرقية تفرز بين المصريين؟.. وهنا أعود وأقول إن أهمية وجود الجهة المحايدة التى أشرت إليها لا تنحصر فى التدقيق والمراجعة عند بدء تأسيس الحزب فقط، لكن تظل عليها مسئولية المتابعة والرصد والتقييم لكل ممارسات الحزب وسلوكياته، ولها حق المراجعة والمساءلة إذا ما ثبت لديها  خروج الحزب عن السياق الدستورى، بحيث تمتلك أدوات لفت النظر أو تعليق عمل الحزب لحين عودته إلى المسار الدستورى أو إلغاء عمله كلية إذا أصر على المغامرة بالثوابت الوطنية والإطاحة بالدستور.

لا أتصور أن هناك مصرياً غيوراً على صالح بلده ينزعج من تأصيل هذه الضوابط، وإذا كان هناك أى قدر من الهواجس الموروثة إزاء تسلط السلطة واستبدادها من خلال متابعتها للممارسة الحزبية، فيمكن وضع كافة الضمانات التى تكفل التظلم من قراراتها أمام القضاء، فلا يمكن أن يكون‮ ‬إطلاق‮ ‬تأسيس‮ ‬الأحزاب‮ ‬بالإخطار‮ ‬هو‮ ‬إطلاق‮ ‬حرفى‮ ‬بلا‮ ‬ضوابط‮ ‬وبلا‮ ‬متابعة‮ ‬إلا‮ ‬إذا‮ ‬أقدمنا‮ ‬على‮ ‬إزالة‮ ‬أية‮ ‬حدود‮ ‬رسمها‮ ‬الدستور‮ ‬لتأسيس‮ ‬الأحزاب‮.‬




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :