حقائب وقضبان
مرقس كمال زاخر
١١:
١٠
ص +02:00 EET
الأحد ٦ اغسطس ٢٠١٧
مرقس_كمال
تمر الحياة ولا أحد بمقدوره إيقاف جريانُها أو إعاقة حركتها المنتظمة ولو لثوانٍ معدودة ومن شدة مراقبتنا وملاحظتنا لها نشعر حزناً أن أعمارنا تجرى لأن مراقبتنا هذه تستنفذ كل طاقاتنا مما يجعلنا دائمى الثبات فى أماكننا منهكين لا نقوى على مواكبة جريانها فنجدها سريعة جداً ونجدنا عاجزون
ربما يحتاج منا الأمر لوقفةٍ مع أنفسنا ندخل لأعماق الذات لنكتشفها ونُصلح ما أفسدته مفاهيم ترسخت فى أذهاننا عبر عوامل عدٍة أبرزها مناخ متدنى فرض سيطرته وصنع بأغلبيته المزيفة واقع مرير فإذا برر كثيرون خطأً ما يُفسد قيمة إنسانية يتخد مع الزمن وإزدياد القانعين به والمنتفعين منه مقعد أمامى فى صفوف الثوابت فتتوارثه أجيال لاحقة ولا مُنقذ
يزداد الأمر سوءاً عندما نتعامل بينياً وتشتبك قضيتى إختلاف الرأى مع المحبة ورغم أنهما فى المجتمعات المتسقة مع نفسها قضيبين متوازيين تسير عليهما النفس السوية بل وتزداد طاقتها وسرعتها وإنتاجيتها الفعالة بلا تصادم أو إختلال إذ بنا نجدها فى مُجتماعتنا نادرة الوجود حيث نزعم الحب وهذا الزعم فى أغلبه صادق لاننا لم نكتشف بعد ما نعانيه وتلك هى الكارثة الأكبر التى بسببها ينحنى القضيبان عكس بعضهما لتنقلب النفس تحت لائحة محفور عليها نعم أحبك حتى نختلف فيتحول الإختلاف إلى خِلاف فتحزُب يطول عمُره ليتخطى عُمر مسببه .
إنه إكتشاف كامن داخلنا تظهره المواقف نعم إكتشاف كلما واجهناه كلما أصلحنا الأمر وقليلون هم من يحافظون على توازى القضبان أو يسعون مع كل إنقلاب لإعادته متوازياً ولكن الإشكالية الأكبر تبدأ بعد ذلك إذ نحمل دون قصد فوق أكتافنا حقيبة ملأناها مبررات ودفاعيات نلوم وندين فيها أفعال وأسماء بل وكيانات كثيرة ربما فى ظاهرها يُخيل لنا أن معنا الحق ولكن من منا يملك الحقيقة الكاملة ..؟ لذا فهى فى أغلبها حيل دفاعية تغطى على إكتشافاتنا فلا مواجهة حقيقة لها ولا إصلاح
هذه الحقيبة مع إزدياد ثقلها على ظهورنا تزيدنا إنحناءاً فبالكاد نرى بعد أقدامنا ببضع أمتار قليلة وكلما إزداد الثقل إزداد الإنحناء وقلت الأمتار فيصبح أكبر مدى لرؤيتنا هى خطوتنا الحالية فلا تقدُم ولا تغيير بل ونزداد عبوسة وحنقاً ونملأ الدنيا صخباً دون جدوى نعم نفعل ذلك مع أنفسنا فنزداد قلقاً ومع الآخرين فيزداون إحتقاناً .
وبنظرة أكثر دقة نرى أننا الخاسرون إذ تعطلت طاقتنا وربما بعضٌ ممن حولنا معنا لأن التقدم والتأخُر كلاهما عَدوى
وربما يَكمُن الحل فى وقفة جادة لإفراغ الحقيبة بما فيها من ظنون وأوهام وإعتقادات عطلتنا كثيراً حتى وإن كانت هناك حقائق صادمة فلندرجها تحت قناعتنا بأن العالم الذى نعيشه ليس كاملاً وأننا نخطئ كما الأخرين ولكن بنسب
وربما مع توجيه طاقتنا لهذا الإفراغ يخف وزن الحقيبة لنرفع ظهورنا المحنية ونرى سماء واسعة وأُفق لا يقدر نظرنا المحدود أن يلحقه فتزول العبوسة ونتنفس الحرية ونجد أرجلنا الساكنة والمتحركة ببطء بدأت تخطو بشكل أسرع وفى إتجاه مختلف أوضح وبالتمرس نجرى لا لمواكبة جريان الزمن فحسب بل سنجدنا نسبقه ونتخطاه لندور فى مدار خارجه وأكبر منه وهنا رؤيتنا تختلف تماماً وما ظنناه سرعه للزمن سنراه سكوناً لأننا الأسرع
هنا فقط سنكتشف إنسانيتنا وقدراتها وإمكانياتنا وكم عطلناها وكنا سبباً رئيسياً فى إعاقتها لا أخرين
والحقيقة أننا سنكتشف أن ما ومن حولنا بعد كل هذا لم يتغير ولكن سنكتشف أيضاً أننا من تغيرنا وهذا هو الأهم
وقتها فقط ستتوازى قضباننا مرةً ومرات لنعبر بهما وسط حُطام كثيرين إنقلبت قطارتهم كما كنا نحن
وربما إصرارنا وسعينا المستمر هذا سيُعين كثيرين على القيام من إنحنائاتهم وإفراغ حقائبهم ..
نعم ما أسهل أن نملأ الحقائب وننحنى
ولكن ما أصعب أن نفرغها وننطلق
#شخابيط_إنسان