الأقباط متحدون - الشَّعب الروسيّ سيمفونية متكاملة
  • ١٧:٤٦
  • السبت , ٢٢ يوليو ٢٠١٧
English version

الشَّعب الروسيّ سيمفونية متكاملة

زهير دعيم

مساحة رأي

٢٦: ١٠ ص +02:00 EET

السبت ٢٢ يوليو ٢٠١٧

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

 زهير دعيم
منذ أن عشقتْ نفسي الحرف  وتعلّقت به ، مِلْتُ الى الكتاب المُقدّس والى الأدب المهجريّ كجبران ونعيمة والرّيحاني ،وغُصتُ في الأدب العالميّ بكلّ ألوانه واشكاله ، وخاصّةً الروسيّ الذي شدّني بشكل خاصّ ، فلم أترك رواية روسيّة مُترجمة إلّا وعاقرتها  ليلًا بشغف غريب ، فقرأت لليو تولستوي وتشيكوف وغوغول وفيدور ديستويفسكي ، ولعلّ الأخير هو الذي لوّن حياتي الأدبيّة بعد كتاب الكُتب، وأدخل البهجة الى روحي الهائمة خلف الحروف والمعاني والصّور الشِّعريّة.

واعتقدْتُ حينها أن الشعب الرّوسي وقف هناك عند الأدب الجميل ؛ وهذا يكفيهم ويزيدهم فخرًا ، الى أن قررت أخيرًا أن أقوم برحلة  الى سانت بطربورغ وموسكو ، وكانت الدهشة الكبرى ،فاكتشفتُ أنّ سانت بطرسبورغ لوحةٌ جميلة ، نادرة ودرّة يتيمة يزنّرها نهر النيفا وبحر البلطيق بزنّاريْن من وهج ووميض ، وترصّعها الكنائس الجميلة والقصور الخلّابة وتضفي عليها مسحات من جمال وعظمةٍ وقداسة ، تجعلك تقف دَهِشًا أمام هذا الزّحف الجماليّ السّاحرفي مدينة لم تزل في عمر الورود، فلم يمض على بنائها اكثر من ثلاثة قرون ، وهذا الرقم يُعتبر طفلًا أمام المدن العريقة الاخرى ، فانبهرت بمتحفها  أرميتاج العظيم وبحدائقها الغنّاء المزروعة في كلّ منحنى وزاوية ، حيث تُعربد فيها الورود  والزهور حيث ترقص جذلى تارة على وقع النوافير وتارة أخرى على وقع المطر ونسائم الشّوق وخاصة حديقة بترهوف .

أمّا عن التحف الفنيّة والتماثيل والمسبوكات فحدّث ولا حَرَج، فالفنّ يطاول السّماء ، والعظمة تُطلّ احيانًا من حصان جامح وأخرى من عينيْ قيصر أو قائد مجيد، أو من خلال صليب يسمو في شمَمٍ فوق كتدرائية الدم المراق وغيرها من الكنائس المزروعة في كلّ الانحاء.

 لا أخفيكم سِرًّا أن قلتُ انّ الرّسم ظننته مرّة وقْفًا على الاوروبيين دونما روسيّا ، فانغرس في ذهني : دافنشي ، انجلو ، سلفادور دالي، رامبرانت، فان جوغ، بيكاسو ورينوار الفرنسيّ وغيرهم وما ظننت مرّة أن الروسيّ العاشق لصنع السّلاح بمقدوره أن يرسم  المصلوب والعذراء والموج والغروب والقياصرة والورد والنفس البشريّة الهائمة والطّبيعة البكر العاشقة والسّاجدة عند أقدام الجليليّ المصلوب، الى أن زرْتُ محطّات القطار هناك فاكتشفت في كلّ محطة مُتحفًا جميلًا مختلفًا ، فهذه المحطة تزخر بالتماثيل الساحرة، وتلك بالثّريّات وثالثة باللوحات الجميلة ، وزاد اعجابي في معرض الرسم الذي يربض بدلال في وسط موسكو ؛ هذا المعرض الفخم والذي يحوي مئات اللوحات الجميلة بأشكالها ومواضيعها والوانها ومضموناتها وقوس قزحها ، لأجد أن هناك دالي وفان جوخ وبيكاسو ورينوار بثياب روسيّة أمثال : نيقولاي انوخين وايفان اركونوف وايفان ايفازوفسكي وفيدور الكسييف وديونيسي وشاجال وغيرهم ...لوحات جميلة "عَ مدّ البصر "  وعلى مدّ الفكر الجميل تسلب الألباب وتحكي قصّة شعب مثابر يعيش القداسة فتجده يخشع في الكنائس واقفًا ويخرج ووجهه نحو المذبح الى ان يخرج من الباب راسمًا اشارة الصّليب.أمّا عن الباليه والفلكلور والرقص فحدّث ولا حرج دومًا ؛ انهم قياصرة وأباطرة ؛صبايا وشبّانًا يملأون العين والقلب والفكر بالالوان الزاهية والتشكيلات الجميلة والصور العابقة بشذى الفنّ الرّاقي والايحاء والصّرخات منهم تارة في لين وأخرى في رجولة.

حقيقة قبل ان اطأ بقدميّ ثرى بطرسبورغ وموسكو اعتقدت ان الشّعب الرّوسيّ رائع وعظيم ، ولكن بعد زيارتي لها قبل ايام معدودات وصلت الى قناعة تقول ان الشعب الروسيّ أكثر من رائع وأكثر من عظيم ، وأن الغرب الذي بهرنا كثيرًا يقف أمام عظمته حائرًا وجلًا وخجلًا أحيانًا.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع