بقلم: مجدى صادق
رسالتك وصلت يا فضيلة الشيخ أنت تريدها دولة دينية تحكم بمبدأ الحاكمية ونحن نقول لك الشعب يريدها مدنية. ونحن ندرك يا فضيلة الشيخ أهمية الدين فى نفس كل إنسان. لأن عقيدة الفرد هى منهاج سلوك وحياة, وهذا ليس قاصرا على المسلمين ولا على المسيحيين ولا حتى على الملحدين وحدهم. بل هو طبيعة فى كل البشر, وهذا أمر رغم أهميته فى تحديد سلوك الإنسان إلا أنه يبقى شأنا خاصا لا يعنى إلا الإنسان نفسه سواء كان مؤمنا أو كافرا.
وعلى هذا لا يجب حل مشكلة كنيسة صول على أساس رأى الدين فنحن لسنا فى دولة دينية بل دولة مدنية. والدولة المدنية تعنى سيادة القانون على جميع المواطنين بصرف النظر عن معتقدهم. وعلى هذا فإن حقوق المواطنين المسيحيين يجب أن تعود على هذا الأساس, وعلى هذا الأساس وحده. لا نريد حقوقا على أساس أن فضيلتك من العرب الفاتحين المحتلين وأن المسيحيين معاهدين أو ذميين وأن للذميين حقوقا. فهذا زمن ولى وباد. فنرجوك أن تحيا الواقع ولا تخاطبنا بلغة الماضى. يا فضيلة الشيخ إن كنت مصرى الجنسية فأنت من منظور فقه الفاتحين العرب من الموالى أى الأجانب فهل تقبل أن تكون أجنبيا فى بلدك. وإن كنت عربى الجنسية فهذه بلدنا وقد نلنا حريتنا واستقلالنا وأنت هنا فى مصرنا فى حكم الأجنبى الذمى أو المعاهد أو الضيف ولن تكون أبدا من العرب الفاتحين الذبن ولت دولتهم منذ قرون. فمصر لم تعد إمارة عربية بل دولة حرة مستقلة ذات سيادة.
فإن كنت من أصل عربى وما زلت مغيبا تحيا فى أحلام الماضى فإنها ساعة الآن لتستيقظ وتتعايش مع الواقع بأن مصر الآن حرة مستقلة تفخر بمصريتها وتاريخها وحضارتها العظيمة والتى ترجمتها الثورة بعبارة \" إرفع رأسك فوق. إنت مصرى \" فإن كنت تتمسك بجنسيتك العربية وفقه الفاتحين الذى ولى وزال. فإنك ستكون فى مصرنا أجنبى وذمى وضيف. أما إن كنت مصرى الجنسية فلا تطلب أن تكون من الموالى أى الأجانب ( بحسب فقه الفاتحين ) فى بلدك مصر. يا فضيلة الشيخ يا من تفتى برأى الدين. لقد ترتب على قولك بتأجيل إعادة بناء الكنيسة لمدة 48 ساعة سقوط أكثر من 120 شخص بالمقطم مابين قتيل وجريح من المسلمين والأقباط الشرفاء بمعدل شخص فى كل نصف ساعة. دمهم على رأس كل من تسبب فى هذه الأزمة من محرض أو مخطط أو منفذ وكذا من صعدها أو عطل حلها. إنك تطالب بالتأجيل للحوارات. أى حوارت وأى مطالب تعطل حق الأقباط فى إعادة بناء كنيستهم وفى ممارسة شعائرهم الدينية.
إن إعادة البناء الفورى دون قيد أو شرط ومحاكمة المحرضين والمخططين والمنفذين أمر لا جدال حوله مهما كان الثمن. أما قولك بأن أسباب ثورة المسلمين بقرية صول بأطفيح بحلوان التى دفعتهم لهدم الكنيسة هو توجههم إلى الكنيسة للوصول إلى شاب كان على علاقة بفتاة مسلمة فوقفوا على بعض الأوراق بها أسماء لبعض المسلمين من الرجال والنساء بالقرية فثارت حفيظتهم وبدأوا يحطمون كل شىء. فإنه إذا كانت هذه الأوراق صحيحة وغير مزورة. فإنه من المعروف أن المصلين وبعض المسلمين الذين يذهبون للكنيسة للتبرك بها يكتبون اسماء الموتى للترحيم عليهم أو قد يكتبون اسماءهم ويضعوها على الهيكل ليذكرهم الكاهن فى صلاته. أيا كان الأمر فمن فمك أدينك إن هذا معناه أن هؤلاء المسلمين اقتحموا هيكل الكنيسة وهو قدس أقداس لا يجوز لغير مؤمن دخوله. أما إن كانت الأوراق مزورة فسيكون من الواضح أن هذه الأوراق تم دسها لتبرير جريمتهم الشنعاء.
ثم أين هو الشاب الذى كانوا يبحثون عنه؟ ولماذا لم يذهبوا إلى مسكنه عوضا عن الكنيسة؟ هل كانوا يطاردونه فلجأ إلى الكنيسة ليحتمى بها. إن كانوا يطاردونه وهرب منهم ليلتجىء ببيت الله فكان عليهم أن يقفوا بباب الكنيسة ويطلبوا من الكاهن تسليمه لهم, وبداهة أن واجب الكنيسة فى هذه الحالة إلا تسلمه لهم وإنما تسلمه للجيش ليحاكم إن كان قد ارتكب إثما. أما أن يقتحموا بيت الله بدعوى كاذبة بأنها للبحث عن شاب يطلبونه لقتله. فهى جريمة لا تغتفر تحت أى مسمى. فمن المعلوم وفقا لجميع المواثيق الدولية أن للبيوت حرمة. فإن كان للبيوت حرمة فمن باب أولى أن لدور العبادة حرمة أعظم. إنها أعظم من السفارات. إن إقتحام وهدم أى دور عبادة هو جريمة ضد الإنسانية وضد المجتمع الدولى. إن إسرائيل نفسها لم تتجرأ على اقتحام كنيسة بيت لحم للقبض على 13 فلسطينى مسلح كانوا مطلوبين لديها عام 2002 عندما احتموا بها. إن جريمة إقتحام أى دور عبادة وهدمها هو سابقة غير مسبوقة فى العصر الحديث وخطأ تاريخى لا يغتفر.