بقلم: ماريا ألفي إدوارد
نشبت ثورة 25 يناير التي كان وقودها شباب مصر، وكانت ركائز الثورة هو دعوتها للحرية بكافة أنواعها، وكان شعار الثورة الأساسي متمثلاً في كلمتين فقط هما"مدنية-سلمية"، وبالفعل نجحت هذه الثورة وأطاحت بالحكم الاستبدادي والقمعي الذي كان يكبل أيادينا على مدار 30 عامًا .
ولكن في وجهة نظري كان الأهم من تغيير نظام لنظام آخر، كان يتعين أن يتم إبادة ثقافة ترسخت بعقول كثير من المصريين، وهي ثقافة عدم قبول الآخر بفكره ومعتقده وحتى مشاعره!!، إلى جانب عدم وجود ثقافة لمعنى العيش بحرية، ويبدو أن الكثير من المصريين قد اعتاد أن يعيش بنظام من حديد .
**فالدليل على عدم تقبل فكر الآخر، هو انتشار قائمة طويلة وعريضة أثناء الثورة، وأسموها بقائمة العار وذلك لكل من يساند النظام، فلماذا نخون بعضنا بعضًا لمجرد الخلاف في وجهات النظر، فليس معنى أن شخص اختلف معي في فكرة أو موقف معين انه أصبح بهذا خائنًا وعميلاً.
**ولكن صراحة تعدى الأمر في ذلك الأمر إلى إننا أصبحنا لا نتقبل مشاعر الآخر، فإذا أحب شاب مسيحي فتاة مسلمة أو العكس، فيتحول الأمر إلى مجازر ، وكأنه كان يتعين أن نُخلق بفرامل، فإذا ما دقت مشاعر حب شاب لفتاة واكتشف أنها ليست من نفس دينه فعليه أن يدوس على زر الفرملة، لأنه بالطبع ستتحول القصة من"روميو وجولييت"إلى حدوث مجزرة وحرق لبيوت وكنائس، وهذا ما حدث مؤخرًا في قرية"صول"بـ"أطفيح".
فما المانع انه إذا أحبت فتاة مسيحية شاب مسلم أو العكس أن يرتبطا ببعضهم ويظل كلاً على دينه أو إذا أرادوا تغيير دينهم فليغيروه، طالما كان هذا قرارًا نابع من عقلهم، ودون ضغط من أي أحد مهمًا كان.
لذا أوجه رسالة للأزهر والكنيسة انه إذا ارتبط شاب بفتاة مختلفة عنهم في الدين، وطالما كانت علاقتهم في إطار الشرعية وتتماشى مع العادات والتقاليد للمجتمع المصري ألا يكون مصيرهم هو الحرمان من ممارسة عقائدهم الدينية.
فلا يعقل انه عند حدوث قصة حب بين شاب وفتاة أن ينتهي الموضوع بقتل ودم وحرق!!
**وبالإضافة إلى عدم تقبل الآخر، فهناك جزء كبير من المصريين لم يعتادوا أن يكونوا مسئولين، فعندما تم إخلاء الشوارع من الضباط ماذا حدث؟
أينعم انتشرت اللجان الشعبية لتحافظ على ممتلكاتهم وأسرهم، ولكن كان في المقابل عدد كبير مما انتهزوا هذه الفرصة للسرقة والبلطجة على خلق الله، إلى جانب قطاع الطرق من المجرمين والبلطجية. وعندما اختفى عسكري المرور وجدت اغلب السائقين يسيرون في اتجاه عكسي، ضاربين بالقواعد والقانون عرض
الحائط، وكان مبررهم في ذلك"يعني هي جت عليا".
فأعتقد انه إلى حد كبير لم تنجح الثورة فعليًا إلا إذا تم إزالة هذه المفاهيم الخاطئة التي تسيطر علينا.