مشروع قانون الأزهر نكسة للحريات والمساواة والدراسات الإسلامية
مقالات مختارة | محمد أبو الغار
الثلاثاء ٢٧ يونيو ٢٠١٧
حين قدم الأزهر إلى الرئيس مشروع قانون عنوانه «مكافحة الكراهية والعنف باسم الدين» توقفت أمام مخاطر ضخمة.
أولاً: هل بنود هذا القانون غير موجودة فى القوانين الحالية؟، والإجابة كانت واضحة، كل نقطة فى هذا القانون موجودة فى قوانين قائمة. أليس قانون العقوبات المصرى مليئا بكل هذه المخالفات؟.
ثانياً: يوجد قانون سيئ اسمه ازدراء الأديان ومع ذلك يتم إهانة الديانة المسيحية علنا من ميكروفونات الزوايا جهارا نهارا ولا شىء يحدث، السادة قيادة الحزب السلفى يدلون بأحاديث كلها موجودة فى التليفزيون وعلى وسائل الإعلام تشتم المسيحيين ودينهم وتحض على عدم مصافحتهم أو صحبتهم، هل حدث شىء لهم؟ طبعا لا، لأنهم حبايب النظام ولهم وضع خاص. الشيخ الأزهرى الذى أعلن فى التليفزيون أن صحيح الإسلام يقر بأن المسيحيين كفار (لنا أن نتصور معنى هذه الكلمة عند العقل الجمعى لعامة الشعب). لكن تم عقاب الروائى أحمد ناجى لكتابته رواية أو شاعر كتب قصيدة أو مفكر قال رأيا أو كاهن مسيحى رد على الشيخ الذى قال إن المسيحيين كفار. القوانين موجودة وتطبيقها معوج فى نظام غير عادل.
ثالثاً: فى المقدمة يطالب المشرع بعقاب من يقدم تأويلات محرفة لبعض نصوص الكتب السماوية وعبرت عن اجتهادات خاطئة لبعض المفسرين للدين. هذه المقدمة مستفزة وتعبر عن فكر تآمرى، هل كل مفكر أو مجدد يحاول حل أزمة الدين الإسلامى فى العصر الحديث التى لم تحل بالطريقة التقليدية فى التفكير يعتبر من الخوارج، وأيام كان الأزهر منفتحا على كافة المذاهب والتفسيرات من كافة الاتجاهات وهى أمور موثقة ومعروفة داخل الأزهر، كان يجد حلولا لمتناقضات الأشياء ولم يكن الفكر الوهابى يسيطر. ولكن سيطرة الفكر الوهابى على مصر والأزهر جعلت التفكير أحادياً والأزهر منارة الفكر الإسلامى المتعدد الأفكار والتوجهات يريد قانوناً يمنع التفكير والتجديد، كل ذلك أدى إلى المأزق الذى نعيشه، والتأويل علم هام، ودراسات شخصيات هامة مثل نصر أبوزيد ومحمد أركون كانت هى الأمل فى خروج الفكر الإسلامى من المأزق الذى نعيشه. حين تأتى بقانون يمنع التأويل أو يقول إن هذا تأويل جيد أو غير خاطئ فأنت تمنع حرية الدراسات الإسلامية وهذا مخالف للدين والقانون والمستقبل.
رابعاً: يقول رجال القانون وأساتذة التشريع إن كلمات القانون يجب أن تكون منضبطة وواضحة ومحددة بدقة. القوانين التى يتم سلقها فى البلاد الديكتاتورية متخصصة فى الموافقة على قوانين ذات ألفاظ مطاطة غير محددة المعنى.
خامساً: لا أتخيل أن يتقدم الأزهر بمشروع قانون يحض صراحة على مخالفة إحدى المواد العامة فى الدستور، تنص المادة ٦٥ من الدستور على أن حرية الفكر والرأى مكفولة ولكل إنسان الحق فى التعبير عن رأيه… إلخ.
ويريد المشرع أن يلغى الدستور قائلا فى المادة الرابعة من المشروع: لا يجوز الاحتجاج بحرية الرأى والتعبير والنشر والإبداع للأديان بنقد أو عمل ينطوى على ما يخالف أحكام القانون. بالعربى الفصيح واضح أن هذا المشروع يقول أنا ربكم الأعلى فوق جميع القوانين والدساتير وأنا الذى أقول وتخرسوا كلكم.
هذه المادة وجودها كفيل بإرجاع مصر لعصر المماليك ونسيان ثلاثمائة عام من التقدم.
سادساً: العالم كله يقوم بدراسة الإسلام وكتبه وتاريخه ودراسة علوم القرآن والحديث ويقدم أفكارا ومفكرين عالميين، الحجر على العلماء المصريين يجرنا إلى التخلف والتأخر، العلم ليس له سقف فكروا فى ريادة مصر وليس تخلفها.
سابعاً: هذا القانون لن يصلح التمييز الواضح من النظام تجاه المسيحيين وهو أمر مستمر منذ عدة عقود، هل سوف يسمح هذا القانون بتعيين المسيحيين فى وظائف معينة، هل سوف يمنع رؤساء الجامعات والعمداء من رفض تعيين بعض الأقباط، هل سوف يؤدى إلى تعيين محافظ مسيحى، هل سوف يمنع إعطاء الطالب المسيحى درجة أقل مما يستحق، هل سوف يمنع الاعتداء على الأقباط ومنعهم من الصلاة فى الصعيد. لن يصلح القانون شيئاً من ذلك ولكن سوف يؤثر على تقدم الفن والثقافة والمسرح والإبداع بتدخل فى كل عمل لا يروق للنظام، سوف يمنع التجديد الدينى والتطور وكان الأزهر دائماً هو مصدر المدارس المتعددة فى كل الدراسات الإسلامية. الآن الأمر أصبح مختلفاً، التجديد غير مرغوب فيه والمذهب الوهابى يأخذ المكان الأعلى مع الفكر السلفى. سوف يفقد الأزهر مكانته فى التطوير والتجديد وسوف تتخلف مصر.
إذا تمت الموافقة على هذا القانون فسوف تفقد مصر القوة الناعمة فى الثقافة والفن والفكر، وهو الأمر الوحيد المتبقى لنا ويبدو أن هذا الأمر فى مصر أيضاً لم يصبح مرغوباً فيه.
ثامناً: ينص الدستور فى المادة ٥٣ على أن المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة. لا تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة أو الجنس… إلخ.
التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون. تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.
الحل الحقيقى هو أن يقوم مجلس الشعب بإصدار قانون ينظم عمل مفوضية مستقلة تكون مدنية تنظم وتراقب وتمنع أى تمييز أو كراهية، وحسب نص الدستور، هذا هو الحل الحقيقى. ولا تنسوا أن مصر دولة مدنية.
قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك.
نقلا عن المصري اليوم