قطر صغيرة قد تشعل حربا كبيرة
د. أحمد الخميسي
٤٦:
٠٩
ص +02:00 EET
السبت ١٧ يونيو ٢٠١٧
د. أحمد الخميسي
أسئلة كثيرة بحاجة إلي التفكير يثيرها إعلان مصر والسعودية والبحرين والإمارات واليمن وحكومة شرق ليبيا قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر واحتمال تعليق عضوية قطر في الجامعة العربية، وذلك كله بسبب" تدخل قطر في الشئون الداخلية ودعم الإرهاب". ويترافق قطع العلاقات بالتلويح بمواجهة"الإرهاب"– أي قطر- بالاعتماد على"التحالف العسكري العربي". نحن إذن نواجه احتمال شن حرب تأديب صغيرة أو حرب كبيرة على قطر.
ومما يثير الاستغراب و يدعو للتأمل هنا أن طرفي الصراع : قطر من ناحية، ثم مصر ودول الخليج الأخرى من ناحية، تدور كلها في فلك الهيمنة السياسية الأمريكية التي تبلغ حد وجود قواعسد عسكرية أمريكية ضخمة فيها، وهي دول لم يسبق لها أن قامت بمعارضة أي خطوة أمريكية من قبل حتى أن القواعد الموجودة بها استخدمت في الحرب على العراق، ولا تستطيع تلك الدول– سواء قطر الإرهابية أو السعودية عدوة قطر الارهاب – أن تؤجج صراعا يمس المنطقة من دون ضوء أخضر أمريكي أو موافقة صريحة.
ولا يتقبل العقل هنا أن تشن دول تجسد المصالح الأمريكية حربا على طرف منها يجسد هو الآخر المصالح الأمريكية، وإلا أصبحنا إزاء أمريكا وهي تحارب
أمريكا. لذلك تحديدا فإن قطر الصغيرة قد تكون مخلب قط لجر الخليج إلي حرب مع إيران، يتحقق فيها لأمريكا وإسرائيل الكثير من المكاسب الاستراتيجية. في مقدمة تلك المكاسب ضرب إيران وتصفية ما تمثله، أو قد تمثله، من خطر عسكري، نووي، على إسرائيل.
وبالمرة تصفية حزب الله الذي يستمد بعض قوته من التسليح الإيراني، وهو الحزب الوحيد الذي أثبت للمرة الأولى في 2006 أن من الممكن هزيمة إسرائيل بحرب شعبية غير نظامية.
استدراج إيران للحرب – ويقوم النظام المصري بدور فعال في تلك الخطة- سيضمن لأمريكا وإسرائيل أيضا استكمال الإجهاز على النظام السوري.
أما الأشد خطورة فهو أن تتكفل تلك الحرب التي قد تتخذ قناعا دينيا – سنيا شيعيا – بتقويض دول الخليج في حربها على إيران، خاصة بعد أن استطاعت أمريكا أن تهدم الدولة في العراق وليبيا واليمن وتحاول ذلك في سوريا الآن.
وربما – من وجهة نظر أمريكية – يكون قد آن الأوان لهدم دول الخليج، وإضعاف مجلس تعاونها الخليجي كشكل اقليمي، وإجبارها على اتخاذ آخر خطوات تسوية سياسية سلمية مع إسرائيل، تسوية صريحة وعلنية لا تكتفي بفتح مكاتب تجارية أو باتصالات وزيارات سرية، بل باتفاقيات علنية صريحة تقر بيهودية الدولة الاسرائيلية وحدودها والتطبيع الاقتصادي والسياسي معها.
من ضمن ما قد يكفله المخلب القطري أيضا تصفية " حماس" التي تتهم قطر بإيواء قادتها وتمويلهم ودعمهم، وقد تجد إسرائيل في حرب خليجية إيرانية فرصة ذهبية للصراخ حول ضرورة تصفية " الارهاب" وحماس في غزة، ويؤكد ذلك ما كتبه " سيث فرانتسمان" في صحيفة " جيروزاليم بوست" الإسرائيلية من أن هناك خمسة فوائد لما أسماه الخروج القطري، أهمها " كسر شوكة حماس وإضعاف قوتها".
وتتزايد الشكوك حول أن المقصود بمواجهة الارهاب هو إيران وليس قطر إذا لاحظنا أن التصعيد الأخير جاء عقب زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للسعودية في 20 مايو وصدور بيان مشترك كان أهم مافيه تأكيد الطرفين على أن:"التدخلات الايرانية تشكل خطرا على المنطقة والعالم، وأن الاتفاق النووي المبرم مع إيران يحتاج إعادة نظر.. ونزع سلاح التنظيمات الارهابية مثل حزب الله"! إن البيان السعودي الأمريكي الذي توجت به زيارة ترامب للرياض يكاد أن يكون وثيقة تجسد المطالب الاسرائيلية بشأن إيران وحزب الله.
أما قطر فإنها تكاد أن تكون ذريعة لا أكثر، يؤكد ذلك ما كتبه " سايمون هندرسون" مدير برنامج الخليج في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى- في صحيفة " فورين بوليسي"- وقوله إن الهدف الشكلي لتحرك السعودية ودول الخليج هو قطر.. لكن تلك الدول كانت منذ وقت طويل تمهد لحرب مع إيران"، أما قطر فإنه يمكن مقارنتها مع اغتيال الدوق فرانز فرديناند في سراييفو عام 1914، حين لم يكن اغتياله سوى شرارة لاشعال الحرب العالمية الأولى. في سبيل تحطيم دول الخليج، بعد العراق وليبيا واليمن،وفي سبيل استنزاف إيران، ومن أجل خلق مناخ مناسب لكسر شوكة حماس، وضرب
حزب الله، في سبيل خريطة جديدة للمنطقة يمكن لأمريكا أن تحتمل صورة حليفها الصغير قطر وهو يتلقى عدة صفعات إلي تفتح باب الحرب المقصودة. في كل الحالات يظل الاتهام السعودي لقطر بالارهاب غير مقنع كذريعة للاجراءات السعودية، وهذا بالضبط ما يثير التساؤلات حول الأسباب الحقيقية لقطع العلاقات مع قطر، على الأقل لأن السعودية ذاتها – التي يغضبها الإرهاب القطري- متوغلة في ذلك الطريق، على الأقل لأن مصر حينما أشارت في ديسمبر العام الماضي إلي الدور القطري في تفجير الكنيسة البطرسية في القاهرة، كانت السعودية على رأس مجلس التعاون أول من دافع عن قطر! وجاء دفاعها في 16 ديسمبر على لسان الأمين العام للمجلس عبداللطيف الزياني الذي أعلن أن "التسرع في إطلاق التصريحات دون التأكد منها يؤثر على صفاء العلاقات المتينة بين مجلس التعاون ومصر".
ومما يثير الاستغراب و يدعو للتأمل هنا أن طرفي الصراع : قطر من ناحية، ثم مصر ودول الخليج الأخرى من ناحية، تدور كلها في فلك الهيمنة السياسية الأمريكية التي تبلغ حد وجود قواعسد عسكرية أمريكية ضخمة فيها، وهي دول لم يسبق لها أن قامت بمعارضة أي خطوة أمريكية من قبل حتى أن القواعد الموجودة بها استخدمت في الحرب على العراق، ولا تستطيع تلك الدول– سواء قطر الإرهابية أو السعودية عدوة قطر الارهاب – أن تؤجج صراعا يمس المنطقة من دون ضوء أخضر أمريكي أو موافقة صريحة.
ولا يتقبل العقل هنا أن تشن دول تجسد المصالح الأمريكية حربا على طرف منها يجسد هو الآخر المصالح الأمريكية، وإلا أصبحنا إزاء أمريكا وهي تحارب
أمريكا. لذلك تحديدا فإن قطر الصغيرة قد تكون مخلب قط لجر الخليج إلي حرب مع إيران، يتحقق فيها لأمريكا وإسرائيل الكثير من المكاسب الاستراتيجية. في مقدمة تلك المكاسب ضرب إيران وتصفية ما تمثله، أو قد تمثله، من خطر عسكري، نووي، على إسرائيل.
وبالمرة تصفية حزب الله الذي يستمد بعض قوته من التسليح الإيراني، وهو الحزب الوحيد الذي أثبت للمرة الأولى في 2006 أن من الممكن هزيمة إسرائيل بحرب شعبية غير نظامية.
استدراج إيران للحرب – ويقوم النظام المصري بدور فعال في تلك الخطة- سيضمن لأمريكا وإسرائيل أيضا استكمال الإجهاز على النظام السوري.
أما الأشد خطورة فهو أن تتكفل تلك الحرب التي قد تتخذ قناعا دينيا – سنيا شيعيا – بتقويض دول الخليج في حربها على إيران، خاصة بعد أن استطاعت أمريكا أن تهدم الدولة في العراق وليبيا واليمن وتحاول ذلك في سوريا الآن.
وربما – من وجهة نظر أمريكية – يكون قد آن الأوان لهدم دول الخليج، وإضعاف مجلس تعاونها الخليجي كشكل اقليمي، وإجبارها على اتخاذ آخر خطوات تسوية سياسية سلمية مع إسرائيل، تسوية صريحة وعلنية لا تكتفي بفتح مكاتب تجارية أو باتصالات وزيارات سرية، بل باتفاقيات علنية صريحة تقر بيهودية الدولة الاسرائيلية وحدودها والتطبيع الاقتصادي والسياسي معها.
من ضمن ما قد يكفله المخلب القطري أيضا تصفية " حماس" التي تتهم قطر بإيواء قادتها وتمويلهم ودعمهم، وقد تجد إسرائيل في حرب خليجية إيرانية فرصة ذهبية للصراخ حول ضرورة تصفية " الارهاب" وحماس في غزة، ويؤكد ذلك ما كتبه " سيث فرانتسمان" في صحيفة " جيروزاليم بوست" الإسرائيلية من أن هناك خمسة فوائد لما أسماه الخروج القطري، أهمها " كسر شوكة حماس وإضعاف قوتها".
وتتزايد الشكوك حول أن المقصود بمواجهة الارهاب هو إيران وليس قطر إذا لاحظنا أن التصعيد الأخير جاء عقب زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للسعودية في 20 مايو وصدور بيان مشترك كان أهم مافيه تأكيد الطرفين على أن:"التدخلات الايرانية تشكل خطرا على المنطقة والعالم، وأن الاتفاق النووي المبرم مع إيران يحتاج إعادة نظر.. ونزع سلاح التنظيمات الارهابية مثل حزب الله"! إن البيان السعودي الأمريكي الذي توجت به زيارة ترامب للرياض يكاد أن يكون وثيقة تجسد المطالب الاسرائيلية بشأن إيران وحزب الله.
أما قطر فإنها تكاد أن تكون ذريعة لا أكثر، يؤكد ذلك ما كتبه " سايمون هندرسون" مدير برنامج الخليج في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى- في صحيفة " فورين بوليسي"- وقوله إن الهدف الشكلي لتحرك السعودية ودول الخليج هو قطر.. لكن تلك الدول كانت منذ وقت طويل تمهد لحرب مع إيران"، أما قطر فإنه يمكن مقارنتها مع اغتيال الدوق فرانز فرديناند في سراييفو عام 1914، حين لم يكن اغتياله سوى شرارة لاشعال الحرب العالمية الأولى. في سبيل تحطيم دول الخليج، بعد العراق وليبيا واليمن،وفي سبيل استنزاف إيران، ومن أجل خلق مناخ مناسب لكسر شوكة حماس، وضرب
حزب الله، في سبيل خريطة جديدة للمنطقة يمكن لأمريكا أن تحتمل صورة حليفها الصغير قطر وهو يتلقى عدة صفعات إلي تفتح باب الحرب المقصودة. في كل الحالات يظل الاتهام السعودي لقطر بالارهاب غير مقنع كذريعة للاجراءات السعودية، وهذا بالضبط ما يثير التساؤلات حول الأسباب الحقيقية لقطع العلاقات مع قطر، على الأقل لأن السعودية ذاتها – التي يغضبها الإرهاب القطري- متوغلة في ذلك الطريق، على الأقل لأن مصر حينما أشارت في ديسمبر العام الماضي إلي الدور القطري في تفجير الكنيسة البطرسية في القاهرة، كانت السعودية على رأس مجلس التعاون أول من دافع عن قطر! وجاء دفاعها في 16 ديسمبر على لسان الأمين العام للمجلس عبداللطيف الزياني الذي أعلن أن "التسرع في إطلاق التصريحات دون التأكد منها يؤثر على صفاء العلاقات المتينة بين مجلس التعاون ومصر".
فما الذي جرى وما الذي جد ما بين دفاع السعودية عن قطر الارهابية منذ نصف عام وإعلان السعودية الحرب على قطر الآن؟. ليس الارهاب ما يشغل السعودية، لكنه شيء آخر.