هل هناك ما يمكن أن نطلق عليه الاغتصاب الحلال؟ معنى الحلال طبعاً من وجهة نظرنا وليس معنى الحلال بأمر وسماح إلهى، فلا يمكن ومستحيل أن يكون الاغتصاب بقرار إلهى، لكنه للأسف يمرر بتبرير بشرى! الحلال بتفسيرنا وتبنّينا وحماسنا لهذا التفسير، للأسف العلاقة بين الزوجين أحياناً تمارس بما يشبه الاغتصاب! فالاغتصاب كما عرفناه وتعلمناه فى ثقافتنا العربية والإسلامية هو فعل جنسى تُجبَر عليه الضحية بواسطة رجل غريب عنها، أى بالضرورة ليس زوجها، ولكن هذا التعريف التقليدى قد تغيّر الآن بعد رصد العلاقات الزوجية بصورة علمية، ومنها طبعاً تلك العلاقات التى تستحق لقب اغتصاب شرعى يباركه المجتمع، وبعد أن وجدنا الآن من يروج لحق الرجل الذى بلا حدود أو موانع فى جسد زوجته على أنه بديهية دينية، وهو ما أعتبره مجافياً لمنطق الدين الإسلامى الذى أعلى من شأن الاختيار، وكرّم الجسد الإنسانى، وأوصى بالنساء خيراً، وليس من المعقول والمنطقى أن يجبر الزوجة على فعل يحتاج كل هذا الكم من الأحاسيس والرغبة والقبول، يجبرها لمجرد إرضاء رغبات الزوج وإطفاء ظمئه حتى ولو على حساب سلامها النفسى، فلا يمكن أن يعتبر الإسلام الجنس مونولوجاً من طرف واحد، ولا يمكن أن يوافق على أن تكون العلاقة الجنسية اغتصاباً مقنناً بورقة، وبالرغم من عدم إجبار القرآن للزوجة على ممارسة الجنس مع زوجها رغماً عنها فإن الفقهاء قد اعتمدوا على عدة أحاديث فى ترسيخ هذا السلوك المونولوجى فى الجنس مثل:
• رواية ابن عباس التى تقول: «أتت امرأة من خثعم إلى النبى فقالت إنى امرأة أيم، وأريد أن أتزوج فما حق الزوج؟». وكان أول الحقوق الزوجية التى قيلت فى الحديث أن من حق الزوج على الزوجة إذا أرادها فراودها عن نفسها وهى على ظهر بعير لا تمنعه.
• إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح.
وأنا حقيقة لا أفهم أن يساند البعض ويروج لهذه المفاهيم، فكيف يتم إرهاب الزوجة التى لا تساعدها ظروفها النفسية أو الجسدية على اللقاء الجنسى بأنها ملعونة وفى النار؟! إنه تثبيت لمفهوم الجنس الميكانيكى الخالى من المشاعر، فكيف مثلاً نجبر زوجة مكتئبة على الجنس، أو زوجة من الممكن أن يضرها الجماع جسدياً مثل فترات معينة من الحمل أو عندما تكون المشيمة فى وضع قريب من عنق الرحم، أو ببساطة زوجة مالهاش مزاج كيف نجبرها على الجنس بالعافية؟! والغريب أننا نجد أن عدد من يتبنون المفاهيم المنطلقة من هذه الأحاديث أضعاف أضعاف من يتبنون المفاهيم الإيجابية الأخرى التى ذكرها القرآن والرسول والتى تتناقض مع هذه الأحاديث السابقة، ولا أعرف كيف تستقيم هذه الأحاديث مع أوامر أخرى للرسول عليه الصلاة والسلام يظهر منها فهمه المرن لمشاعر المرأة وأحاسيسها، وكيف أنه أمر الرجل بألا يقع على امرأته كما البهيمة بدون مقدمات أو ملاطفات، مما جعل أبوحامد الغزالى يقتبس من سنته ويقول فى «إحياء علوم الدين»: «إذا قضى الرجل وطره فليتمهل على أهله حتى تقضى هى أيضاً نهمتها»، أى إن الإسلام أوصى بالحفاظ على الإيقاع والهارمونى الجنسى الذى لن يتحقق على الإطلاق بأن نُرهب المرأة ونُكرهها على أن تباشر الجماع وهى مجبرة لإرضاء زوجها فقط حتى ولو على ظهر جمل وإلا باتت ملعونة. أعتقد أن الاغتصاب الزوجى لا يرضى عنه الإسلام تحت أى مسمى أو مبرر، فالجنس حوار، ولا ينفع أن يكون أحد الطرفين ثرثاراً والطرف الآخر أخرس، والسؤال الذى يطرح نفسه على استحياء: هل الملائكة تلعن الرجل أيضاً حين يمتنع عن زوجته، أم أنها من ثلج وهو من نار؟!
نقلا عن الوطن