الأقباط متحدون - مفاجأة تفاقم الخلاف بين الخليج وقطر وبلوغه حد القطيعة التامة
  • ١٣:١١
  • الثلاثاء , ٦ يونيو ٢٠١٧
English version

مفاجأة تفاقم الخلاف بين الخليج وقطر وبلوغه حد القطيعة التامة

ميشيل حنا حاج

مساحة رأي

٣٧: ٠٨ م +02:00 EET

الثلاثاء ٦ يونيو ٢٠١٧

قطع العلاقت مع قطر
قطع العلاقت مع قطر

. المفكر والكاتب ميشيل حنا الحاج
قيام أربع دول هي مصر وثلاث دول خليجية، بقطع علاقاتها الدبلوماسية واغلاق حدودها البرية والمائية والجوية مع امارة قطر، لم يكن أمرا مفاجئا تماما، ذلك أن الحملة الاعلامية ضد قطر، كانت مستمرة من قبل هذه الدول منذ اليوم التالي لمغادرة الرئيس ترامب للمملكة السعودية.

وكانت الحملة الاعلامية تتصاعد يوما بعد آخر رغم وساطة كويتية ساعية دون جدوى لتحجيم الخلاف بين قطر وتلك الدول الأربع، الى أن تفاقت الأزمة لتبلغ مرحلة قطع العلاقات واغلاق المعابر حتى الجوية منها، دون تحديد ما اذا كان الاغلاق الجوي سيمتد ليشمل اغلاقه في وجه الطائرات الأميركية المنطلقة من والى قاعدة عيديد في قطر.

ويستطيع المراقب أن يتفهم بسهولة موقف مصر من قطر. فهذه الامارة الصغيرة باتت داعمة بوضوح للارهاب، ولم ترتدع عن خطها ذاك رغم كل التحذيرات والتنبيهات والاتهاملت التي اطلقها العديد من الدول لتلك الدولة الصغيرة حجما لكن الغنية بالغاز وما يدره عليها من أموال فائضة. وأكثر ما كان يؤدي لامتعاض مصر من امارة قطر، لم يكن مجرد تقديمها الدعم المالي والتسليحي للحركات الارهابية، لأنه استنادا لهذه الشكوى فحسب، يفترض ـأن تقطع نصف دول لعالم علاقتها بقطر. لكن أكثر ما أزعج مصر ولم يزل، هو دعم امارة قطر العلني لحركات الاخوان المسلمين، ومنه الدعم الواضح والعلني لحركة حماس التي لم تعد قطر تكتفي بتواجد الكثير من الأعضاء في المكتب السياسي لحماس... في الدوحة، بل امتد ليسمي حركة حماس بالممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، علما أن حماس تنتمي لحركة الاخوان المسلمين التي تعادي مصر، ولا تخفي تعاطفها ودعمها لهم

. فتعاطف قطر مع حركة الاخوان المسلمين المحلية والدولية، بات أمرا مكشوفا ولم يعد من الممكن تجاهله من الكثيرين، وخصوصا من مصر التي عانت كثيرا من الهجمات الارهابية التي يشنها معتنقون لأفكار الحركة ومعتقداتها. وكان آخر تلك الهجمات ذاك الذي أودى بحياة 29 قبطيا. وكان قد سبقه في مرحلة أعياد الفصح لدى المسيحيين، هجومين آخرين احدهما على كنيسة في الاسكندرية وآخر على كنيسة كبرى في القاهرة. ونفذت قبل هذه وتلك، هجمات ارهابية كثيرة على مراكز للأمن ولرجال الشرطة سواء في القاهرة او في مدن مصرية أخرى، اضافة الى هجمات مماثلة على مواقع للأمن والقوات المسلحة المصرية المتواجدة في سيناء وخصوصا في العريش

. فأسباب الغضب المصري الشديد على قطر الداعمة للارهاب ولحركة الاخوان المسلمين التي لا يقل خطرها (من وجهة نظر مصر) عن خطر القاعدة والدولة الاسلامية...بات واضحا ومعلوما، وكانت مصر تنتظر فحسب اللحظة المناسبة لتوجيه اتهامها العلني لقطر. ووجدت في القمة العربية والاسلامية في الرياض، اللحظة المناسبة لتنفث عن غضبها ذاك، والذي عبرت عنه كلمات الرئيس عبد الفتاح السيسي في الكلمة التي ألقاها باسم مصر في ذاك المؤتمر.

واذا كان ذلك هو موقف مصر الغاضب من قطر، فان دولة الامارات لم تكن أقل غضبا من مصر على دولة قطر. فحركة الاخوان المسلمين قد خططت وسعت لتأسيس تواجد سري لحركة الاخوان المسلمين على أراضي دولة الامارات، وهو ما تحظره قوانين تلك الدولة ، مما أدى لاعتقال البعض ووضعهم في السجن بعد محاكمتهم. لكن محاولات الاخوان المسلمين لايجاد موطىء قدم لهم في الامارات، لم تتوقف أبدا، مما أغضب الامارات وجعلها تشعر بخطر الاخوان عليها، وبالتالي بخطر قطر عليها لكونها تدعم تلك الحركة سياسيا وماديا. ومن هنا يمكن تفهم غضب دولة الامارات وامتعاضها الشديد من الخطر الذي تمثله قطر عليها، وهو الخطر الي يرافقه دعم قطري لم يعد بوسع أحد انكاره، لحركات الارهاب سواء كان ارهاب الدولة الاسلامية، أو القاعدة، أو حتى الاخوان المسلمين من بينها.

ولكن اذا كان ذلك يشكل بعض الأسباب التي دفعت مصر والامارات لاتخاذ موقف متشدد من قطر، فما هي الأسباب التي دفعت المملكة السعودية لاتخاذ موقف كهذا؟ هل اتخذته تذمرا من تأييد قطر لحركات الارهاب سواء كان التأييد سياسيا ومعنويا او تجاوزه، كما ترجح التقارير والتحقيقات، لكونه تأييدا ماديا ماليا وتسليحيا؟ المعروف أن حركة الاخوان المسلمين لم تشكل في مرحلة ما خطرا على المملكة السعودية، لأن الوهابية تنتشر في السعودية، ومبادىء الاخوان المسلمين مهما كانت متشددة، لم تكن تبلغ في تشددها درجة تغري لقيام معتنقي المبادىء الوهابية المتشددة، بالتخلي عنها والانضمام لحركة الاخوان المسلمين.

فالسبب الحقيقي والفعال الظاهر على السطح، وربما المعلن أيضا لاقدام السعودييىن على قطع علاقاتهم مع قطر، هو دعم قطر المادي والمعنوي للارهاب. ولكن هل يشكل ذلك سببا مقنعا لتبرير هذه الخطوة السعودية عندما نتذكر أن دعم الارهاب قد انطلق أصلا من السعودية منذ ثمانينات القرن الماضي، عندما قدمت المملكة دعما كبيرا للمجاهدين العرب والأفغان الذين تحولوا لاحقا لتنظيم القاعدة الذي انبثقت داعش من صفوفه وثناياه. فالسعودية اذن داعمة للارهاب بالقدر الذي تقدمه قطر من دعم لهم وأكثر. وكلنا ما زلنا نذكر الدعم المكشوف والواضح الذي قدمه الامير بندر بن سلطان عندما كان مديرا للمخابرات العامة السعودية، من دعم للارهاب وتجنيد للمقاتلين المرتزقة، وتسهيل وصولهم عبر الحدود التركية المفتوحة، الى الاراضي السورية للمشاركة في القتال هناك.

فالحرب في سوريا التي تحولت أيضا الى ماكينة لتفريخ الارهاب والارهابيين، كانت حصيلة تعاون سعودي قطري تركي. وانجرفت وراءهم دول أخرى خليجية، بل وأوروبية عدة باتت الآن تحصد نتيجة وعواقب مافعلت، عندما تأكد مضمون المثل العربي القديم القائل " اللي بيلعب بالنار، بيحرق أصابعه فيها". 

فاذا كانت السعودية قد عرفت ولادة الارهاب في ثنايا مبادىء الوهابية المتطرفة، ما الذي يجعلها اذن تعلن الحرب على قطر حليفتها القديمة لمجرد كونها داعمة للارهاب؟ هل السبب مرده كراهيتها للارهاب، ام هناك سبب آخر أكثر أهمية وضررا للاستراتيجية السعودية؟ يرجح البعض وجود سبب آخر أصاب السعودية بنوع من الصعقة التي اذهلتها. وتمثلت الصعقة بشجب قطر لما تعده السعودية مع الولايات المتحدة، والبعض يقول مع اسرائيل أيضا، من مخططات للشروع بحرب ضد ايران. فقطر قد شجبت هذا الاتجاه باعتبار أن ايران قوة اسلامية هامة، كما رفضت وصف حزب الله بالحزب الارهابي مصنفة اياه بالحزب المقاوم (خلافا للرؤية السعودية)، ومفاجئة الجميع أيضا بتكريس حماس الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، ملغية وجود منظمة التحرير الفلسطينية المعترف بها عربيا ودوليا، باعتبارها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني. 

فهذا التوجه الصريح والعلني نحو التيار المخالف لرغبات السعودية، وهو خصوصا التيار الرافض للتوجه نحو حرب ضد ايران تضاف الى سلسلة الحروب الأربعة القائمة في المنطقة، هو ما أزعجها وأثار غضبها، وليس رفض قطر التوقف عن دعم الارهاب. فالحرب ضد ايران، أمر تتوق له السعوديبة منذ فترة وتحشد من أجله منذ زمن بعيد، رغبة منها في ازالة عقبة ايران كدولة منافسة لها على قيادة العالمين العربي والاسلامي. وهناك حديث الآن عن وساطة تركية التي تربطها بقطر اتفاقية تعاون استراتيجي وقعها الأمير تميم قبل اكثر من عام مع الرئيس أردوغان (الاخواني أيضا) لدى زيارة تميم لأنقرة. ولا أحد يعلم ان كانت تركيا ستنجح بوساطة كهذه، علما أن الكويت المعتدلة والمرتبطة بعلاقات متساوية مع كل الأطراف، قد فشلت كما سبق وذكرت، في انجاز وساطتها بين الطرفين. وهناك أستاذ في جامعة قطر أعرب على احدى القنوات ، عن دهشته لموقف السعودية الرافض لوجود نوع من العلاقة الحميمة بين قطر وايران، مذكرا بأن الامارات لديها علاقات اقتصادية ناجحة ومزدهرة مع ايران. وكذلك لدى سلطنة عمان علاقة جيدة ومتميزة مع ايران ولم تزل تحتفظ ز

ومع ذلك فان علاقة عمان بايران لم تثر غضب السعودية، ومثلها العلاقة الاقتصادية المزدهرة بين الامارات وايران، علما ان ايران تحتل ثلاث جزر اماراتية منذ عهد الشاه، وترفض اعادتها لمالكيها الاماراتيين. فما هو اذن السبب الكامن وراء الغضب السعودي الشديد على قطر دون غيرها من دول الخليج؟ لا احد يعلم.  وعلى المراقب أن ينتظر ليعرف لاحقا اسباب هذا الغليان السعودي المفاجىء، خصوصا وأن قطر قد نفت صدور تلك التصريحات المتعلقة بايران عن الأمير، مدعية ان البعض قد اقتحم مركز الأخبار في وكالة أنباء قطر، فهكر الوكالة وبث تصريحات كاذبة نسبت للأمير تميم. ولكن هذا النفي والتنصل من المسؤولية، لم يكن كافيا لارضاء السعودية وبالتالي حلفاءها سواء في الامارات أو البحرين، ناهيك عن مصر أيضا المثخنة بالجراح من الأضرار التي الحقتها بها قطر نتيجة دعمها المتواصل للاخوان المسلمين، العدو اللدود للحكومة المصرية، التي فد لا تتراجع عن موقفها المتخذ في مواجهة قطر حتى لو تراجعت الدول الثلاث الأخرى، خصوصا وأن العلاقات الدبلوماسية اصلا، كانت مجمدة بين الدولتين منذ فترة من الزمان. ويبدو بأن القطيعة بينهما تتجه نحو التصعيد، حيث دعا نجيب ساويرس، من كبار رجال الاقتصاد والصناعة في مصر...دعا الصناعيين المصرين، كما تقول قناة العربية، الى اغلاق كافة صناعاتهم واستثماراتهم في الدوحة التي باتت جهارة العدو اللدود لمصر