ردع الدولة لإرهاب الخارج يجب أن يسري علي إرهاب الداخل
يوسف سيدهم
٥٥:
٠٥
م +02:00 EET
السبت ٣ يونيو ٢٠١٧
بقلم يوسف سيدهم
عشنا الأسبوع الماضي حلقة أخري مؤسفة ومؤلمة في مسلسل استهداف الأقباط من جانب الإرهاب اللعين الذي يتربص بالوطن,ويشاء القدر أن يتكرر ذلك الاستهداف الشرير للأقباط وهم مقبلون علي مسعي روحي ويغمرهم الإيمان والسلام والفرح,فمن قبل تربص بهم الإرهاب وهم يصلون بالكنيسة البطرسية,ثم عاد ليتربص بهم في صلوات أحد السعف بكاتدرائية طنطا والمقر البابوي بالإسكندرية…وها هو يعود ليتربص بهم وهم في طريقهم لزيارة دير الأنبا صموئيل المعترف بصحراء المنيا.
المشهد المؤسف المؤلم متكرر,لكني لست أقول ذلك لأهون من بشاعته أو أستهين بضحاياه,إنما هو متكرر في بواعثه ومتكرر في مقاصده وأهدافه التي تبغي استهداف الأقباط لضرب هذا الوطن ولشق الصف الوطني والتلاحم بين المصريين…مازال الإرهاب يراهن علي تفجير العلاقة بين المصريين كما سبق أن راهن علي تفجير العلاقة بين الشعب وجيشه وشرطته,لكن كما خسر الرهان الأول حتما سوف يخسر الرهان الثاني وستبقي مصر الدولة والشعب والجيش والشرطة بمسلميها ومسيحييها وحدة واحدة تستعصي علي الضرب والتفتيت.
أحرص علي تأكيد هذا اليقين مع كل حلقة من حلقات مسلسل الشر والإرهاب الذي نتعرض له…أقوله للأقباط المجروحين المقهورين الملتاعين من استهدافهم لا لشئ إلا لهويتهم الدينية…إنهم محبون غير كارهين,مسالمون غير معتدين,لا يقابلون الإساءة بالإساءة ولا يسعون لرد العنف بالانتقام…فقط يتسلحون بالإيمان والمحبة والمغفرة,لكن كل ذلك لم يعد كافيا ولا شافيا أمام قوي الشر والتكفير والقتل.أيضا أقوله لإخوتنا المسلمين المشاركين للأقباط مصيبتهم وأحزانهم والذين من فرط تأثرهم بما يتعرض له الأقباط يقبلون مواسين ومعتذرين عما يحيق بهم زيفا باسم الإسلام,بينما الإسلام الوسطي الحق منه برئ.
وكما حدث منذ نحو عامين عندما انتفضت الدولة المصرية لتضرب بكل قوة وصرامة علي يد الإرهاب عقب ذبح واحد وعشرين مواطنا قبطيا في ليبيا بسبب إيمانهم المسيحي…هاهي الدولة المصرية تنتفض مرة ثالثة-طبقا للتقارير العسكرية-لتضرب بكل قوة وعنف معاقل الإرهاب ومعسكراته في ليبيا لتدافع عن هيبة الدولة وكرامة مواطنيها ولتشفي غليل كل المجروحين من جراء ماحدث…المجروحين في ذويهم….والمجروحين في إيمانهم…والمجروحين في هيبة وكرامة دولتهم.
كان الرئيس السيسي صارما قاطعا في موقفه وحديثه للأمة عقب الحادث المأساوي,وبينما هو يصرح بأن القوات المسلحة المصرية قامت بتوجيه ضربة عسكرية شديدة القوة لمعسكرات تدريب العناصر الإرهابية التي قامت بالعمل الإرهابي الذي استهدف أتوبيس الأقباط بالمنيا,أكد أن ما حدث لن يمر مرور الكرام وأن مصر لن تتردد أبدا في توجيه ضربات ضد مراكز ومعسكرات الإرهاب في أي مكان سواء داخل البلاد أوخارجها وسيتم ملاحقة العناصر الإرهابية داخل البلاد بكل قوة كذلك.
كنت أتابع كلمة الرئيس وأستمع إلي هذا التصريح الصارم القاطع بينما كنت أمسك في يديبروفة الصفحة السادسة من عددوطني الماضي والتي تصدر عنوانها مانشيت العدد والذي يقول:في سمالوط(المنيا):العرف فوق القانون…والمتشددون فوق الأمة!!…وصرخت في داخلي:أليس ما تتضمنه هذه الصفحة من تطرف وإرهاب واستباحة حقوق الأقباط والاعتداء عليهم وتعويق ممارستهم لصلواتهم وشعائرهم الدينية في ظل تخاذل وتقاعس أجهزة الإدارة,مايندرج تحت تصريح الرئيس بعزم الدولة علي ملاحقة العناصر الإرهابية داخل البلاد بكل قوة؟
إنني أرفع الوقائع التي أوردها التحقيق المنشور علي الصفحة السادسة من العدد الماضي إلي الرئيس السيسي آملا أن يصدر تعليماته للتحقيق فيها للتعامل معها بذات القوة والصرامة التي توعد بهما الإرهاب الذي يهدد بلادنا خارجيا وداخليا….ودعوني أقتطع من التحقيق المذكور مايلي:
**في قرية الكوم الأحمر التابعة للوحدة المحلية ببني غني-مركز سمالوط بالمنيا-حصلت الكنيسة الرسولية المتهالكة علي تصاريح رسمية بالإحلال والتجديد وبناء مبني مكون من ثلاثة أدوار,وبالرغم من سعي راعيها للتواصل مع مسلمي القرية وإعلامهم بالأمر قبل الشروع في الهدم والبناء,إلا أن أحداث شغب اندلعت مع بدء تنفيذ الأعمال أدت إلي تدخل الشرطة للسيطرة علي الموقف…لكن السيطرة لم تكن لحماية أصحاب الحق في تنفيذ التصاريح الرسمية التي حصلوا عليها وردع المتشددين,إنما كانت السيطرة في ضلوع أجهزة الإدارة في ترتيبجلسة إذعان عرفية بين أقباط الكنيسة وبين المتشددين المسلمين حيث في ظل حضور واستماع وموافقة الإدارة أملي المسلمون شروطهم بالسماح ببناء كنيسة من دور واحد فقط ودون أي علامات كنسية عليها من الخارج …يقول راعي الكنيسة:ماذا كان بيدنا سوي الإذعان لشروط المتشددين إذا كانت الجهات الرسمية تجلس وتستمع وتوافق وتتقاعس عن دورها في تنفيذ القانون والذود عن هيبة الدولة؟!!
***في قرية كوم اللوفي-مركز سمالوط بالمنيا- مر عام علي حرمان الأقباط من بناء كنيسة القرية في ظل استمرار تمسك المتشددين بموقفهم الرافض للكنيسة,وذلك رغم الوعود الأمنية لمطران سمالوط بفتح مبني مغلق منذ خمس سنوات ملك المطرانية للصلاة لكن تبخرت الوعود نتيجة فشل الجلسات التي عقدتها جهة الإدارة مع المتشددين في محاولات إقناعهم بحق الأقباط في الصلاة!!!وبعد تصاعد الأزمة وإرسال الأقباط استغاثات لرئاسة الجمهورية تم الاعتداء علي الأقباط أثناء صلوات قداس خميس العهد في أبريل الماضي,وأسفرت جهود الإدارة عن موافقة المتشددين علي منح الأقباط موقعا خارج نطاق القرية لبناء الكنيسة دون صليب أو قبة أو منارة,الأمر الذي رفضه الأقباط ليبقي الوضع معلقا:المتشددون يزهون بفرض سطوتهم ولا عزاء في دولة القانون!!!
**في قرية دبوس-مركز سمالوط بالمنيا-رفض المتشددون الموافقة علي حق الأقباط في الصلاة في مبني تابع للمطرانية فقام الأمن بإغلاق المبني ومنع الصلوات,مما يضطر الأقباط-وعدد هم زهاء2000 شخص -إلي الذهاب إلي قري مجاورة للصلاة.
***هذه فقط ثلاثة نماذج من حالات أكثر يشملها التحقيق يربطها خيط واحد مشترك:أن معظمها في محافظة المنيا,وأن القانون وهيبة الدولة مستباحان من جانب المتشددين وفي ظل تقاعس-إن لم يكن تواطؤ-أجهزة الإدارة….ألا يعد ذلك نموذجا صارخا يستدعي انتفاضة الدولة لملاحقة إرهاب الداخل؟