بقلم: محمد حلمي
مكاسب عديدة جناها الشعب المصري من ثورة الخامس والعشرين من يناير، والتي مازالت قائمة ولم تنته بعد، إلا بعد تنفيذ مطالبها كافة بلا استثناء. ربما تعدَّدت أسبابها، ولكن كانت نتائجها متعدِّدة وإيجابية. وبعد أن هدأت الأمور بعض الشىء، طرح البعض تساؤلًا مهمًا حول فكرة ماذا بعد سقوط رأس النظام؟ الإجابات على هذا التساؤل كثيرة جدًا؛ لاختلاف وجهات النظر التي لا تفسد للود قضية، ومن وجهة نظري المتواضعة، أستطيع أن أشترك مع المتوجسين من أذرع النظام البائد؛ لأن هناك من خسر كل شىء بعد الثورة، ليس لأنه من مؤيدي النظام السابق فحسب، ولكن لأنه ترعرع فسادًا في ظله.
 
هناك من دفع الملايين للحصول على مقعد بالمقاس تحت قبة سيد قراره وخسرها في سويعات، وهناك من فقد رونق إصدار الأوامر المباشرة؛ ليأمر فيُطاع.. كل هؤلاء من وجهة نظري لن يقبلوا بالانكسار والرضوخ أمام ثورة عظيمة أعادتنا نحن المصريين إلى الحياة مرة أخرى، وربما يشعر البعض بأن هؤلاء في حالة جمع الشتات لتوجيه ضربة غير معلنة المصدر للثورة، ومن ينكر ذلك ربما غائب عن الوعي؛ لأن هناك من أعلن عن ذلك صراحة مثل "محمود صبرة" القيادة في مكتب الرئيس المخلوع لمدة (18) عامًا، بأن هناك ترتيبًا يقف خلفه "صفوت الشريف"- أحد أركان الحكم السابق- لإحداث ما يُسمى بالثورة المضادة. والذي أخشاه مثل غيري، أن يتم ذلك على أساس ضرب الوحدة في المجتمع المصري، وإشاعة روح الفوضى في بر "مصر"، تلك الفوضى التي أراد أركان النظام تنفيذها عبر داخلية الوزير السابق والمحبوس حاليًا "حبيب العادلي"، بإطلاق السجناء ليلة الثامن والعشرين من يناير الماضي، والمُسماة بجمعة الغضب؛ لإحداث الهلع والفزع والفوضى في المجتمع، وبالتالي بدلًا من أن يخرج الناس للمشاركة في المظاهرات، يدافعون عن منازلهم وأعراضهم في مواجهة المجرمين، وهو المخطَّط الذي فشل.
تلك المعلومات ذكرتها لشخصي شقيقة الشهيد اللواء "البطران"، عندما هاتفته ليلة مصرعه، وكان يحدِّثها وهو في قمة غضبه من هذا المخطَّط القذر!!
 
أما الجزئية التي أود الإشارة إليها، هي عدم تحمُّل قطاع من المجتمع للمسئولية تجاه الأوضاع الجارية في البلاد، ولا أقصد هنا الثوار، ولكن من يسعى إلى التعامل بمبدأ التخوين تجاه أي رأى معارض، أو من يعمل على إثارة زملائه داخل قطاع مهني للمطالبة بحقوق فئوية، على الرغم من أحقيتها إلا أن هذا ليس وقتها أو سياقها، أو من يريد أن يتعامل مع سلوكيات الشارع بشكل عفوي، مستخدمًا الصوت العالي.. من المفترض أن يكون الجميع على قدر الحدث لكتابة صفحة جديدة من تاريخ وطن.
 
متأكِّد أن الجميع يهوى ترابه حتى مرتبة العشق الأزلي؛ لذلك أتمنى صحوة الضمير لدى من افتقده، حتى لا يدفع الشعب ثمن ثورته.