الأقباط متحدون - بيان رسمي من الانبا اغاثون ردا علي الشيخ سالم عبد الجليل
  • ٠١:٠١
  • الجمعة , ١٩ مايو ٢٠١٧
English version

بيان رسمي من الانبا اغاثون ردا علي الشيخ سالم عبد الجليل

محرر المنيا

أقباط مصر

٠٧: ٠٧ م +02:00 EET

الجمعة ١٩ مايو ٢٠١٧

 نيافة الانبا اغاثون اسقف مطرانية مغاغة
نيافة الانبا اغاثون اسقف مطرانية مغاغة

محرر المنيا
اصدر نيافة الانبا اغاثون اسقف مطرانية مغاغة والعدوة ورئيس رابطة خريجي الكلية الاكليريكية بيانا ردا علي اهانة الشيخ سالم عبد الجليل
للمسيحية

مقدمة : أخى فضیلة الشیخ ، قبل أن أبدأ فى حدیثى مع فضیلتك ، لك منى سلام خاص من القلب ، مع كامل احترامى وتقدیرى لشخصك . أما بعد ،، » اسمح لى یا دكتور ، بأن أصارحك ، بأننى أنا وكثیرین غیرى ، داخل مصر وخارجھا ، سمعنا ورأینا فضیلتك ، فى برنامج: (( المسلمون یتساءلون )) على قناة المحور ، فى حلقة یوم الثلاثاء الموافق ٩/٥/٢٠١٧ م ، وفى برامج أخرى ، وقنوات أخرى ، تتھم العقیدة المسیحیة بالفساد ، والمسیحیین بالكفر والضلال ، ........ وببئس المصیر لھم فى النار والعذاب الأبدى. » كل ھذه تھم وتعدیات خطیرة ، وجماعیة للدیانة المسیحیة بأكملھا ، وأتباعھا المسیحیین ، مع سبق الإصرار والعمد ، ولا وجود لھا على الإطلاق فى العقائد المسیحیة ، لذلك مرفوضة شكلاً وموضوعاً.

وتحتسب أمام القانون والدستور المصرى ، جرائم ، یحاسب علیھا القانون مرتكبیھا . » ولم تقتصر خطورة ھذه التصریحات الفجة ، وھذه الروح الغریبة على مجتمعنا المصرى ،على الدیانة المسیحیة وأتباعھا فحسب ، بل تمتد آثارھا السلبیة على الدیانة الإسلامیة ، التى یؤمن بھا فضیلتھ ، وعلى جامعة الأزھر الذى درس وتخرج فیھا ، وعلى وزارة الأوقاف ، الذى كان یعمل فیھا ، بصفتھ وكیلھا الأسبق ، وعلى الدستور والقانون المصرى ، اللذان شرعا حریة المعتقد أى الدیانة ، وحریة العبادة، وذلك طبقاً لمیثاق الأمم المتحدة ، الذى ینص على حریة الدیانة ، وحریة العبادة ، وأیضاً على حریة ممارسة الشعائر الدینیة . »

بالإضافة إلى كل ھذه الآثار السلبیة التى ذكرناھا ، من وراء ھذه التصریحات المقصودة والمتكررة عدة مرات ، الصادرة عن رجل دین ،ومسئول فى الدین . إنھا تعطى موافقة وتصریحا موثقا ً ً شرعیاً ، للمتشددین والإرھابیین ، وذلك فى كل أسالیب وطرق التعدى على العقائد المسیحیة ، وعلى المسیحیة كدیانة عموما ، وأیضا ً ً على الرموز الدینیة كقادة . بالإضافة إلى كل ذلك فى التعدى على دور العبادة ، أى الكنائس والأدیرة ، كمقدسات دینیة ، وعلى الأقباط وحرماتھم ، وأعراضھم وممتلكاتھم .... الخ . »

ومع كل ذلك قد یتصور فضیلة الشیخ وأمثالھ ، بأن فتاویھم وتصریحاتھم ، قاصرة فى أضرارھا على المقدسات المسیحیة ، وعلى الأقباط وحرماتھم وأعراضھم وممتلكاتھم ، بل تمتد إلى اھانة سمعة الدولة المصریة داخلیا وخارجیا ً ً ، الذى یترتب علیھا التأثیر السلبى على الاقتصادالمصرى ، وخاصة فى قطاع السیاحة ، والاستثمار ، مع تعرض السلم الاجتماعى للخطر ، والوحدة الوطنیة بین المواطنین ، للتكدیر والمخاطر الجمة ، التى لا یعرف عقباھا . » وكل ھذا یجعلنا أن نضع فضیلتھ وأمثالھ ، فى مقارنة مع رجال الدین المعتدلین ، الذین یتحدثون عن الله إلھ جمیع البشر ، منذ خلق أبوینا الأولین آدم وحواء ، وإلى نھایة الدھور . وأن یقدموا من خبراتھم مع الله ، وحیاتھم المعاشة معھ ،كل ما ھو عن الرحمة والمحبة ، وقبول الآخرین والبنیان ، بغض النظر عن جنسیات الناس ، وجنسھم وعرقھم ، ودیانتھم ومذاھبھم . » لكننا فوجئنا من فضیلتكم ، بأسلوب مختلف ومغایر ، عن ھؤلاء الشیوخ المتصفین بالفضیلة ، وذلك فى ھجومكم العنیف على عقیدتنا المسیحیة ، وعلینا نحن المسیحیین المؤمنین بھا أیضاً . وللأسف یا فضیلة الشیخ ، لم تكن ھذه المرة ، ھى المرة الأولى ، بل سبق لفضیلتكم عده مرات ، فى برامج أخرى ، وفى توقیتات مختلفة ، ھاجمت فیھا العقیدة المسیحیة والمسیحیین . » فنظراً لتكرار ھجومكم على عقیدتنا المعطاة لنا من الله السمائیة ، وعلینا كمسیحیین ، وكقادة لھذا الإیمان ، الذى نؤمن بھ ، ومسئولین عنھ ، رأینا من الواجب والضرورة علینا ، أمام الله وضمائرنا والتاریخ والوطن ، أن نرد على فضیلتكم ، فیما اتھمتنا بھ ، ولا جود لھ على الإطلاق فى عقیدتنا المسیحیة ، التى لیست ھى ولیدة الیوم أو أمس ، بل ھى موحاة بھا لنا من الله ، منذ واحد وعشرین قرناً من الزمان .

وإلى سیادتكم ، ما ذكره سیادتھ ، والرد علیه :

أولاً – من جھة العقیدة المسیحیة : » قال فى حدیثه وتصریحاته للقناة ، ولغیرھا من القنوات ، مخاطباً الیھود والنصارى بقولھ : (( الفكر الذى أنتم علیھ ، والعقیدة التى أنتم علیھا ، ھى عقیدة فاسدة ، وغیر صحیحة ، ومخالفة لعقیدتھ الإسلامیة )) . معللاً ذلك بقولھ : (( من یقول أن الله ثالث ثلاثة ، أن عیسى ابن الله ،ھى عقیدة فاسدة وغیر صحیحة ، ومخالفة لعقیدتھ )) .

الجواب :

١ - یفھم من قولھ ھذا ،أننا نؤمن بالشرك بالله ، كما لو كان ھناك ثالوث مكون من الله وصاحبة ، وابن أنجبھ الله من صاحبة !! وھذا كنحو واضح ، تتنزه عنھ المسیحیة ، ولیس ثالوث المسیحیة من ھذا النوع الوثنى ، كما ورد فى العبادات المصریة القدیمة ، فى قصة إیزیس وأوزوریس ، وابنھما الإلھ حورس .

٢ - إن وجدت بدعة من ھذا النوع ، یحاربھا القرآن ، فالمسیحیة تحاربھا أیضاً ، ولا یمكن أن نؤمن بھذا الكفر . المسیحیة لا تؤمن بالشرك با ، وإنما تؤمن بالتوحید ، ولا تؤمن بثلاثة آلھة ، إنما تؤمن بإلھ واحد ، لا شریك لھ .

٣ - والآیات الدالة على التوحید ، فى التوراه والإنجیل ، لا تدخل تحت الحصر :

أ - منھا قولھ فى سفر التثنیة لموسى النبى : (( اسمع یا إسرائیل ، الرب إلھنا رب واحد )) ( تثنیھ ٦ : ٤ . ( وورد أیضاً فى سفر أیوب الصدیق ، ما یشیر لھذه الوحدانیة من قولھ : (( أولیس صانعى فى البطن صانعھ ، وقد صورنا واحد فى الرحم )) ( أیوب ٣١ : ١٥ . (

ب - من جانب آخر أشار الإنجیل ورسائل الآباء الرسل ، إلى وحدانیة الله ، فى عدة مواضع من العھد الجدید . منھا ما جاء فى تعالیم السید المسیح عن الوحدانیة فقال : (( لیس أحد صالحاً ، إلا واحد وھو الله )) ( متى ١٩ : ١٧. (

جـ - وفى موضع آخر من العھد الجدید ، یؤكد القدیس یعقوب الرسول ، على وحدانیة الله ، التى یؤمن بھا حتى الشیاطین ، ولیس البشر فقط : (( أنت تؤمن أن الله واحد ، حسناً تفعل ،والشیاطین یؤمنون ویقشعرون )) ( یعقوب ٢ : ١٩ ).

د - ویؤكد الكتاب المقدس ، فى الرسالة الأولى لمعلمنا بولس الرسول ، إلى أھل كورنثوس على أنھ لا یوجد آلھة ،إلا إلھ واحد : (( لیس إلھ آخر ، إلا واحداً )) ( الرسالة الأولى لأھل كورنثوس ٨: ٤ . ( كل ھذه الآیات تدل على وحدانیة الله ، التى تؤمن بھا الیھودیة والمسیحیة .


٤ - وكون القرآن یقول فى : ( سورة النساء : ١٧١ )) ( لا تقولوا ثلاثة ، انتھوا خیراً لكم ، إنما الله إلھ واحد سبحانھ ، وأن یكون لھ ، ولداً لھ )) . » فإن المسیحیة تقول مثل ھذا أیضاً ، وإنھا ترفض التعدد والشرك با ، وتستنكر أن یكون ، ولد من صاحبة بتناسل جسدى ! .


٥ - ومع ذلك قیل فى : (سورة المائدة : ٧٣ )) . ( لقد كفر الذین قالوا أن الله ، ثالث ثلاثة ، وما من إلھ ، إلا إلھ واحد )) . » فالمسیحیة تقول ھكذا أیضا ، لیس الله واحدا ً ً من ثلاثة آلھة ، لأنھ لا یوجد سوى إلھ واحد ، لا شریك لھ . إن الإسلام فى كل ھذه الآیات ، إنما یحارب بدعة ، تحاربھا المسیحیة أیضاً ، وھى لیست من المسیحیة فى شئ .


٦ - أما ثالوث المسیحیة ، فغیر ھذا كلھ ، نقول فیھ : (( باسم الآب والابن والروح القدس ، الإلھ الواحد آمین )) ( متى ٢٨ : ١٩ . ( ولم نقل عمدوھم بأسماء ، بل باسم ویعنى الله واحد :


أ - وفى الرسالة الأولى لمعلمنا القدیس یوحنا اللاھوتى ، یؤكد على أن الثلاثة ھم إلھ واحد : (( الذین یشھدون فى السماء ، ھم ثلاثة ، الآب والكلمة والروح القدس ، وھؤلاء الثلاثة ھم واحد )) الرسالة الأولى للقدیس یوحنا الرسول ( ٥ : ٧ . (


ب - فا ھو جوھر إلھى واحد ، أو ذات إلھیة واحدة ، لھ عقل ، ولھ روح ، والثلاثة ھم واحد . كالنار لھا ذات ھى النار ، وتتولد منھا حرارة ، وینبثق منھا نور ، والنار بنورھا وحرارتھا ، شيء واحد . وكالإنسان ذاتھ وعقلھ وروحھ ، كیان واحد .


جـ - والبنوة فى اللاھوت ، ھى كبنوة الفكر من العقل ، والعقل یلد فكراً ، ولیس لھ صاحبة .


د - فالمسیحیة إذاً لیست دیانة فاسدة ، أو غیر صحیحة ، كما یدعى فضیلتھ ، بل ھى دیانة سمائیة ، صالحة وصحیحة ، لأن فى مقدمة عقائدھا ، عقیدة الإیمان بوحدانیة الله ، التى تؤمن بھا ، وتكرز بھا للناس ، منذ واحد وعشرین قرناً من الزمان . وخاصة أن قانون الإیمان المسیحى ، الذى یؤمن بھ جمیع المسیحیین ، فى العالم كلھ ، ویصلونھ عدة مرات كل یوم ، یبدأ بعبارة : (( بالحقیقة نؤمن بالھ واحد )) .


٧ - لذلك القرآن یأمر المسلمین ، بعدم مجادلة المسیحیین ، لأنھم أھل كتاب ، إلا بالتى ھى أحسن ، ویقر بدیانتھم ، وأنھم أھل توحید ، كما ھو فى الإسلام . وھذا ھو قولھ :(( ولا تجادلوا أھل الكتاب ، إلا بالتى ھى أحسن ......... وقولوا أمنا بالذى أنزل إلینا ، وأنزل إلیكم ، وإلھنا وإلھكم واحد ..... )) ( سورة العنكبوت : ٤٦ . (


٨ - ولكون الدیانة المسیحیة ، دیانة صالحة ولیست فاسدة ، وصحیحة ولیست خاطئة ، یدعو القرآن أتباعھا بأھل الكتاب ، المؤمنین با والیوم الآخر ، ویقدمون العبادة لھ ، ویعملون الخیر ، وینھون عن المنكر ، ومن الصالحین .


ویتضح لنا ھذا كلھ من قولھ : (( من أھل الكتاب ، أمة قائمة ، یتلون آیات الله ، ءانآء اللیل وھم یسجدون . یؤمنون با ، والیوم الآخر ، ویأمرون بالمعروف ، وینھون عن المنكر ، ویسارعون فى الخیرات ، وأولئك من الصالحین )) ( سورة آل عمران : ١١٣ . ( ١١٤ – » وفى سورة القصص ، یشھد القرآن لنا كمسیحیین ، بأننا أھل كتاب ، ومؤمنین با : (( الذین أتیناھم الكتاب من قبلھ ، ھم بھ یؤمنون )) ( سورة القصص : ٥٢ . ( ولم یكتف القرآن ، بأن یصفنا بأننا أھل كتاب ، ومؤمنون با ، بل أمرنا بتقوى الله كالمسلمین . وإلیك شھاداتھ : (( ولقد وصینا الذین أتوا الكتاب من قبلكم وإیاكم ، أن اتقوا الله )) ( سورة النساء : ١٣١»

فواضح من شھادة القرآن ، فى كل ھذه الآیات ، بأننا أھل كتاب ، ومؤمنون بالله والیوم الآخر ، نقدم العبادة لھ ، ونعمل الخیر ، وننھى عن المنكر ، ومن الصالحین . إذاً الدیانة المسیحیة ، دیانة صالحة وصحیحة ، بكل ما أتت بھ من عقائد إیمانیة ، ولھا تأثیرھا الإیجابى ،فى حیاة المؤمنین بھا ، كما ھو واضح من شھادات القرآن الكریم لذلك .


٩ - ونظراً لأن القرآن ، شھد للمسیحیین بأنھم أھل كتاب ، فوضعھم فى مركز الإفتاء فى الدین ، فقال : (( فإن كنت فى شك مما أنزلنا إلیك ، فاسأل الذین یقرءون الكتاب من قبلك )) ( سورة یونس : ٩٤ . ( وفى موضع آخر من القرآن ، یشھد لھذه الحقیقة : (( وما أرسلنا قبلك ، إلا رجالاً ، ُنوحى إلیھم ، فسئلوا أھل الذكر ، إن كنتم لا تعلمون )) ( سورة الأنبیاء : ٧ . (


١٠ - من جانب آخر یشھد القرآن للمسیح ، بأنھ أنزل علیھ الإنجیل ، ولھ الدیانة المسیحیة ، التى تأثیرھا واضح على حیاة المؤمنین بھ ، لذلك أصبح فى قلوبھم الرأفة والرحمة : (( وقفینا بعیسى ابن مریم ، واتیناه الإنجیل ، وجعلنا فى قلوب الذین اتبعوه ، رأفة ورحمة )) ( سورة الحدید : ٢٧ . (


١١ - وفى سورة المائدة ، یشیر القرآن ، إلى أربع فئات من الناس ، فیذكر المسلمین ، ویسمیھم المؤمنین ، والیھود ، والمشركین ، والنصارى ، فیصف علاقة الیھود والمشركین بالمسلمین ، بأنھا أشد عداوة ، أما عن علاقة المسیحیین أى النصارى بالمسلمین ، فیصفھا بأنھا أكثر مودة :(( لتجدن أشد الناس عداوة ، للذین أمنوا الیھود ، والذین أشركوا ، ولتجدن أقربھم مودة للذین آمنوا ، الذین قالوا إنا نصارى ، وذلك بأن منھم قسیسین ورھباناً ، وأنھم لا یستكبرون )) ( سورة المائدة : ٨٢ . (


١٢ -إن التمییز والفصل بین النصارى والمشركین ، أمر واضح جداً ، فى القرآن ، ولا یقتصر على النص السابق بل یذكر : (( إن الذین أمنوا ، والذین ھادوا ، والصابئین ، والنصارى ، والمجوس، والذین أشركوا ، إن الله یفصل بینھم یوم القیامة ، إن الله على كل شىء شھید )) ( سورة الحج : ١٧ . (


١٣ - سؤال وھو : ھل بعد كل ھذه الأدلة القرآنیة والبراھین ، التى تشیر وتؤكد ، على صحة معتقدات الدیانة المسیحیة ، یدعى فضیلة الشیخ ،على أنھا دیانة فاسدة ، وغیر صحیحة ،وتتعارض مع الإسلام ؟! .

الجواب :

أ - لا یجب أن یستمر فضیلتھ وأمثالھ ، بالھجوم على العقیدة المسیحیة ، واتھامھم إیاھا بالفساد وعدم الصلاحیة ، لأن ھناك أدلة وبراھین قرآنیة تشھد لھا ولصحة وصلاحیة معتقداتھا الإیمانیة .

ب - كما أن تعالیم المسیحیة ، التى أعطاھا الله لنا ، ومسجلة فى الكتاب المقدس بعھدیھ ، تشھد على أن المسیحیة دیانة سماویة ، مقدسة صالحة وصحیحة ، تدعو الناس وتقودھم إلى الإیمان با الواحد ، والى عبادتھ الحقیقیة لا الشكلیة ، وذلك بواسطة الإیمان بھ ، والتوبة والرجوع إلیھ، وبتطبیق وصایاه الإلھیة فى حیاتھم ، مع تقدیم صلواتھم وأصوامھم ، وفعل الخیر للجمیع ، ومع الجمیع ، مادام فى الإمكان .

جـ - كما أن من ثمار المسیحیة فى حیاتنا ، ھى قبول الآخرین ، واحترامھم ، بغض النظر عن جنسیاتھم وجنسھم وعرقھم ، ودیاناتھم ومذاھبھم ، ولا تسمح لنا بالتعدى على معتقدات الآخرین ، أو على حریاتھم وحرماتھم وأعراضھم وممتلكاتھم ..... الخ . بل تأمرنا بتقدیم كل محبة وخیر، وتقدیر وإخاء لھم ، على الدوام .

د - مع التمسك بالمعتقدات الإیمانیة المشتركة بیننا ، وما أكثرھا ، وھى التى تجمعنا ولا تفرقنا ، وتوحدنا ولا تفرقنا أو تقسمنا ، مثال الاتفاق على وحدانیة الله وصفاتھ وأعمالھ الإلھیة – خلق الخلیقة – الحریة وأنواعھا ومفاھیمھا .

المعتقدات الإیمانیة لدینا جمیعاً مثال : الخیر والشر ، الفضیلة والرذیلة ، الخطیة والتوبة ، الثواب والعقاب ، أدوار الدین الایجابیة لا السلبیة ، البناءة لا الھدامة ، السمو والرقى بالبشریة ، لا إلى تخلفھا وانحدارھا ، من أبسط القواعد الإنسانیة الخلاقة

المتنوعة – الحیاة والموت بكل أنواعھما ، القیامة العامة لجمیع البشر فى أواخر الأیام ، الدینونة ، المصیر الأبدي للناس بعد الدینونة . » فالتمسك بكل ھذه المعتقدات الإیمانیة وأمثالھا ، التى نؤمن بھا جمیعاً ، ھى واجبة علینا جمیعاً ، لأنھا تعمل على وحدتنا ، وبناء أوطاننا ، واستمراریة محبتنا وأخوتنا بعضنا لبعض .


ھـ - أما عن الجوانب الإیمانیة العقائدیة ، التى نختلف حولھا ، فلیتمسك ، ویحافظ كل واحد منا علیھا ، ویحترم كل طرف الآخر من جھة معتقده . وھذا الاختلاف لا یبرر ولا یعطى لطرف ، الحق فى مھاجمة معتقدات الطرف الآخر .


ولا ننصب أنفسنا حكاماً بدلاً من الله ، فى الحكم على معتقدات الناس ، على أنھا سمائیة أو أرضیة ، صالحة أو فاسدة ، صحیحة أو باطلة . » فلنترك یا إخوتى ، الحكم على معتقداتنا الإیمانیة وحده ، لأنھ ھو الوحید الذى لھ الحق على الفصل فیھا ، ولا أحد سواه !!



ثانیاً - یتھمنا الدكتور سالم ، بالكفر والظلم والضلال : »


جاء فى تصریحاتھ قولھ : (( من آمنوا ، وبعده كفروا ، ثم ازدادوا كفراً ، واستمروا فى الكفر ، ھؤلاء لم یفكروا فى التوبة ......... ولن یتعرضوا لرحمة الله ، لأنھم لم یعملوا بالشروط الواجبة للتوبة )) . ویكمل سیادتھ فى حدیثھ ، ویعلن بأن : (( الكفرة ، ھم الیھود والنصارى .

وأن الشیوخ القائلین : للمسیحیین والیھود أنھم مؤمنون ، ضللوھم ولم یخدموھم )) »


الرد على كل ھذه الاتھامات ، الموجھة ضدنا ، والتى لا صحة لھا على الإطلاق ، ومرفوضة شكلاً وموضوعاً !!


١ - سؤال : ما ھو مفھوم الكفر فى المسیحیة ؟ !


الجواب : أ - مفھوم الكفر فى المسیحیة ، ھو عمل موجھ ضد الإیمان ، لأنھ كفر با . والكفر ھو أیضاً ضد الشكر ( أى جحود النعمة ) .

فالكافر ھو من ینكر وجود الله ، وینكر أن یكون الله أصلاً للوجود ، وخالقاً للعالم . وھو أیضاً من ینكر نعم الله على البشر ، سواء خیراتھ اللازمة لأجسادھم من أجل حیاتھم الزمنیة ، أو اللازمة لأرواحھم من أجل حیاتھم الأبدیة .


ب - ونحن المسیحیین ، نؤمن بأن الله خالقنا : (( یارب أنت أبونا ، نحن الطین ، وأنت جابلنا ، وكلنا عمل یدیك )) ( أشعیاء ٦٤ : ٨ .

( وأنھ خالق السموات والأرض : (( أقول یا إلھى ...... ٍ من قدم ، أسست الأرض السموات ، ھى عمل یدیك )) ( مزمور ١٠٢ : ٢٤ – ٢٥ . ( وأن كل ما نتمتع بھ من خیرات أرضیة ، ھى من عنده : (( أبوكم الذى فى السموات ، یھب خیرات للذین یسألونھ )) ( متى ٧ : ١١ . ( كما أنھ قدم لنا عطایا روحیة فائقة ، لأجل حیاتنا الأبدیة : (( مبارك الله ...... الذى باركنا بكل بركة روحیة فى السماویات ، فى المسیح )) ( أفسس ١ : ٣ . ( وفى ھذه العطایا الروحیة ، ظھرت لنا محبتھ الحقیقیة ، التى میزنا بھا عن كل الخلائق .


جـ - فإن كان ھذا ھو إیماننا با ، واعترافنا بھ ، بأنھ خالقنا ، ورازقنا بخیرات الدنیا والآخرة ، فنحن إذاً لسنا كفرة . وكونك تدعونا كفرة ، لأننا مختلفون عنك فى دینك ، فھل تقبل أن ندعوك ، أنت كافراً ، لأنك مختلف عنا فى دینك ؟ ! وإن كان الجواب لا ، فلماذا تكفرنا ؟ ! وھل من الحكمة ، أن یتبادل الناس اتھام بعضھم البعض بالكفر ، بسبب اختلافھم فى عقائدھم ؟ !


د - إن التعبیر العاقل الذى یقال : إننا مختلفان فى الدین ، ولسنا كافرین . ولیت كل واحد منا ، یحترم دیانة وعقیدة الآخر ، ونبعد عن الحقد والضغینة ، التى تھدم المجتمع ولا تبنیھ ، وتفرق أبناء الوطن الواحد ولا تجمعھم ، وتقسمھم ولا توحدھم ، وتضعفھم ولا تقویھم .


٢ - ولنرجع إلى تصریحات فضیلتھ التى جاء فیھا : (( من آمنوا وبعده كفروا ، ثم ازدادوا كفراً ، واستمروا فى الكفر )) . ویكمل فضیلتھ تصریحاتھ ویعلن بأن : (( الكفرة ھم الیھود والنصارى ، وأن الشیوخ القائلین : للمسیحیین والیھود أنھم مؤمنون ، ضللوھم ، ولم یخدموھم )) .

الجواب : لإدعاء فضیلتھ ھذا ، مفھومان وھما :


أ – المفھوم الأول ، وقد ُ َ یفھم منھ ، بأن كل من آمن من الیھود بالیھودیة ، والمسیحیین بالمسیحیة ، مطالب أن یؤمن بالإسلام . » وكیف یعقل ھذا ؟! لأن القرآن أقر بأن الیھودیة دیانة سمائیة ، والمسیحیة أیضاً دیانة سمائیة ، وكل من أتباعھما بأنھما أھل كتاب ، ولھم عقائدھم الإیمانیة ، ویعملون الخیر ، وینھون عن المنكر ، ویؤمنون با والیوم الأخر ، ولا خوف علیھم ولا ھم یحزنون . » فھل الله بعد أن یعطى دیانة ویشرعھا ، یقوم بإلغائھا بعد ذلك ؟! ھذا غیر منطقى وغیر معقول.

والدلیل أن الیھود ، باقون كیھود ، یؤمنون بدیانتھم ، وكذلك المسیحیین ، باقون كمسیحیین یؤمنون بدیانتھم .

ب – والمفھوم الثانى یفھم منھ بأننا كمسیحیین ومعنا الیھود ، بأننا آمنا بالإسلام كدین ، وكفرنا بھ ، ثم آمنا بالمسیحیة ، والیھود آمنوا بالیھودیة ، وباستمرار كل واحد منا ، فى دیانتھ المسیحیة والیھودیة، ازددنا كفراً بالإسلام ، واستمرینا فى الكفر، وذلك بعدم رجوعنا إلى الإسلام من المسیحیة والیھودیة. » فى الحقیقة ھذا المفھوم ، ھو مفھوم خاطئ وغیر صحیح ، لأن الدیانة الیھودیة كدیانة ، كانت تسبق الدیانة الإسلامیة ، بفترات زمنیة كبیرة ، وذلك بدءاً من إبراھیم أب الآباء ، ثم إسحق ، ثم یعقوب أى إسرائیل . وكذلك الدیانة المسیحیة كدیانة ، كانت تسبق الدیانة الإسلامیة ، بأكثر من نصف قرن من الزمان ، وذلك بدءاً من میلاد السید المسیح ، فى بیت لحم الیھودیة . » فكیف یقال عن الیھود والمسیحیین ، أنھم آمنوا بالإسلام ثم كفروا بھ ، وارتدوا عنھ ، وآمنوا بالیھودیة والمسیحیة، فازدادوا كفراً ، واستمروا فى الكفر ، وذلك لعدم إنكارھم لدیاناتھم ، ورجوعھم للإسلام . »


ھذا المفھوم تاریخیا خطأ ، ومنطقیا ً ً أیضاً خطأ ، لأن الیھود والمسیحیین ، من وقت أن آمنوا بدیانتھما ، منذ أجدادھم ، وھم كما ھم ، متمسك كل منھما بدیانتھ ، باستثناء من آمنوا بالمسیحیة من الیھود والأمم ، أو من ارتدوا عن الیھودیة والمسیحیة ، وآمنوا بالإسلام ، بالإضافة إلى الذین دخلوا إلیھ من الوثنیین .


٣ - شھادة القرآن للمسیحیین ، بأنھم مؤمنون با وأھل كتاب ، ولیسوا كفاراً :

أ - ل ذلك ذك ر لن ا الق رآن ، ف ریقین م ن الناس وھما :

 الفری ق الأول ، وھ م المؤمنون بالمسیح ، والفریق الثانى ، ھم غیر المؤمنین بھ ، ودعاھم بالكفار . وفصل بینھما بأمرین ، وھما :

الأمر الأول ھو طھارة المسیح ، من الكفار .


والأمر الثانى ، ھو رفعة المسیحیین على الكفار ، إلى یوم القیامة . »

وھ ذا واضح ، من شھاداتھ ، فى سورة آل عمران : (( إذ قال الله یا عیسى ، إنى متوفیك ورافعك إلى ، ومطھرك من الذین كفروا ، وجاعل الذین اتبعوك ، فوق الذین كفروا ، إلى یوم القیامة )) ( سورة آل عمران :٥٥ . (


ب - وفى جانب آخر ، أقر القرآن بحقیقة تعالیم المسیحیة ، وحض على عدم مجادلتھ ا ، إلا ب التى ھى أحسن ، مع التأكید على وحدانیة الله فى المسیحیة والإسلام ، وأن أتباعھما لیسوا من الكفار . » فقد جاء فى سورة العنكبوت : (( ولا تجادلوا أھل الكتاب ، إلا بالتى ھى أح سن ..... وق الوا أمن ا بالذى أنزل الینا ، وأنزل إلیكم ، وإلھنا وإلھكم واحد )) ( سورة العنكبوت : ٤٦ . ( » وفى سورة آلعمران ، یؤكد على ما سبق ، فى قولھ : (( قل أمنا بالله ، وما أنزل علینا ، وما أنزل على إبراھیم وإسماعیل ، وإسحق ویعقوب والأسباط ، وما أوتى موسى وعیسى ، والنبیون من ربھم ، لا نفرق بین أحد منھم )) ( سورة آل عمران : ٨٤ . (


جـ - وھناك حكمان یختص بھما أھل الكتاب فى القرآن ، وھما أكل طعامھم ، وزواج بناتھم .

لقد ذكر القرآن الكریم ، حكمین یختص بھما أھل الكتاب ، دون سائر الأمم والملل ، یتضح بھ م دى عنایة الإسلام الخاصة لھما ، وھما كما یلى : » فف ى الحك م الأول ، ق د رس م الق رآن توجیھ ات عدیدة ، فى شأن ال ذبائح فق ال : (( ولا ت أكلوا مما لم یذكر اسم الله علیھ ، وإنھ لفسق )) ( سورة الأنعام : ١٢١ . ( فلا یحل لمسلم أن یأكل م ا ذبح ھ الكافر والمشرك ، فإنھ میتة . ولكن القرآن جعل أھل الكتاب ، بمثابة أھل الإسلام فى ذبائحھم وقال : (( وطعام ال ذین أت وا الكت اب حل لكم ، وطعامكم حل لھم )) ( سورة المائدة : ٥ . ( » وفى الحكم الثانى ، الذى یتعلق بالزواج بالكتابیات ، فإن القرآن قد حرم زواج المسلمین بالكافرات والمشركات ، وقال : (( لا تنكحوا المشركات ، حتى یؤمن )) ( سورة البقرة : ٢٢١ . ( ولكنھ أباح الزواج بالكتابیات ، فقال جل وعلا : (( والمحصنات من الذین أوتوا الكتاب ،من قبلكم )) ( سورة المائدة : ٥ . ( » (( والسبب فى إباحة الزواج بالكتابیة ، بعكس الكافرة أو المشركة ، ھو أنھا تلتقى مع المسلم، فى الإیمان ببعض المبادئ الأساسیة ، من الاعتراف بالله ، والإیمان بالرسل ، وبالیوم الآخر ، وما فیھ من حساب وعقاب ، فوجود نواحي الالتقاء ، وجسور الاتصال على ھ ذه الأسس ، یضمن توفیر حیاة زوجیة مستقیمة غالباً ، ویرجى إسلامھا ، لأنھا تؤمن بكتب الأنبیاء والرسل فى الجمل ة ، والحكم فى أن المسلم یتزوج بالیھودیة والنصرانیة ، دون العكس ، ھى أن الم سلم ی ؤمن بك ل الرسل والأدی ان فى أصولھا ال صحیحة ، فلا خطر منھ على الزوجة فى عقیدتھا أو م شاعرھا ، أم ا غی ر المسلم ، الذى لا یؤمن بالإسلام ، فیكون ھناك خطر محقق یحمل زوجت ھ على التأثر بدینھ ، والمرأة عادة سریعھ التأثر والانقیاد ، وفى زواجھا إیذاء لشعورھا وعقیدتھا )) ( الفق ھ الإس لامى وأدلت ھ : . ( ١٥٩/ ٨ د - ك ذلك ل و ك ان أھ ل الكت اب كف رة أو م شركین ، لم ا أوص ى النب ى بق بط م صر الن صارى : (( استوصوا بالقبط خیراً ، فإن لھ م ذمة ورحم اً )) ( ال دكتور عائ شة عب د ال رحمن – نساء النبى – طبعھ دار المعارف ١٩٧٩ – ص ٢٣٦ . ( ٤ - عقیدة القرآن فى المسیح : أ - وفى مقدمتھا أسماء المسیح ومعانیھا : یسمیھ القرآن ( عیسى ) ، وھذا الاسم یق رب م ن الكلم ة الیونانی ة ( إی سوس ) ، أم ا اس م الم سیح فى العبریة فھو یسوع ، ومعناه ( مخلص ) . » مع أن القرآن ذكر اسم المسیح ، إحدى عشرة مرة ، ولم یطلق ھذا اللقب على غیره . » فللم سیح إذاً ثلاث ة أس ماء ، ت أتى مجتمع ة أو منف ردة : (الم سیح فق ط - والم سیح ب ن م ریم - والمسیح عیسى بن مریم ) ، بھذه الأسماء یعرفھ القرآن فى : ( سورة النساء ١٧٠ . ( » وبھذه الأسماء مجتمعة ، بشر بھ الملائكة أمھ ( آل عمران ٤٥ . ( » فاس م الم سیح ی رد ف ى الق رآن إح دى ع شرة م رة عل ى ثلاث ة ط رق : ت ارة باس م الم سیح فق ط ( النساء ١٧١ ، والمائدة ٧٥ ، والتوبة ٣١ ، ( وتارة باسم المسیح بن مریم ( المائدة ١٧ م رتین ، ٧٥ ، ٧٢ ، والتوبة ٣١ . ( أخیراً باسم المسیح عیسى بن مریم ( آل عمران ٤٥ – والن ساء ١٥٧، ١٧١ ) ، ( ورد ھذا فى كت اب المعج م المفھ رس لألف اظ الق رآن الك ریم ، ت ألیف الأس تاذ / محم د ف ؤاد عبد الباقى ، تحت عنوان اسم المسیح ) . انھ ورد فى القرآن الكریم إحدى عشرة مرة ، حسب السور المذكورة بأعلاه .


ب - اسم المسیح ھذا ، كان موضع دراسة لكبار المفسرین فى الإسلام ، وقیل فى ذل ك ، أن ھ ُس ِمي مسیحاً : » (( لأنھ ممسوح من الأوزار والآثام )) . » وأورد الإمام الفخر الرازى ، حدیثا شریفا ً ً ، قال فیھ روایة : (( سمعت الرسول یق ول : (( م ا م ن مولود من آدم ، إلا نخسھ الشیطان ، حین یولد ، فیستھل صارخاً من نخسھ إیاه ، إلا مریم وابنھ ا )) . وك ل ھ ذا ، وم ا س یأتى ، ی دل عل ى المرك ز الرفی ع ال ذى تمت ع ب ھ الم سیح ف ى الق رآن ، وف ى كت ب المفسرین ، وھو مركز تمیز بھ عن سائر البشر .

جـ - ومن ذلك ، أنھ دعى كلمة الله وروح منھ : وق د تك رر ھ ذا اللق ب ، ف ورد ف ى : ( س ورة آل عم ران ٤٥ )) ( إذ قال ت الملائك ة ی ا م ریم ، إن الله یبشرك بكلمة منھ ، اسمھ الم سیح عی سى اب ن م ریم ، وجیھ اً ف ى ال دنیا والآخ رة وم ن المق ربین )) . وورد فى : ( سورة النساء : ١٧١ )) ( إنما المسیح عیسى ابن مریم ، رسول الله وكلمتھ ، ألقاھ ا إل ى مریم ، وروح منھ )) . » وقد أثارت عبارة : (( كلمھ الله )) تعلیقات لاھوتیھ كثیرة ، لا داعى للخوض فیھا الآن ، وبخاص ة لأن تسمیة المسیح بكلمة الله ، یطابق الآیة الأولى ، من الإنجیل لیوحنا الرسول ، وكذلك لأن عب ارة : (( الكلمة )) وأصلھا فى الیونانیة : (( اللوجوس )) ، لھا فى الفلسفة وفى علوم اللاھوت ، معان معین ة ، غیر معناھا الذى ف ى الق اموس . وب نفس الوضع عبارة : (( روح منھ )) التى حار فى معناھا ، كبار الأئمة والمفسرین وأیاً كانت النتیجة ، فإن ھذین اللقبین ، یدلان على مركز رفیع للمسیح ف ى الق رآن، لم یتمتع بھ غیره .

د - ولادتھ المعجزیة من عذراء : » ل م یقت صر الأم ر عل ى ج وھره أو طبیعت ھ ، م ن حی ث ھ و :(( كلم ة الله وروح من ھ ، ألقاھ ا إل ى مریم )) ، وھذا وصف ، لم یوصف بھ أحد م ن الب شر ، وإنم ا الطریق ة الت ى ول د بھ ا ، والت ى ش رحھا الق رآن ف ى س ورة م ریم ، كان ت طریق ھ عجیب ة معجزی ة ، ل م یول د بھ ا أح د غی ره م ن ام رأة . زادھ ا غرابة أنھ : (( یكلم الناس ، فى المھد )) ( سورة آل عمران : ٤٦ . ( الأمر الذى لم یحدث ، لأحد من قب ل ولا م ن بع د .... أت رك ھ ذا العج ب ، لتأم ل الق ارئ لت سبح فی ھ روحھ . ھـ - وأنتقل لنقطة أخرى وھى ، معجزات المسیح العجیبة : » وأخص منھا مما ورد فى القرآن – غیر إبراء الأكمة ، والأبرص ، وإحیاء الم وتى – معج زتین فوق طاقة البشر جمیعاً ، لم یقم بمثلھا أحد من الأنبی اء ، وھما : القدرة عل ى الخل ق ، وعل ى معرف ة الغیب . » وفى ذلك یقول القرآن ، على لسان المسیح : (( إنى أخلق لكم من الط ین ، كھیئ ة الطی ر ، ف أنفخ فیھ فیكون طیراً ، بإذن الله ...... وأنب ئكم بم ا ت أكلون ، وما تدخرون فى بیوتكم ، وإن ف ى ذل ك لآی ة لكم ، إن كنتم مؤمنین )) ( سوره آلعمران : ٤٩ . ( ھنا ویقف العقل ، لكى تتأمل الروح – لم اذا یختص المسیح بھ ذه المعج زات ، الت ى ل م یعملھا أحد ، والتى ھى عمل الله ذات ھ : والخلق ومعرفة الغیب !! .

و - موتھ ورفعھ إلى السماء : وقد ورد فى ذلك : (( إذ قال الله یا عیسى ، إنى متوفیك ورافعك إل ي ، ومطھ رك م ن ال ذین كف روا ، وجاعل الذین اتبعوك ، فوق الذین كفروا إلى یوم القیامة )) ( سورة آل عمران : ٥٥ . ( والمسیحیة تؤمن بموت المسیح وصعوده إلى السماء . ولكن القرآن لم ُ َیبین ، كیف ُرف ع الم سیح . ومتى حدث ذلك ، وبقى الأمر عجیباً ... إلخ .
ز - صفات المسیح الأخرى ، الوجاھة فى الدنیا والآخره : من الصفات التى ذكرھا القرآن عن المسیح أنھ : (( وجیھاً فى الدنیا والآخرة )) . وق د ش رح أئم ة المف سرین ، معن ى ھ ذا الوص ف باستفاض ة ، وخرج وا من ھ بعل و مرك ز الم سیح ، علوا عجیبا ً ً ، وبأن فى الآخرة ، تكون لھ شفاعة فى الناس . » ك ل ھ ذه الأدل ة الت ى ق دمناھا بب راھین عدی دة ، م ن الت وراة والإنجی ل والق رآن ، ت رد عل ى ھ ذه الاتھامات وأمثالھا ، التي لا صحة لھا على الإطلاق ، وتثب ت ص دق وص حة وس لامة رس الة الم سیح، والمسیحیة ، والمسیحیین .

٥ - ونرج ع لم ا قال ھ ، ال دكتور س الم ، ع ن أن الم سیحیین : (( لن یتعرضوا لرحم ة الله ،لأنھ م ل م یعملوا بالشروط الواجبة للتوبة )) . »

سؤال للدكتور سالم وھو : ھل أنت الله ، كل ى العل م والمعرف ة والفح ص ، وتعرف جمیع الناس بما فیھم الم سیحیین ، بدءاً من أبینا آدم وأمن ا ح واء ، حت ى آخ ر إن سان یول د عل ى وج ھ الأرض ، وتعرف أیضا أفعالھم البارة والشریرة ، والتائبین منھم وغیر التائبین ؟!

الجواب :
أ - ھو بالطبع سیادتك وفضیلتك ،إنسان ولیس الله .إذاً لا تعرف جمیع البشر بما فیھم المسیحیین ، َمن ِمن الناس أفعالھم البارة أو الشریرة ، والتائبین منھم أوغیر التائبین !! ولا تعرف أیضاً

ب - إذاً یا أخى فضیلة الشیخ ، أقمت نفسك إلھاً من دون الله ، ون صبت ذات ك حكم اً وخ صماً عل ى الناس وعلى أفعالھم ، بدون وجھ حق ، بالرغم من أنك إنسان ، فلا یصح أن تتكلم مع الناس ، كأنك إلھ ولیس إنسان ، وتحكم علیھم ھكذا . لأن الوضع الصحیح الذى نؤمن ،بھ جمیع اً ، أن الله ھ و الله ، ولا بدیل عنھ إطلاقاً من الملائكة والبشر ، فى الألوھیة والربوبیة والدینونة یوم الدین .

جـ - إذاً یا أخى فضیلة الشیخ ، كان حكمك علینا كمسیحیین ، حكم ا ظالم اً وخاطئ اً ، وب دون وج ھ حق ، وأحتسب علیك خطأ وتعدیاً أمام الله ، وأمام القانون .

د - وم ع ذل ك ، ال شروط الواجب ة لقب ول التوب ة عن د الله ، ت ؤمن بھ ا الم سیحیة ، وموجودة فى تعالیمھا ، ومطالب بھا كل من یؤمن بھا ، وھى : مثال الإیمان بالله – والرجوع إلیھ عن الخطیة والشر ، وذلك بواسطة التوبة والإق رار بالخط أ – تطبی ق الوص ایا الإلھی ة – تق دیم العب ادة الحقیقی ة ، بواسطة الصلاة والصوم وعمل الخیر ... إلخ . ومن لا یطبق ھذه ال شروط الواجب ة لقب ول توبت ھ أم ام الله ، ف لا تقب ل من ھ ، ولا تعت رف الم سیحیة بتوبتھ ، لأنھ بالرغم من أن التوبة الحقیقیة ، ھى عمل یقوم بھ الإنسان بینھ وبین ربھ ، إلا أن سلوك وأفعال الإنسان ، ھ ى الحك م والفاص ل عل ى توب ة الإنسان أو عدم توبتھ ، وقبول توبتھ ، أو عدم قبولھا لدى الله .

ثالثاً – الحكم علینا جمیعاً بالھلاك والعذاب الأبدى ، فى النار الأبدیة : » وھ ذا یت ضح م ن ت صریحات س یادتھ : (( عند الحشرجة والسكرات ، لا یجدن سیدنا عیسى لینقذھم ، بل یجدن ملائكة العذاب ، والموت تقبض على أرواحھم )) .

الرد :
أ - فى الحقیقة والواقع ، أن ھذا الحكم الجماعى علینا كمسیحیین ، بالھلاك والع ذاب الأب دى ، فى النار الأبدیة ، ھو حكم جائر ، یستند فیھ صاحبھ على أننا كفرة وم شركون ، وقمنا سابقاً بالرد عل ى ھذین الاتھامین ، ونرفضھما شكلاً وموضوعاً ، لأن المسیحیة تؤمن بالتوحید ، وكرزت وعلمت وإلى الآن تعلم ، بأن الله واحد ، ولا شریك ل ھ عل ى الإط لاق ، ف ى الألوھی ة والربوبی ھ وال سلطان ، قب ل أن یأتى الإسلام ، وینادى بوحدانیة الله .

ب - ومع ذلك یشھد القرآن على عكس ما یقولھ فضیلة الشیخ ، ویؤكد على ما قلن اه نح ن . فی ذكر أن م ن یؤمن بالله والیوم الآخر ، فى كل من المسلمین ، والیھود ، والنصارى أى المسیحیین ، والصابئین ، ویعمل عملاً صالحاً ، فله أجره عند ربھ ، ولا خوف علیھ ولا حزن .

والیك ما جاء فى سورة البق رة قول ھ : (( إن ال ذین آمن وا ( الم سلمین ) وال ذین ھ ادوا ( الیھ ود ) ، والنصارى ( المسیحیین ) ، والصابئین ، من آمن بالله والیوم الآخر ، وعمل صالحاً ، فلھم أجرھم عند ربھم ، ولا خوف علیھم ، ولا ھم یحزن ون )) ( س ورة البق رة : ٦٢ . ( ونف س ھ ذه الآی ة تك ررت فى ( سورة المائدة : ٦٩ . ( » فواضح من ھاتین الآیتین ، اللتین وردتا ب القرآن ، بأن ھ لا ھ لاك ولا ع ذاب ف ى الن ار الأبدی ة ، لكل من یؤمن با والیوم الآخر ، وعمل صالحاً ، فلھ أجره عند ربھ ، ولا خوف علیھ ولا حزن .

ج ـ  وفى موضع آخر ، ذكر القرآن فى سورة الحج ، ست فئات من الناس وھم : الم ؤمنین أى الم سلمین ، وال ذین ھ ادوا أى الیھ ود ، وال صابئین ، والنصارى أى المسیحیین ، والمجوس ، والذین أشركوا ، وفى نفس الوقت قالت الآیة ، أن الله یفصل بینھم یوم القیامة . إذاً كون القرآن یذكر فئة المسیحیین ، وفئة المشركین ، إذاً كل منھم ا ، فئ ة غی ر الأخ رى ، ولم یكن الاثنان فئة واحدة ، بلفئتین ، ویفصل الله بینھما یوم القیامة . » وإلیك ھذه الآیة وما جاء بھا : (( إن الذین أمنوا ، والذین ھادوا ، والصابئین ، والنصارى ، والمجوس، والذین أشركوا ، إن الله یفصل بینھم یوم القیامة ، إن الله على كل شىء شھید )) ( سورة الحج : ١٧ . ( » بالت الى الھ لاك والع ذاب الأب دى ف ى الن ار الأبدی ة ، م رتبط بال شرك ب ا وبالم شركین ، ول یس مرتبطاً بالمسیحیین المؤمنین ، بوحدانیتھ ومخافتھ وتقواه . » ختاماً لحدیثنا المطول ھذا ، أتركك یا أخى فضیلة الشیخ لرعایة الله ، المعتنى بكل خلیقتھ .


د - ونظ راً لمحب ة وتمسك كل واحد منا بمعتقداتھ الإیمانیة ، وھ ذه من حقھ ، فعلینا أن نتمسك بالعقائد الإیمانیة المشتركة بیننا ، والتى ذكرناھا فى بدایة حدیثنا.


ھـ - أما عن الجوانب الإیمانیة التى نختلف حولھا ، فلا یعنى أن أحداً منا كافر ، لأن كل منا م ؤمن بعقیدتھ التى یختلف فیھا مع الآخر ، ولا یجوز لأحدنا أن یكفر الطرف الآخر ، لسبب اختلافھ معھ ف ى العقیدة ، ولنترك الحكم والفصل ، فیما نختلف فیھ من عقائد.

ز - لأن الذى یجمعنا حول عقائدنا ، وإنسانیتنا ووطننا مصر ، وحقوقنا وواجباتنا ، ما أكثره ، وقد لا یدخل تحت حصر ، وھذا ھو الذى یقوى روابطنا الروحیة مع الله ، ومع بعضنا ال بعض ، ویبنى وطننا ، ولا یعرض السلم الاجتماعى والوحدة الوطنیة للخطر .