الأقباط متحدون - وثيقة لـCIA صدرت عام 76: السادات «مُسيطر» رغم القلاقل الداخلية ولا يمكن تهديده إلا بنوبة قلبية أو «رصاصة قاتلة»
  • ١٠:٤٦
  • الأحد , ٧ مايو ٢٠١٧
English version

وثيقة لـCIA صدرت عام 76: السادات «مُسيطر» رغم القلاقل الداخلية ولا يمكن تهديده إلا بنوبة قلبية أو «رصاصة قاتلة»

٥١: ١٠ ص +03:00 EEST

الأحد ٧ مايو ٢٠١٧

لورين هاربر مديرة أرشيف الأمن القومى الأمريكى
لورين هاربر مديرة أرشيف الأمن القومى الأمريكى

 «مرحباً بكم فى مقر أرشيف الأمن القومى الأمريكى»، كلمة ترحيب فاجأ بها مسئولو المقر وفد الصحفيين العرب المشاركين فى برنامج الزائر الدولى، ومن بينهم «الوطن»، برعاية وزارة الخارجية الأمريكية، إذ كانت الزيارة المقررة فى جدول البرنامج لجامعة جورج واشنطن، وبمجرد صعودنا لمكتبة الجامعة «مكتبة غالمان» بالدور الثانى فى الجامعة، فوجئنا بكم هائل من المستندات والملفات المكتظة فى أدراج ودواليب بشكل منظم، معنونة بحسب القضايا التى تحوى أسرارها ومستنداتها، فهذا ملف «الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتى» وآخر ملف «حرب أكتوبر والمفاوضات مع الرئيس المصرى أنور السادات» وثالث حول «غزو العراق والتحقيق مع صدام»، ورابع حول «الحرب الأمريكية فى فيتنام» وخامس يتناول وثائق «القضية النووية الإيرانية» وغيرها من الوثائق التى تعد شاهداً صامتاً على أحداث جسام مر بها العالم كله منذ منتصف القرن الماضى.

 
«الوطن» تتجول فى مقر أرشيف «الأمن القومى الأمريكى» بواشنطن
«الوطن» تجولت فى مقر الأرشيف ثم التقت لورين هاربر، مديرة الاتصالات لدى أرشيف الأمن القومى، التى بدأت عملها فى الأرشيف منذ عام 2011، وشاركت فى كتابة خمس مراجعات قانونية للأرشيف حول قانون حرية المعلومات، بما فى ذلك «عدم الالتزام بحفظ المراسلات الإلكترونية للحكومة» مع اقتراب الموعد النهائى فى 31 ديسمبر الماضى و«عجز معظم الوكالات عن إنجاز التوصية بالنسبة للسجلات المتداولة على الإنترنت» لعام 2015، و«عدم التزام نصف الوكالات الفيدرالية بالتعديلات الجديدة التى طرأت على قوانين حرية المعلومات» لعام 2014.
 
وقامت هاربر أيضاً بتأليف أو المشاركة فى عدد من المؤلفات الإلكترونية للأرشيف الوطنى حول قضايا كثيرة متعلقة بقانون foia والأمن القومى، كما تدير جميع حسابات الأرشيف على وسائل التواصل الاجتماعى، وتنسق برامج التوعية للمكتبة، وهى عضو من الدرجة الأولى فى الجمعية الأمريكية للعاملين فى مجال الوصول للمعلومات.
 
مدير الأرشيف: وثائق الربيع العربى لم يتم الكشف عنها حتى الآن.. واستثناء البيت الأبيض والكونجرس من قانون حرية تداول المعلومات.. والوثائق: كل المزاعم التى ساقها جورج بوش لغزو العراق غير صحيحة.. ولم يعثر على أى أسلحة نووية
وتقول لورين هاربر إن أرشيف الأمن القومى الذى تأسس عام 1985 يعمل من قبل مجموعة من الصحفيين والباحثين للتحقق من رفع منسوب السرية لدى الحكومة، على الجمع بين مهام عديدة منها أنه يعد مركز الصحافة الاستقصائية ومعهد البحوث فى الشئون الدولية ومكتبة وأرشيفاً للوثائق الأمريكية السرية، وهى أكبر مجموعة غير حكومية فى العالم، كما أن الأرشيف يعد مستخدماً رائداً غير ربحى لقانون حرية المعلومات فى الولايات المتحدة، ومكتب محاماة يعمل على توسيع نطاق والدفاع عن حرية الوصول إلى المعلومات الحكومية ومدافعاً عالمياً عن الحكومة التى لا تحجب المعلومات ومفهرساً وناشراً للأسرار السابقة.
 
كما أكدت أنه لم يتم الكشف عن وثائق الربيع العربى بعد، موضحة أن هناك وثائق تخضع لقانون الوثائق السرية ويسمى ndr ووثائق أخرى تخضع لقانون الوثائق غير السرية ويسمى foia، وكشفت أن أغلب وثائق ويكيليكس سرية وأنها وثائق صحيحة خاصة التى تتعلق بجهاز السى آى إيه، كما كشفت أن إيميلات وزيرة الخارجية السابقة هيلارى كلينتون تم تسريبها بسبب أعمال القرصنة التى أجريت على بريدها الإلكترونى والتى كانت سبباً فى خسارتها الانتخابات الرئاسية الأخيرة أمام المرشح الجمهورى الفائز دونالد ترامب.
 
وحول كيفية حصول الصحفيين على الوثائق طبقاً لقانون حرية تداول المعلومات فى أمريكا أوضحت أنه يتم تقديم طلب بالحصول على وثائق معينة لوزارة الخارجية الأمريكية، التى تكون ملزمة بالاستجابة لهذا الطلب، وإذا رفضت الخارجية يتم تقديم طلب استئنافى آخر وإذا تم رفضه أيضاً من حق الصحفى مقاضاة الوزارة وفقاً للقانون السابق ذكره، مشيرة إلى أن البيت الأبيض والكونجرس غير مشمولين بقانون حرية تداول المعلومات، كما أن هناك قانون الوثائق الرئاسية الذى ينص على عدم الإفراج عن أى وثيقة أو مستند إلا بعد انتهاء المدة الرئاسية للرئيس.
 
وتابعت لورين «مكتبة الرئيس التى يتم إعدادها بعد مغادرته هى أفضل مكان للمراجعة والاطلاع على ما تم خلال فترة حكمه، وهناك جدول صورى بتحديد مواعيد للإفراج عن وثائق معينة ومنها ما يتم الإفراج عنه بعد 20 عاماً، ولدينا وثائق حول قرار غزو العراق وأخرى سبقت الغزو فضلاً عن العديد من الوثائق التى أثبتت خدعة استخدام أسلحة الدمار الشامل فى العراق، التى كانت سبباً فى الغزو».
 
تبين من وثائق الأرشيف أنه قد أجرى عملاء خاصون بمكتب التحقيقات الفيدرالى 20 مقابلة رسمية و5 «محادثات عارضة» على الأقل مع الرئيس العراقى السابق صدام حسين بعد اعتقاله من قبل القوات الأمريكية فى ديسمبر 2003، وفقاً لتقارير مكتب التحقيقات الفيدرالى السرية الصادرة بناء على طلب قانون حرية المعلومات من قبل أرشيف الأمن القومى.
 
«لورين»: مكتب التحقيقات الفيدرالية أجرى 20 مقابلة و5 محادثات مع «صدام» وتحدث عن دعم مصر وسوريا ضد إسرائيل
وفقاً لوثائق التحقيقات فقد نفى صدام أى علاقة له بأسامة بن لادن، مشيراً إلى أن حليفه القوى كان كوريا الشمالية، كما سرد صدام عندما سئل عن إنجازاته، التقدم الاجتماعى الذى حققه لشعب العراق، وعقده هدنة مؤقتة مع الأكراد فى أوائل السبعينات، وتأميم النفط العراقى فى عام 1972، ودعم مصر وسوريا فى حرب أكتوبر ضد إسرائيل عام 1973، وبعد ذلك، خلال الثلاثين عاماً المتبقية من حكمه، أطلق حرباً مدمرة مدتها ثمانى سنوات على إيران، ثم فرض المجتمع الدولى العقوبات على العراق لمدة 12 عاماً على شعبه، وخلال المقابلات، اعترض مراراً على أدلة مكتب التحقيقات الاتحادى وحياد محاوريه، فضلاً عن اعتراضه على سخرية أحد المحققين حينما تحدث صدام عن تحقيق العدالة فى العراق، كما أقر ببعض الأخطاء، لكنه اتهم أمريكا بالتسبب فى دمار العراق دون إشراف أو التحقق من اتهامه بحيازة ترسانة أسلحة الدمار الشامل العراقية التى تركتها منذ الثمانينات.
 
لكن صدام بحسب التحقيقات أعلن تحمله المسئولية الشخصية عن طلب إطلاق صواريخ سكود ضد أهداف إسرائيلية خلال حرب الخليج عام 1991، لأنه حمل إسرائيل التى تعتمد على نفوذ الولايات المتحدة «كل مشاكل العرب»، وقال إن وزير الخارجية السابق جيمس بيكر قال خلال اجتماع عقد فى يناير 1991 إنه إذا لم يمتثل العراق للشروط الأمريكية «سنعيدك إلى مرحلة ما قبل عصر الصناعة»، وتشمل ذكريات صدام التاريخية صعوده داخل الحزب البعثى فى عامى 1968 و1969؛ وخيبة أمله بعد الحرب بين إيران والعراق مع الحكومات العربية لعدم امتنانها لقيام العراق بإنقاذ كل العالم العربى من احتلال إيران؛ وتفاصيل عن حرب الخليج عام 1991؛ والانتفاضة الشيعية فى فترة ما بعد الحرب فى جنوب العراق، التى وصفها بأنها «خيانة» تحرض عليها إيران، وتكشف الوثائق أن سلسلة المقابلات هذه لم تتناول الحرب الكيماوية التى اتهم صدام بشنها فى المناطق الكردية فى العراق فى الفترة 1987-1988، على الرغم من أن التقرير المرحلى لمكتب التحقيقات الفيدرالى يقول إن صدام تم استجوابه حول الموضوع، ويقول المحقق «صدام لا يوفر الراحة لمحاوريه، حيث دحض أى فكرة للتعاون مع القاعدة، أو امتلاكة لأى أسلحة دمار شامل، والواقع أن التهم، التى تهدف إلى كسب تأييد الجمهور لغزو العراق، كانت تنهار فى حين أن كانت المقابلات جارية، ولم يتمكن المحققون من وكالة المخابرات المركزية، التى تعمل بحرية فى العراق المحتل، من الكشف عن أى دليل داعم موثوق للمطالب الأمريكية، وفى النهاية اعترف الرئيس بوش نفسه بأن «معظم المعلومات الاستخباراتية أصبحت مخطئة».
 
وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر أقر فى اجتماع بأنه سيعيد العراق إلى مرحلة ما قبل عصر الصناعة إذا لم يمتثل للشروط الأمريكية.. وإيميلات هيلارى كلينتون تم تسريبها بسبب أعمال القرصنة التى أجريت على بريدها الإلكترونى وكانت سبباً فى خسارتها انتخابات الرئاسة الأمريكية أمام المرشح الجمهورى الفائز دونالد ترامب
تقول لورين، كبير مسئولى أرشيف الأمن القومى الأمريكى، إن هناك 1400 وثيقة حول حرب أكتوبر لم يفرج منها سوى عن 250 وثيقة فقط تتعلق بمسار الحرب وفترة وقف إطلاق النار وحتى مفاوضات السلام التى تمت فى كامب ديفيد بين الرئيس المصرى أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجين برعاية الرئيس الأمريكى حينها جيمى كارتر ومشاركة وزير خارجيته هنرى كيسنجر.
 
ويقول تقرير للأرشيف إنه فى 6 أكتوبر 1973 فى الساعة الثانية بعد الظهر (بتوقيت القاهرة)، شنت القوات المصرية والسورية هجمات منسقة على القوات الإسرائيلية فى سيناء ومرتفعات الجولان، «وقد استمر هذا النزاع، الذى يعرف بشكل مختلف باسم حرب أكتوبر أو حرب يوم الغفران، حتى أواخر أكتوبر عندما أجبرت واشنطن وموسكو، من خلال الأمم المتحدة، الأطراف المتحاربة على وقف إطلاق النار» بحسب ما نصت عليه التقرير، التى أكدت أيضاً أنه كان لحرب أكتوبر تأثير جوهرى على العلاقات الدولية، ليس فقط من خلال اختبار متانة الانفراج بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى ولكن أيضاً من خلال إجبار الولايات المتحدة على وضع الصراع العربى الإسرائيلى على رأس جدول أعمال سياستها الخارجية. إن التهديد بعدم الاستقرار الإقليمى، وأزمات الطاقة، والمواجهة بين القوى العظمى، جعلت للولايات المتحدة دوراً عملياً فى المنطقة لا مفر منه، ومنذ سقوط عام 1973، لعبت واشنطن دوراً محورياً فى الجهود المطولة، إذا ما كانت متقلبة، لمعالجة الأهداف الأمنية والأرضية المتعارضة للعرب والإسرائيليين. إن المواد الأرشيفية الأمريكية التى تم رفع تصنيفها مؤخراً، والتى اكتشفها أرشيف الأمن القومى، توفر معلومات مهمة للغاية حول السياسات الأمريكية والتصورات والقرارات خلال النزاع، وتضمن الأرشيف وثائق حول الأهداف المصرية والسورية، وعلاقات القوى العظمى مع المتحاربين، وفشل المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، ودور موسكو وواشنطن فى تصعيد وتخفيف حدة القتال، وتأثير شخصيات رئيسية مثل كيسنجر والسادات، كما كشفت الوثائق أن وزير الخارجية هنرى كيسنجر أعطى للسلطات الإسرائيلية الضوء الأخضر لخرق اتفاق وقف إطلاق النار بالتنسيق مع الاتحاد السوفيتى، لشراء الوقت اللازم لتحقيق تقدم عسكرى إسرائيلى رغم الموعد النهائى المحدد لوقف إطلاق النار، وقال كيسنجر سراً للإسرائيليين إنه يمكن أن يقبلهم «وقتاً أطول قليلاً» فى مراقبة الموعد النهائى فى محادثات مع جولدا مئير، واعتقد كيسنجر فى احتمال قيام القوات الإسرائيلية بعمل عسكرى ضد مصر رغم وقف إطلاق النار ودار الحوار التالى بين وزير الخارجية الأمريكى كيسنجر ورئيسة الوزراء الإسرائيلية حينها جولدا مائير:
 
مائير: لم يقل المصريون والسوريون أى شىء «عن وقف إطلاق النار» وقالوا إن القتال مستمر.
 
كيسنجر: لن تحصل على احتجاجات عنيفة من واشنطن إذا حدث شىء ما أثناء الليل، بينما أنا أفكر لا شىء يمكن أن يحدث فى واشنطن حتى الظهر غداً.
 
مائير: إذا لم يتوقفوا، فلن نفعل ذلك.
 
كيسنجر: حتى لو فعلوا.
 
وتابعت الوثائق: «خلال الليل» شنت القوات الإسرائيلية هجوماً وقد تسببت الانتهاكات الرئيسية لوقف إطلاق النار فى أزمة دبلوماسية مع الاتحاد السوفيتى، الذى يشتبه زعماؤه بأن كيسنجر قد أبرم اتفاقاً مع الإسرائيليين، وأدت التوترات الدبلوماسية إلى خدعة سوفيتية للتدخل، مما أدى بدوره إلى حالة تأهب أمريكية من نوع ديفكون إى، ولتسوية الأزمة سيتعين على كيسنجر ممارسة ضغوط قوية ضد تل أبيب، وكان ذلك بداية 30 عاماً من التركيز الأمريكى على الصراع العربى الإسرائيلى كأولوية رئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية، وقالت الوثائق إن الأيام الثلاثة الأولى من المحادثات فى كامب ديفيد كانت غير سارة للغاية، كما وصفها الرئيس كارتر فى إحدى الوثائق، وقال أنا وبيجين والسادات كنا نجلس فى غرفة صغيرة جداً، وأحياناً كان وزير الخارجية، سايروس فانس، هناك، وأحاول الحصول على موافقة السادات وبيجين على شىء ما، ولا يمكنهما الاتفاق على أى شىء، وكانت المفاوضات فى البداية معادية جداً، وبغض النظر عن جهودى، كانا يريدان دائماً العودة إلى ما حدث فى السنوات الـ25 الماضية، وكشفت الوثائق عن أن اتفاقية كامب ديفيد كادت تفشل تماماً مرتين، وخلال المرة الأولى قال السادات للوفد المصرى «استعدوا سنترك كامب ديفيد»، وذهب إلى مستشار الأمن القومى بريجينسكى وقال: «أحضر مروحيتى - سأعود إلى مصر حالاً»، بعدها ذهب كارتر إلى مقصورة السادات وواجهه بطريقة صريحة جداً وقال له «إن صداقتنا ستنتهى، لقد وعدتنى بأنك ستبقى فى كامب ديفيد طالما كنت على استعداد للتفاوض وأرى أنك قد وضعت خططك لمغادرة دون حتى التشاور معى، وأعتبر هذا ضربة خطيرة لصداقتنا الشخصية والعلاقة بين مصر والولايات المتحدة»، وبعد مشاورات وافق السادات على البقاء وإكمال المفاوضات.
 
1400 وثيقة عن حرب أكتوبر لم يفرج منها إلا عن 250 تتعلق بمسار الحرب وفترة وقف إطلاق النار والمفاوضات
ومن بين الوثائق التى رفعت عنها وكالة الاستخبارات المركزية مؤخراً السرية، مذكرة المخابرات المشتركة بين الوكالات فى يونيو 1976 مصر، تحت عنوان «الموقف الداخلى للسادات»، وتخلص مذكرة عام 1976 إلى أنه على الرغم من أن السادات كان مسيطراً على الموقف إلا أن هناك قلقاً بشأن موقفه الداخلى، ومع ذلك، فإن الملخص الرئيسى للمذكرة يشير إلى أنه «فى حالة عدم وجود رصاصة قاتلة أو نوبة قلبية أخرى لا نرى أى تهديد مباشر للسادات»، وقالت الوثائق إن رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجين خاض معركة شاقة مع الكنيست الإسرائيلى فور عودته من كامب ديفيد، بسبب شعورهم بخسارة فى محادثات السلام، وفى الوثيقة التى حملت رقم ٦٣ بأرشيف الأمن القومى أكدت البيانات التى جاءت فيها فشل المخابرات الأمريكية فى إدراك التهديد الوشيك لحرب ٦ أكتوبر، وفقاً لما ذكره رئيس المخابرات بوزارة الخارجية الأمريكية، راى كلاين: «كانت الصعوبة التى واجهناها هى أن إسرائيل أقنعتنا بقدراتها العسكرية الرهيبة وغسلت أدمغتنا رغم أنهم من قاموا بغسل أدمغتهم أولاً!»، وأهم ما جاء فى الوثائق التى حملت أرقام ٩ و١٠ و١٨ هو وجود تحذيرات مسبقة من هجوم مصرى وسورى محتمل تلقاه إسرائيليون ونصيحة كيسنجر لرئيسة الوزراء جولدا مائير لتجنب الإجراءات الاستباقية، وفى الوثيقة رقم ١٣ ترصد الحالة الأولية للارتباك فى مجتمع الاستخبارات الأمريكى حول إمكانية مصر وقدرتها على شن هجوم شامل على إسرائيل وقرارات كيسنجر المبكرة لتقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل (الوثيقتان 18 و21) والبقاء على اتصال مع القادة العرب، لتعظيم النفوذ الدبلوماسى الأمريكى.
 
وأثناء التجول فى أرشيف الأمن القومى الأمريكى وجدت «الوطن» ملفات كثيرة حول السلاح النووى الإيرانى تحوى مستندات يعود تاريخها إلى قبل أربعة عقود -فى منتصف السبعينات- وتبين منها تعثر المسئولين الأمريكيين والإيرانيين حول حل مجموعة من المخاوف التى تسببت بشكل غير مسبوق فى اشتباكات مماثلة ظهرت قبل الاتفاق النووى بين أمريكا وإيران، الذى وقعه الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما والمعروف باسم «P5 + 1 وإيران»، وتسجل الوثائق الصادرة فى السبعينات من القرن الماضى إصرار شاه إيران على أن لدى بلاده «حقوقاً» بموجب معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية لتطوير مثل هذا البرنامج، كما ادعى الشاه أن اهتمامه كان فقط فى أنشطة سلمية، وذكر من بين مبررات أخرى ضرورة أن يكون قادراً على التعويض عن الانخفاض المحتمل فى احتياطيات إيران من النفط، الحكومة الإيرانية الحالية، التى أطاح أسلافها بالشاه فى عام 1979، دفعت نفس الحجج.
 
من جانبهم، أعرب المسئولون فى إدارة أوباما عن مخاوفهم -وكررها بشدة معارضون للصفقة- حول خطر الانتشار الكامن فى أى اتفاق يسمح لإيران بتطوير موارد الطاقة النووية، وقد ظهرت الشكوك أيضاً من العديد من الجهات فى السنوات الأخيرة بأن أهداف طهران سلمية بحتة، والشكوك أكثر تفاوتاً حول ادعاء الجمهورية الإسلامية بأنها تحتاج إلى معالجة حقيقة أن مواردها النفطية محدودة. وكما حدث خلال عامى فورد وكارتر، فإن المخاوف بشأن توافر الأسلحة النووية لدعم الإرهاب قد أعاقت المحادثات الحالية.
 
وتقول الوثائق إنه قد حدث، بالطبع هناك اختلافات بين ماضى الأزمة النووية الإيرانية وحاليها، فعلى سبيل المثال، فى سبعينات القرن الماضى اعترضت الولايات المتحدة ودول أخرى كثيرة على أن إيران لديها القدرة على إنتاج إما البلوتونيوم أو اليورانيوم عالى التخصيب، بينما فى العصر الحالى قدرات إيران فى هذا الصدد الأخير هى حقيقة واقعة، كما أن الصورة السياسية تختلف اختلافاً كبيراً، كانت الحكومات الأمريكية والإيرانية أعداء مريرين منذ عام 1979، على النقيض من العلاقات الوثيقة التى كانت قائمة بين واشنطن والشاه، وعلى الرغم من الاختلافات الأساسية بين الجانبين، ودرجة عدم الثقة التى اتسمت بها علاقاتهما، تمكنت إيران وشركاؤها المفاوضون من التوصل إلى اتفاقات نووية أساسية فى السبعينات -تحت رئاسة 3 رؤساء، جمهورى، ديمقراطى، وديمقراطى على التوالى- كما هو الحال إبان فترة تولى الرئيس الأمريكى «الديمقراطى» السابق باراك أوباما، وفى الحالة الأولى، وقعت ثورة 1979 فى إيران قبل التوقيع على الاتفاق، ولا يزال اتفاق اليوم يتطلب موافقة الكونجرس، من بين خطوات أخرى، قبل دخوله حيز النفاذ، لكن أوجه التشابه بعد سنوات عديدة، وعلى الرغم من التفاوت فى النظرة السياسية داخل إيران، آنذاك، هى الآن مثيرة للاهتمام.
 
ويقول تقرير للأرشيف «يستند نشر اليوم إلى حد كبير على أرشيف الأمن القومى السابق والمنشورات الإلكترونية التى جمعها وحررها ويليام بير، التى تتضمن أبحاثاً أرشيفية طبقاً لقانون حرية المعلومات، كما حصل بير على وثائق يعود تاريخها إلى سبعينات القرن الماضى وأيضاً نص اتفاق إيران - P5 + 1 فى 14 يوليو 2015 والملاحظات الرسمية التى أدلى بها الرئيس باراك أوباما، ووزير الخارجية جون كيرى، ووزير الطاقة إرنست مونيز».
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.