الأقباط متحدون - جناب المستشار والمُجَنّد القتيل
  • ٠٤:٢٦
  • السبت , ٦ مايو ٢٠١٧
English version

جناب المستشار والمُجَنّد القتيل

سعيد السنى

مساحة رأي

٢٦: ٠٩ ص +02:00 EET

السبت ٦ مايو ٢٠١٧

مؤمن سعد أغا
مؤمن سعد أغا

سعيد السني
غريبٌ أمر هذا «المصدر الأمني» المنتسب إلى مديرية أمن القاهرة، الذي نشرت له جريدة الأهرام تصريحًا يحوي رواية مكذوبة ومُزيفة ومُفبركة لواقعة مقتل شاب بمدينة نصر، يُدعى مؤمن سعد أغا، على يد «قاض» مُعار لدولة الكويت، أمام العمارة التي يسكن بها جناب المستشار، بعد مشادة كلامية بينهما، والقتيل الشاب هو بالمناسبة خريج الجامعة الألمانية ومُجند بالقوات المسلحة.. ملخص إفادة المصدر الأمني، لـ«الأهرام»، أن «القاضي»، وهو يحارب الإرهاب، قام بتصفية «مؤمن» وقتله رميًا بالرصاص من مُسدَسه المُرخص، تخلصًا من شره، بعد الاشتباه بأنه إما «إرهابي» أو جاء لمساعدة خطيبته الإرهابية (!!!).. المصدر الأمني، الذي يُحاكي في روايته «بيانات وزارة الداخلية» بشأن تصفية «خلية إرهابية» هنا أو هناك، في تبادل لإطلاق النار عند مبادرة الخلية بمهاجمة القوات.. لم يكن ينقص «المصدر الأمني» سوى التقول على الشاب الضحية (مؤمن) والزعُم بأنه بادر سيادة القاضي بإطلاق النار، بما اضطر سيادته لمبادلته الرصاص وتصفيته (!!!).

لمن لم يتابع الحادث، وحسب شهادة الفتاة بوسي، خطيبة القتيل، وتحقيقات النيابة العامة التي أمرت بحبس القاضي.. عند هبوطها من إحدى الشقق بالعمارة محل سكن «القاضي»، استوقفها جنابه وراح يستجوبها، «بتعملي إيه هنا»، فأجابته و«حضرتك مالك.. هذا ليس شأنك»، فاحتجزها متعديًا عليها، فاتصلت بخطيبها، الذي كان في انتظارها بسيارته، فحضر وحاول صرفها إلى السيارة والتفاهم مع «سيادة القاضي»، وكان رده «أنا معرفكش.. أنا بكلمها هي» وحذرهما من التحرك.. لم يمتثلا لمعاليه.. برعونة، أخرج مُسدسه المُرخص وأفرغ رصاصاته بصدر «مؤمن»، وأرداه قتيلاً في الحال (!!).

عودة إلى «المصدر الأمني» القاهري، وروايته الخيالية التي تورطت جريدة الأهرام بنشرها، والتي ربما أراد بها مجاملة الباشا القاضي، باعتبارهما باشوات زي بعض، وإدانة «القتيل»، استباقًا للتحقيقات، باعتباره واحدًا من عوام الناس، ومن ثمّ فلا مانع من تبرئة ساحة القاتل والإيحاء بأن القتيل «إرهابي» يستحق القتل، وأن الباشا المستشار أسدى إلينا معروفًا وأبدى فروسية وشهامة بتخليصنا من شرور هذا الإرهابي، ويكون واجبًا علينا الشكر والعرفان لهذا «العمل البطولي» بتصفية الإرهابي «المزعوم» (!!).

«المصدر» قال للأهرام: «إن هناك شقة بمدينة نصر تستأجرها سيدة فلسطينية الجنسية، يتردد عليها العديد من عناصر جماعة الإخوان الإرهابية منذ فض اعتصام رابعة العدوية على فترات مختلفة، وإن سكان العقار اشتبهوا بوجود خلية إرهابية في تلك الشقة، وقاموا بإبلاغ المستشار القاطن بذات العقار الذي ارتاب في فتاة عقب خروجها من العقار سكنه والتي كانت في انتظارها سيارة ملاكى بزجاج فاميه، ولدى نزول المستشار لاستيضاح الأمر فوجئ بتعدى الشخص الذي كان منتظرًا الفتاة بالسب والقذف والضرب عليه ليسقط أرضًا ويسقط سلاحه....»، إلى آخر الرواية، (http://www.ahram.org.eg/NewsQ/592546.aspx) وهي على كل حال رواية ساذجة ومُفككة، تنقصها الحبكة والإقناع.. إذ تقفز إلى الذهن عدة أسئلة.. لماذا أبلغ سكان العقار سيادة المستشار.. أليس مجرد ساكن مثلهم؟.. وإذا كانوا قد توسموا فيه، وبما له من اتصالات، إبلاغ الجهات الأمنية عن الساكنة الفلسطينية والعناصر الإخوانية «الإرهابية» المترددة عليها.. فهل أبلغ سيادته «الأمن الوطني» مثلاً، وأسند إليه الجهاز مُهمة التصدي للخلية الإخوانية وتصفيتهم؟!.. تأكيداً.. لم يحدث.. هل يريد المصدر إقناعنا بأن السيدة الفلسطينية ساكنة الشقة بعيدة عن أعين أو متابعة الأمن؟.. وإذا كانت فعلًا شقتها وكرًا للإرهابيين، منذ فض اعتصام رابعة العدوية.. فلماذا تركوها لما يزيد على 40 شهرًا؟!.. هل يريد المصدر العبقري القول بأن «الأجهزة الأمنية» على كثرتها، عاجزة عن القبض على الفلسطينية (الإرهابية فرضًا جدليًا)، ومعها الخلية المزعومة، وأنها (الأجهزة) كانت في انتظار عودة سيادته في إجازة من عمله بالكويت، ليتولى هو تصفية الخلية، وقتل هذا الشاب البريء في مقتبل حياته، والذي هو للمصادفة مُجند بالجيش، وخريج جامعة أجنبية؟!.

كان يمكن للمصدر الأمني الاكتفاء بالإشارة إلى وقوع مشادة كلامية بين القاضي و«الشاب» مؤمن، دفاعًا عن خطيبته، أدت إلى مقتله بالرصاص، والوقوف عند هذا الحد، بعيداً عن حسم اتهامات أو لصقها بطرف دون آخر.. وهو ما يستدعي من وزارة الداخلية تنظيم دورة لرجالها المختصين بالتصريحات والبيانات الإعلامية، لتدريبهم على عدم استباق التحقيقات بإصدار أحكام قطعية، وكذا الابتعاد عن المجاملات لطرف على حساب آخر، هدرًا للحقوق وإثارةً لاستياء الرأي العام الذي اعتاد التشكُك فيما يصدر من تصريحات مشابهة من كثرة معاناته منها وعدم صدقيتها.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد