هل أبقت لنا الاحزان مُقلا لخزن الدموع؟
عزيز الحافظ
الثلاثاء ٢ مايو ٢٠١٧
عزيز الحافظ
يوم بعد يوم..... وثانية بعد ثانية قفزا وبخسا على ترتيب الساعات والدقائق وبندولهما.. في تشكيل هرم الايام وتنسيقها الزمني....... تبقى المحنة في الوطن الذبيح, كبيرة ندفع عنها كل يوم دما طهورا...شباب يغادر شاهقا شهيدا في علياء المجد.... يغادر احلامه وأمانيه وطموحه وملذاته وبسماته وقشفاته وأصدقائه وملابسه وسريره وغرفته وبؤسه وشقاؤه وحتى فقره.......يغادرها بلادعوة.... وبلاعودة!!! فقد اختار شبابنا الابطال طريق الخلود ،يسطرون بدمائهم ووجوههم السواطع وثغورهم البسامّة... يلقمون الموت الزؤام... نفسه دمعة!!! فلو كانت للموت دوامعا وعيونا ووجوها وتقاسيما فوالله لكانت كلها تنوح بإلم فراقهم!!! وكانت ستسكب عليهم مآقيا.....لاماءا للدموع يعانق الوجنات يغادر الغدد الدمعية..... بروتينية سكبية معلومه...
لم يبق لهم آثرا في بيوتهم! فالعراقيون بالذائقة الإجتماعية، يهبون كل متعلقات الميت ميتهم العزيز... الى الغرباء.... لايحبون مشاهدة آثارهم من الملابس التي كانت شاهدة على بسمتهم هنا ودمعهم وحبورهم هناك..... نعم يحبون الصور ويحرصون عليها لانها تمنيات غيبية... عللها يوما تنطق!! وتقول للاب صباح الخير بابا!!! او تقول للام العراقية الصبورة التي لاتفارق الدمع والنواح والنحيب والنشيج... سلام عليكم يااماه!! وينتفض أبنها من إطار الصورة.. راكضا لحضنها يملء وقودا من مشاعرها الوضاءة...ولايسألها كيف حالك بعد فراقي!!! لان الحزن سيجيب والمصاب سيتكلم والجرح سيعاتب بنار ولظى لماذا غادرت ياولدي قبلي؟ لماذا احرقت قلبي؟ من سيبكي علي؟ ويتلوع ياولدي وينوح ويكون وجهه كله دمعة...وانت قد غادرت قبلي؟ تبقى الام العراقية ترسم احزانها ابرع من ريشةانجلو.... وليناردو دافنشي.. وتبقى تحمل غموض بسمة الموناليزا....
جراحها تخاطب جراحه.... هل عرفتم مشاعر الجراح وهي تبتسم للحظات الوداع!! وتتعاتب على الوداع المبكّر..
نازفة دما مراقا على أرصفة وأزقة الحزن والكمد وحرقة المسار في الوجنات....
اليست وجناتنا شوارعا للدمع؟؟؟؟
هل شاهدتم كيف تعبّد الدموع طريق الوجنات في وجوه أمهاتنا العراقيات؟ هل رأيتم كيف حصدت مناجل قوافل الدمع..... بهجة ينوع اغصان الانتظار؟ هل شاهدتم كيف حرثت الاحزان وظلال الغائبين ، بساتين الفرح..
بين الثنايا والضلوع؟ وكيف اندرست أوراد وغصون تحملنها في أوردة كل قلب؟ هل رأيتم ان خيط الشموع المحترقة... بغيابكم... كان بطينا؟ وان دمعة الفؤاد كانت أُذينا؟ هل علمتم ان صدورنا صارت مقبرة مجانية.... تستقبل الآهات....واللوعات..
حقا
كتبت الامهات العراقيات.... ليس بإتشاح السواد....
ولابفحمة دلال القهوة
في مضيف عزاء وليدها...
على باب دارها
دمعة الانتظار...
أتأمل وجه المغادرين....
وجها وجها ... التقطها من مسار مسيري اليومي...
انظر بعين علم التشريح البشري.... لقسماتكم لسحناتكم...
للمكنون من الآمكم
للمخفي من آمالكم
لاتخبرني العيون وبسمتها المتناسقة
ولاتجاوبني انسدالة الجفون وفقدانها آلية الانغلاق...
ولاتناجيني وجناتكم
ولاتحاورني بسماتكم
فقد تكون للحبيبة التي لم تعرف عشقكم!!
ولم تأسف على وداعكم الابدي!!
كثير منكم....
كان له حبيبة.....تعلم بحبه وإهتمامه...
أو قد لاتعلم!!!
يعني له أملا بالحياة ورؤية بقدوم المستقبل وووو احلام لاتعرف مداها الزمني لكي تتحقق ..ولاأبعادها الفيزياوية ولاتركيباتها التفاعلية الكيمياوية...
ولكنه فارقها كلها
وتوسد تراب الوطن لايهم في الموصل بساحلها الايمن وساحلها الايسر....
فايضا للقلب ساحلان مثل الموصل!!!
أذينين وبطينين!!
سكنتموها وإلفتموهما
ولعبتم فيها كرة قدم مبتهجين جذلين مسرورين...
قبل ان تتبارك ارض الموصل بتوسد الجثماين الطواهر شاهقة بالشهادة...
لااحتاج لموسيقى تصويرية فانا اكتب بدم على رقعة الدم....
أرض العراق الغالي...
اكتب مغادرتكم شاهقين
بالشهادة
واخاف ان ينساكم الوطن
والذاكرة
اخاف ان تفقد الذاكرة بوصلتها..
وتنساكم وتسهو وتغفل..لحظات!!
ولكنكم.. في الخلايا الجذعية والوراثية والسمعية والبصرية لكم إحتلال!!!
انتم ذاكرة الوطن... والتاريخ المسطّر بفوهة البنادق والمكتوب بيراع حبره دم!