ماذا تبقي للأقباط من زيارة البابا فرنسيس ؟
سليمان شفيق
الاثنين ١ مايو ٢٠١٧
سليمان شفيق
"الفرق بين البابا بيندكت و البابا فرانسيس هو الطموح السياسي . البابا فرانسيس لا طموح سياسي له ، فقط رسالة المسيح فأحبه العالم و نظر فيه المسيح" .
ـ تغريده للباحث رامي كامل ـ
اقترب رامي كامل في تغريداته علي صفحته علي الفيس من الحقيقة ،وهي الفرق بين الراهب الروحاني "الصوفي" ـ بالرؤية المسيحيةـ ، الذي ليس لة طموح سياسي ولا كنسي ، فأحبة العالم ونظر فيه المسيح ، وبين الراهب العالم أو المعلم ذو الطموح الكنسي او السياسي ، والذي يمكنه أن يلقي الترحيب من الدولة وقد يتبوء اعلي المراتب الكنسية ، ولكنة سيربح العالم فقط ، ولا يقتصر الأمر علي الرهبان والاكليروس بل والعلمانيين ايضا ، والسيد المسيح قال :"من وجد حياته يضيعها ، ومن أضاع حياته من أجلي يجدها " أنجيل متي 10 /39.
البابا فرنسيس ابن الام ماريا المهاجرة الايطالية من جحيم الفاشي موسيليني ، وماريو العامل في السكة الحديدية ، رضع مرارة الهجرة من صدر أمة ، وذاق طعم الفقر من دخل الاب العامل البسيط ، ولم يكن امامة سوي مدارس رهبنة السالزيان التي تعلم ابناء الفقراء ، وفي الصف الثالث اصيب بالتهاب رئوي لم يستطيع ان يعالجة جيدا مما تسبب في استئصال رئتة اليمني وهو كاهن .
كل ذلك دفعة لان يدخل الرهبنة اليسوعية التي اسسها القديس "أغناطيوس دي ليولا" والتي اعترف بها الفاتيكان (1540) ، تلك الرهبنة التي مزجت في روحانيتها بين الصوفية المسيحية التأملية والحداثة والنضال ضد الظلم حتي لو كان من داخل الكنيسة الامر الذي تسبب في حلها مرة، كل تلك المكونات دفعتة ان يكون مناضلا ضد الظلم حتي لو اختلف مع الاكليروس الرسمي المتنفذ في امريكا اللاتينية ،والذي كان يستند الي الكنيسة الكاثوليكية الرومانية التي كانت تؤازر الحكام العسكريين الديكتاتوريين حينذاك ، من هنا انضوي الراهب الكاهن الشاب "جورجي روماريو "الي تيار لاهوت التحرير في امريكا اللاتينية ،تلك الموجة التي انطلقت منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي .. وبعد ان جلس علي كرسي روما وفي 2015اعلن البابا فرنسيس "تطويب " رئيس اساقفة سان سلفادور, اوسكار روميرو, "رجل الله" المدافع عن الفلاحين من دون اراض, والذي قتلته في 1980 مجموعة كومندوس من اليمين المتطرف، والتطويب مرحلة من مراحل اعلان القداسة ، وبعدها رفع الحظر الذي كان يمنع جيل اسكوتو بروكمن, وزير الخارجية السابق في الحكومة الماركسية (الساندينية) في نيكاراجوا, من اقامة القداس.
ولم يكتفي بذلك بل استقبل احد "اباء" لاهوت التحرير, الكاهن البيروفي غوستافو غيتيريز الذي ما يزال يطالب بمفهوم معتدل عن هذا اللاهوت. وابتداء من سبتمبر2016 بدات صحيفة الفاتيكان "اوسرفاتوري رومانو" تنشر مقالات الاب غيتيريز مؤسس لاهوت التحرير وهو في الاصل راهب يسوعي.. ومنذ 1976 انتقد هذا الكاهن اليسوعي الشاب ـ البابا فرنسيس فيما بعد ـ المواقف اليسارية الماركسية المتطرفة لبعض الكهنة. وبدأ في الوقت نفسه تطبيق "لاهوت الشعب" في مدن الصفيح, مشددا على الايمان الشعبي، كل ذلك يؤكد علي ان البابا فرنسيس ليس ماركسيا. واذا كان يعبر عن اراء سياسية, فهي بيرونية" مستوحاة من الحركة التي اطلقها الرئيس الارجنتيني السابق خوان دومينغو بيرون الذي كان ينادي بمزيد من العدالة الاجتماعية.
نحن امام قديس وزعيم ورمز من رموز امريكا الجنوبية "اللاتينية" ،ينحاز للسلام من روحانية القديس فرنسيس الاسيزي والرهبنة الفرنسسكانية التي تسمي بأسمة بعد اختيارة بابا للفاتيكان ، وينحاز للفقراء والعدالة الاجتماعية والنضال ضد الظلم من روحانية لاهوت التحرير السلمي الذي انطلق من الراهب اليسوعي "جواتيريز" ، ودفعت الرهبنة العديد من الشهداء.
رحل البابا فرنسيس ولم يبقي منة لدي القيادات القبطية (اكليروس وعلمانيين) سوي تبخر كل شعارات المحبة ، والصراعات الجانبية الصغيرة ، ونعدام الشفافية حتي حول وثيقة عرفها العالم ولم نعرفها بعد، حول توحيد المعمودية ، بالطبع لا احد ضد ذلك ولكن البعض اراد ان يقفز علي التراث الثقافي والحرومات المتبادلة والتي تلقاتها اجيال واجيال من ابناء الكنيستين مع سر التثبيت ، ولهذا كله تاه مننا المسيح قبل ان يكسر الخبز مع تلميذي عماوس ،ةتبقت لنا معاركنا الصغيرة ، ولم نطالب قواتنا المسلحة التي استطاعت ان تقين مذبحا في قلب اكبر استاد لها بالدفاع الجوي ، لماذا لم يستطيع ابناء قرية اللوفي الصلاة ؟
في اي وطن نعيش هل وطن بنت فية القوات المسلحة كنائس "اطفيح " وكنائس هدمت وحرقت من هجمة الاخوان الفاشية في أغسطس 2013، واعادت البطرسية ومارجرجس طنطا والمرقسية للصلاة ، أم نعيش في اللوفي وريدة والاسماعيلية بالمنيا وحجازة بقنا ؟
لقد كشف لنا البابا فرنسيس سترنا ، واسقط ورقة التوت عن كثيرين ، من يريدون ان يصنعوا مجدا علي حساب الثوابت والتقليد ؟ او من صعدوا علي اكتاف البسطاء والمضطهدين وباعوهم بلا ثمن، او هؤلاء الذين ينتفعون من الام الفقراء ويجلسون في الصفوف الاولي بالكنائس بالاعياد يتلقون الشكرعلي تملقهم السلطات السياسية والدينية ، لم يبقي لنا سوي ان نطالب بتجميع كل الكلمات التي قيلت في كتيب وندعوا لتدريسة في مراحل التعليم الاساسي ليكون شاهدا علي كثيرين ، ان نطالب القوات المسلحة المجيدة ان تتولي بناء الكنائس في الصعيد عن طريق شركاتها المدنية او الهيئة الهندسية لمواجهة التكفيرين .
لم يبقي لنا قبل الحديث عن توحيد المعمودية سوي ان نواجة انفسنا وضمائرنا علمانيين واكليروس هل نحن فعلا مسيحيين بحق ام اننا ننتحل أسم المسيح زورا وبهتانا ؟!!