بعد ارتفاع الأسعار.. المصنعون في مصر يلجأون للموردين المحليين (تقرير)
أخبار مصرية | رويترز
الجمعة ٢٨ ابريل ٢٠١٧
في حقول خضراء قرب ساحل مصر على البحر المتوسط، تجني «بيبسيكو» أول محصول لها من البطاطس المنتجة ببذور محلية لصناعة الرقائق المقلية.
شأنها شأن كثير من المصنعين الكبار الآخرين في مصر، أصبحت شركة الأغذية والمشروبات العالمية العملاقة تدبر المزيد من المواد الخام من السوق المحلية لكبح التكلفة، والحد من رفع الأسعار في ظل معاناة المستهلكين من تضخم أسعار الغذاء الذي تجاوز 40%.
تسيطر علامة «شيبسي» لبيبسيكو على نحو 55% من سوق رقائق البطاطس المحلية في مصر، وتحتاج إلى 360 ألف طن من البطاطس سنويا كانت تزرعها حصريا في السابق باستخدام بذور مستوردة.
وقفزت تكلفة الاستيراد في مصر منذ تخلت عن ربط الجنيه بالعملة الأمريكية عند 8.8 جنيه للدولار، وفرضت قيودا على الواردات وزادت الرسوم على أكثر من 300 منتج لكبح العجز المتضخم في الميزانية.
وقال أحمد الشيخ، المدير العام لمنطقة شمال شرق أفريقيا لدى بيبسيكو في مؤتمر، إن «الحصول على المواد الخام من السوق المحلية مهم جدا حاليا، ولا نستطيع الاعتماد على هيكل تكلفة قائم على الدولار مع إيرادات بالجنيه المصري».
بدأت «بيبسيكو» تطوير البذور محليا في 2013، واستخدمتها للمرة الأولى في محصولها للبطاطس عام 2017، وكانت الشركة تستورد بين 12 و15 ألف طن من البذور سنويا لإنتاجها من «شيبسي».
ولا تزال الشركة في حاجة إلى استيراد نحو 40% من البذور التي تحتاجها لمحصول 2017 لكنها تأمل في خفض ذلك إلى 30% العام المقبل.
وتعتمد مصر منذ أمد طويل على الواردات ويستورد المصنعون المحليون معظم المكونات والمواد الخام من الخارجـ وأدى ذلك إلى عجز تجاري وفي ظل عزوف السياح والمستثمرين الأجانب إثر انتفاضة 2011، أصبح الاقتصاد يعاني من شح مزمن في الدولار، مما ضغط على الجنيه.
فقد الجنيه نصف قيمته منذ تعويمه العام الماضي، وأضر التضخم بالقدرة الشرائية للمستهلكين، مما جعل من الصعب على الشركات تحميل زيادة التكلفة على المستهلكـ وبدلا من ذلك، يتطلع المصنعون ومن بينهم شركات كبيرة مدرجة إلى إحلال إمدادات محلية محل الواردات.
التغليف محليا
زادت شركة الحلوى وأطعمة الحيوانات الأليفة الأمريكية مارس، التي تنتج الشوكولاتة، مثل جلاكسي ومارس وتويكس وباونتي وعلامات معروفة أخرى، قاعدتها من موردي مواد التغليف المحليين في مصر على مدى السنوات الثلاث الأخيرة.
تعتمد الشركة حاليا على السوق المحلية في 70% من احتياجاتها للتغليف وتخطط لرفع هذه النسبة إلى 100% بحلول عام 2018.
تأخيرات الإفراج عن البضائع نتيجة للقواعد الجديدة مشكلة أخرى للمصنعين الكبار، حيث زادت التكلفة وتسببت في اختناقات بسلسلة الإمداداتـ مما شجع الشركات على تقليص الواردات.
وقال أحمد صديق، المدير العام لمنطقة شمال أفريقيا والشام لدى «مارس»، «لا نزال نواجه مشكلة في عملية التخليص في مصر».
و«جهينة» للصناعات الغذائية، أكبر شركة لمنتجات الألبان والعصائر في مصر، من بين شركات أخرى مدرجة تسعى لاتباع استراتيجية مماثلة.
وقال سيف ثابت، الرئيس التنفيذي لجهينة في مناسبة للقطاع، إن الشركة اعتادت على صنع عصائر المانجو من خلال استيراد 50% من الثمار التي تحتاجها من الخارج، لكنها تحولت منذ تعويم الجنيه إلى الثمار المصرية.
ولا يقتصر هذا الاتجاه على شركات الصناعات الغذائية فقط، حيث تتجه يونيلفر الإنجليزية الهولندية العملاقة للأغذية ومنتجات العناية الشخصية إلى موردي مواد التغليف المحليين للصابون ومساحيق التنظيف.
وقال أشرف بكري، العضو المنتدب لـ«يونيلفر» في مصر، الذي تستورد شركته 40% من مواد التغليف التي تحتاجها، لكنها تأمل في تدبيرها بالكامل من داخل مصر خلال ثلاث سنوات، «يعاني الجميع من شح الدولار، ولذلك عليك أن تنظر إلى قائمة وارداتك للاستغناء عن بعضها وتوفير الدولار».
مزايا التصدير
لكن الوجه الآخر لخفض قيمة العملة بالنسبة للشركات العالمية يتمثل في أن المنتجات المصنعة محليا أصبحت أكثر تنافسية في الخارج، وتستفيد من ذلك عدة شركات من خلال توسعة نشاطها الصناعي في مصر.
تتطلع «بيبسيكو»، على سبيل المثال، إلى تصدير بذور البطاطا التي تزرعها في مصر إلى شركات أخرى تابعة لها في المنطقة.
وقال «الشيخ» في الوقت الحاضر، وفي ظل هيكل التكلفة الجديد، فإن تكلفة العمالة انخفضت، ولذا أصبح لدينا الكثير من الفرص الكبيرة للمنافسة في السعر مقارنة مع كيانات أخرى لـ«بيبسيكو» في المنطقة، ولذلك نرى ذلك فرصة.
وقال «صديق»: إن «مارس ستستثمر 750 مليون جنيه (42 مليون دولار) على مدى الثمانية عشر شهرا المقبلة، بهدف زيادة صادراتها إلى 80% من الإنتاج ارتفاعا من ما بين 50 و60% حاليا».
وتتجه «يونيلفر» أيضا إلى التوسع، حيث تخطط لمضاعفة قاعدة أصولها بهدف تحويل مصر إلى مركز تصدير إقليمي لها، وتتوقع زيادة صادراتها لمثليها هذا العام.
وقال «بكري»: إن «مصر فرصة جذابة لأن تكلفة العمالة الماهرة منخفضة جدا، وكذلك تكلفة المرافق واللوجستيات بفضل موقعها القريب من أسواق كثيرة».
وأضاف: «نناقش هذا القرار منذ فترة طويلة لكن الآن، وبعد خفض قيمة العملة، فإن الأمور تتحرك بشكل سريع جدا، حرر ذلك عملية اتخاذ القرار».