الأقباط متحدون - الجميع يميل إلي السلفية .... لكن!!
  • ٠٠:٢١
  • الجمعة , ٢١ ابريل ٢٠١٧
English version

الجميع يميل إلي السلفية .... لكن!!

نبيل المقدس

مساحة رأي

٠١: ٠٧ م +02:00 EET

الجمعة ٢١ ابريل ٢٠١٧

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 نبيل المقدس
      أتعجب كثيرا أن أجد مصر هي الوحيدة التي يأمل شعبها أن يرجع بذاكرته عشرات و مئات السنوات اي من عصر النهضة " محمد علي " لكي يستطعم بعضا من أوقاتها الهنيئة والسعيدة .  فيحاول ان يسبح بإنتعاش في نيلها منبع الحياة , ويطير بحرية في سمائها مصدر الدفء والحنية , حتي أن أطلق شعبها علي هذه ألأيام السلفية بالزمن الجميل .. وانا أحسد كل من كان له الحظ أن يعيش في هذا الزمن الجميل .. وأتحسر بل وأحزن جدا علي الأجيال التي جاءت بعد هذا الزمن الجميل ..  فقد كنا نعيش في وطنا مصر التي ورثناها من أجدادنا القدماء بثرواتها وفنها وعلومها في جميع النواحي ..كفي ان أجدادنا آمن برب واحد , فقد كانت مصر أول من عرفت الإله الواحد , ودافع عنها من كل غاز أومعتدي .. كنا نعيش بهوية خاصة مختلفة عن هوية الأجناس الأخري .. هوية لها طعم الثقة في النفس والحب والميل إلي معرفة كل ما هو جديد , بل كنا من أوائل إبتكار هذه الأشياء الجديدة .

     لكن للأسف الشديد برزت شرذمة من هذا الشعب المصري في اواخر السبعينات .. تنصلت من هويتها المصرية ولبست الهوية البدوية التي عبدت السراب وهلت علينا من بلاد العرب , حاملين معهم معتقداتهم  السلفية  .. لم يرتبطوا بالهوية المصرية بأي رابط أو أي صلة  برحمها .. بل ارتبطوا باجداد العرب السلفيين بالتدين .. متخذين من شريعة الإسلام و تراث هذه الشعوب البدوية المثل و المصدر الصحيح لأعمالهم الإرهابية ظانين انهم يرفعون لواء الإسلام عاليا .. وعلي حسب قول إخوتنا المسلمين المعتدلين والذين لم تجرفهم هذه المباديء السلفية أن ما يصنعوه هؤلاء هو ليس من الإسلام , كما انهم يحاولون دائما إيجاد التبريرات لتغطية أعمالهم البشعة ... مع العلم لم تتواجد عقيدة تتبني هذه الأعمال من قتل وتفجير وإستهداف كل مَنْ هو آخر , وأحلوا تفجيرات الكنائس وقتل الأفراد في أماكن أعمالهم .

       هؤلاء الشرذمة بثوا روح الكراهية بين المصريين .. سلبوا الهوية المتميزة للشعب المصري .. غزوا فكر الشباب المصري المُجدي السليم  .. شحنوا عقول الشباب بأفكار شاذة لا يقبلها حيوان ..  خدشوا حياء جسد مصر الحُر وعروها .. نكسوا كيان وشخصية مصر بين الدول .. إغتصبوا يناتها القاصرات .. عرضوا إقتصاد مصر إلي أدني المستويات .. أبعدوا بلاد الشرق والغرب عن وطننا مصر واصبحت وحيدة وكثرت أعداؤها .. أساؤا لحضارة مصر من أثار وزوروا تاريخ مصر القديم .. حولوا المدارس والمعاهد والجامعات إلي كتاتيب , أو إلي أعمدة يلتف حولها التلاميذ كما كان يفعل الأجداد في الأزهر قديما  , فبدأت هذه الكتاتيب و الأعمدة تلقي علي تلاميذ مصر كل ما هو يرهب ويخرب ويهدم المجتمع المصري .. حتي وصلت بهم إلي مرحلة الإرهاب بجميع أصنافه .

      لا شك أن هذا الإرهاب المتواصل والمستمر علي فترات ليست ببعيدة يصنع خللا في فكر الشعب المصري .. فهو بمثابة عراقيل ضد التنمية .. ومهما ما يتم تنفيذه من نهضة وتقدم في الصناعة والزراعة لا يظهر نتائجها أو يعم خيرها وثمارها علي الشعب الذي اخذ عهدا علي نفسه ان يتحمل كل ما هو يعوق حياة الرفاهية والمعيشة المُيسرة .. لكن ما يزال الأعداء يستغلون الإرهاب في شق صفوف الشعب المصري .. وما يؤسفني أن اجد الكثير من فئات الشعب بدأت تمل من الضغوط الواقعة عليه , و مع تزايد الأعمال الإرهابية ضد مسيحيي مصر ,  من قتل وتفجيرات وبث الخطب الدينية التي تساند وتعضدد وتعطي كارت بلانش لهؤلاء الإرهابيين في التمادي في أعمالهم الشيطانية ضد مسيحيي مصر , ومن يشاهد هذه الأحداث التي تكاد تكون ممنهجة , يجدها ان الهجوم الإرهابي علي مسيحيي مصر هو الهدف الوحيد والقضاء او تهجيرهم من وطنهم .. فهم يخططون علي قدر فكرهم التافه أن يقيموا أمة إسلامية علي مستوي العالم .. فمنذ سنتين كانت بداية هذا التخطيط بالهجوم علي مؤسسات فرنسية وروسية وبريطانية وبلجيكية , غير بعض الدول التي تقع في شمال افريقيا  مثل الجزائر .. ولا ننسي تقوم هذه الجماعات في هدم أفريقية من خلال جماعة كوكو حرام الإرهابية .

     دائما وابدا يتحمل مسيحيو مصر نتائج كل ما هو سيء يصيب مصر .. لا يشتكي , لا يتذمر , لا يلوم , لا يحمل النظام اي مسئولية , لا يطلب زيادة الحماية أكثر من قدرة الحكومة , لا ينطق كذبا أن هناك تباين بين عنصري الأمة في جميع النواحي .. لكنه يرفض تماما اي تهديد بالفناء من عصابات كانت أو انظمة خارجية كانت ... حتي هذا الحد نحن نطالب الرئيس أولا أن يفتح أبواب السجون لبعض من مسيحيي مصر متهمين في تُهم غير خطيرة .. نطالبه أن يساويهم بهؤلاء الإرهابيين الذين حصلوا علي عفو رئاسي فقد كانوا من اشد خطورة علي الأمن القومي لمصر ..
    نحن لا نتدخل في مشكلة تجديد الخطاب الديني , فهذا امر يخص الإنسان المسلم نفسه , فقد وهب الله المسلم العقل , وكيفية تنقيه الخطاب النافع له ولا يضر وطنه , يستطيع أن ينتخب الكلمات التي تقبلها الإنسانية , لكونه ينتمي لها. تجديد الخطاب الديني غير مُجدي إن لم يتم إزالة ومحو جميع مناهج الدراسية التي يتم بثها في فصول الأزهر . تجديد الخطاب الديني سوف يبقي علي ما هو عليه  إن لم تزيح من وجه مصر الطاهرة الأفاعي والشياطين الذين يبثون سمومهم السلفية التي أكلتها العتة ولا يليق بدولة ذات حضارة عظيمة منذ 10000 سنة أن تحتضنها .

     لو نريد أن ننظلق إلي الزمن الجميل ... لو نريد أن نعيد شخصية مصر إلي ما كانت عليه من قبل ... لو نريد أن ننطلق إلي الحياة الأفضل ... علينا ان نترك الدين جانبا .. ونجعله امرا خاص لمن يهمه الأمر ......!!!!