- أقباط في مسيرة سلمية يطالبون بدولة مدنية وتعديل المادة الثانية من الدستور
- محكمة أمن الدولة العليا طوارئ بـ"قنا" تصدر حكمًا نهائيًا بإعدام "الكموني" وبراءة المتهمين الآخرين
- دراسة: استطلاع "الأهرام" بين التزييف والحقيقة
- مصادر كنسية: أتباع الأمن في الكاتدرائية يعصون أوامر البابا ويسعون لشق الصف الوطني
- غدًا.. البابا شنودة يستقبل وزير الداخلية
نحو تأسيس الدولة المدنية
قراءة فى ملف "الأمور المسكوت عنها"(335)
بقلم: يوسف سيدهم
حقق الشباب- ومن ورائهم الشعب المصرى- حلمهم وأسقطوا النظام، وباتت ثورة الغضب التى انفجرت يوم 52يناير 2011 علامة فارقة فى تاريخ مصر ستفتح لها صفحات مشرقة فى تاريخنا المعاصر تتجاوز ثورة 23يوليو 1952...وكان من دواعى الفخر الذى غمرنا جميعا أن إصرار شباب ميدان التحرير وتمسكهم بموقفهم السلمى فى طلب التغيير بالرغم من المواقف الدامية المؤلمة التى قابلتهم وتركت فى سجل ثورتهم أعداداً كبيرة من الشهداء والجرحى، هذا الإصرار لفت نظر العالم كله ووقفت شعوب وحكومات كثيرة ترقب المشهد بكل إعجاب وتقدير للمصريين الذين رفضوا واقعهم ونجحوا فى تغييره.
الآن تبدأ مصر مرحلة جديدة حاسمة فى مستقبلها لإعادة صياغة وتشكيل دستورها ومؤسساتها التشريعية بما يحقق آمال وطموحات شعبها فى دولة مدنية حديثة تلحق بما فاتها خلال نصف القرن الماضى من أواصر التنوير والتنمية والتقدم...ولعل الجميع يدركون كم هى خطورة المرحلة المقبلة، فالأفراح والهتافات التى عمت المصريين بنجاح الثورة ورحيل الرئيس مبارك عن الحكم لا تعكس نهاية المسار بل على العكس هى بداية طريق شاق وطويل للإصلاح....إصلاح الدولة وإصلاح الإنسان المصرى، فكلاهما تأثر بالمرحلة السابقة وبهتت ملامحه وخبا بريقه أمام الاستبداد والقهر والفساد.
وفى هذا الصدد يجب أن ندرك أننا مازلنا فى مفترق طرق عصيب يحمل لنا تحديات جسيمة لما سيكون عليه مستقبلنا، فالمتتبع لتطورات الأمور خلال اليومين الأخيرين قبل رحيل مبارك- الخميس10 فبراير والجمعة ١١فبراير- لايسعه إلا أن يتساءل:هل ما انتهينا إليه مساء الجمعة برحيل مبارك وتسليمه السلطة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة يتجاوز ما انتهينا إليه مساء الخميس بتفويض مبارك سلطاته الرئاسية لنائبه وإعلانه عن الحزمة الأولى من التعديلات الدستورية؟...إن الإجابة على هذا التساؤل تكمن فى مفترق الطرق الذى نقف فيه الآن، فالقوات المسلحة يقع عليها الآن عبء المسئولية التاريخية لإدارة شئون البلاد واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لإعادة تشكيل الشرعية الدستورية والتشريعية والتنفيذية لإعداد المسرح السياسى للانتقال إلى دولة مدنية وتأمين انتخاب حر لأول رئيس مدنى لمصر منذ عام1952 لترسيخ أواصر الدولة المدنية التى تعد أول وأهم مطالب ثورة 25يناير.
وإذا كان البعض- وأنا منهم- تطارده فى هذا المشهد ذكريات استئثار العسكر بالسلطة عام 1952، فهناك على الجانب الآخر عوامل تدعو للاطمئنان أن التاريخ لن يعيد نفسه فى أيامنا هذه، فقواتنا المسلحة اليوم لم تنقلب على الشرعية ولم تخرج لتأخذ بيدها زمام تغيير الواقع السياسى للبلاد مثلما حدث عام 1952، إنما تم تسليمها سلطة تسيير شئون البلاد بصفة مؤقتة مع الإشراف على الانتقال السلمى للسلطة المدنية المقبلة بعد إجراء العملية الجراحية الدقيقة فى الجسد الدستورى والتشريعى المصرى.
ويتحتم علينا فى هذا الصدد الاعتراف بأن وجود القوات المسلحة فى الشارع المصرى خلال الأيام العصيبة لثورة 25 يناير ومسلكها كان وطنيا حكيما متصالحاً مع الشعب حريصا على إتاحة الفرصة كاملة لحرية التعبير وللتنفيس عن الاحتجاج والغضب طالما يكون ذلك بعيداً عن العنف والتدمير والترويع، الأمر الذى أفرز مشاعر دافئة بين الشعب والجيش لعله كان الدافع وراء انحياز شباب الثورة لتسليم مقاليد الأمور إلى القوات المسلحة عوضا عن قبول إنجازات الخميس 10فبراير وما انطوت عليه من خريطة طريق واضحة المعالم للإصلاح الدستورى والسياسى.
كما أن هناك من العلامات الإيجابية التى ينبغى تسجيلها لدرء مخاوف مفترق الطرق الذى نحن بصدده-هل نتجه إلى دولة مدنية أم عسكرية؟-فالبيانات الصادرة عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تحمل العديد من عناصر التزام المجلس بالأمانة المسلمة له فى تسيير شئون البلاد ريثما يتم إعداد المسرح السياسى لانتقال السلطة إلى دولة مدنية. فقد جاء فى البيانات المتعاقبة للمجلس التزامه إنهاء حالة الطوارئ فور استقرار الحالة الأمنية للبلاد وعودة الحياة إلى طبيعتها، وضمان إجراء التعديلات التشريعية اللازمة لتحقيق طموحات الشعب المصرى فى الإصلاح السياسى والتداول السلمى للسلطة مع ضمان إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة.
ولم يفتنى فى البيانات الصادرة عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أمران يبعثان على الارتياح ويدلان على أن مقدرات تسيير شئون البلاد تتولاها عقول حكيمة:الأول التعهد بالحفاظ على جميع المعاهدات الإقليمية والدولية التى تربط مصر بسائر دول العالم واحترامها، لما فى ذلك من ترسيخ لمركز مصر الاستراتيجى المهم فى علاقاتها
الدولية...والثانى يتعلق بالحرص على تقديم الشكر والتقدير للرئيس السابق حسنى مبارك على الخدمات الوطنية الجليلة التى قدمها لمصر عبر 62عاماً من الدور العسكرى والسياسى، لأنى فى هذا الخصوص أرى أن الرئيس مبارك له من رصيد الإنجازات ما يؤهله أن يستكمل حياته مكرماً فى بلده مصر، وذلك أشرف لمصر وللمصريين من دول أخرى تزهو بأنها طردت رؤساءها السابقين ليعيشوا خارجها...ذلك لا يستقيم مع حضارة مصر وأصالتها ووطنيتها.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :