فى مثل هذا اليوم.. اعفاء اللورد كرومر معتمد الاحتلال الانجليزى فى مصر بمناسبة جريمة دنشواى
سامح جميل
السبت ١ ابريل ٢٠١٧
فى مثل هذا اليوم 1 ابريل 1907..
كانت الحركة الوطنية المصرية بعد هزيمة الثورة العرابية عام 1882..التى اسفرت عن الاحتلال الانجليزى لمصر ؟؟تحتاج الى انتصار يعطيها الثقة فى نفسها،ويقربها من الامل فى الاستقلال الوطنى التى تناضل من اجله ،حتى جاء مثل هذا اليوم 1ابريل 1907 ..فشعر المصريين بانهم يحققون نصرا يقوده مصطفى كامل..
كان حدث النصر هو إجبار الحكومة البريطانية على اعفاء معتمدها فى مصر اللورد كرومر بسبب جريمة دنشواى "13 يونيو 1906"..والتى شهدت اعدام اربعة فلاحين وسجن 12 شخص اشغال شاقة وبعد محاكمة ظالمة تشكلت اثر مقتل ضابط انجليزى وجرح اخرين عند اصطيادهم الحمام فى قرية دنشواى بمحافظة المنوفية ..
استثمر مصطفى كامل كرمز للحركة الوطنية المصرية هذه الجريمة لفضح سياسة الاحتلال الانجليزى فى مصر ..وحسب عبد الرحمن الرافعى فى كتابه "مصطفى كامل باعث الحركة الوطنية "..دار المعارف القاهرة.."كان استعفاء اللورد كرومر انتصارا كبيرا للحركة الوطنية المصرية منذ تعيينه 1883 ..وبقى فيها الى سنة 1907 ..،اى انه ظل يشغل هذا المركز مدة اربعة وعشرين عاما كان خلالها الحاكم الفعلى المطلق فى مصر"..كما يضع "الرافعى"..هذه الاقالة فى سياق وطنى شامل قائلا :"كان الاحتلال قبل هذه الحادثة مطمئنا الى تثقة السواد الاعظم من المزارعين والاعيان فى عدله وانصافه"..
حتى ان اللورد كرومر كان يعتز بانه مؤيد من اصحاب "الجلاليب الزرقاء"..يقصد الفلاحين..ولكن حادثة دنشواى كشفت عن حقيقة نيات الاحتلال وهى انه لايرضيه من المصرى سوى الخضوع والاحتلال ولايرضى منه ان يشعر يوما بالعزة والكرامة واذا تحرك فيه هذا الشعور كان جزاؤه الظلم والتنكيل ..فالحادثة اذن قد حببت الاستقلال الى نفوس المصريين ..وجعلتهم يعتقدون انه لاكرامة للامة ولا لاى فرد منها الا فى ظل الاستقلال..
اما مصطفى كامل فتحدث عنها فى مقال له بعدد جريدة اللواء"12 ابريل 1907".."بعد" اقالة كرومر" قدم فيه خلاصة تاريخ كرومر فى مصر قائلا :"ماذا نذكر من سياسة اللورد كرومر وخطته فى مصر؟؟نذكر انه الضارب لعرش مصر الخديوية بيد من حديد ..نذكر انه الذى فتح السودان برجالنا واموالنا ثم جردنا من كل حق ..نذكر انه الذى سلب الحكومة المصرية والوزارة الاهلية كل وجود ونفوذوحياة..نذكر انه الذى حرم الفقراء من التعليم فى مدارس الحكومة ..وحارب اللغة العربية..نذكر انه الذى قرب اللذين يضحون باشرف العواطف لخدمة المطامع الذاتية ..نذكر انه الذى رمى المصريين بكل جهل وتقصير ..واعلن للملأ وجوب سيادة الانجليزى على المصرى ولو كان رئيس ذاك ..نذكر انه الذى عمل ما فى وسعه لمقاومة المطالب الوطنية وانكار كفاءة الامة واستعدادها لنيل الحقوق النيابية ..ونذكر انه الذى سعى لقتل العواطف الوطنية بالمال وظن ان الثروة وحدها كافية لارضاء وشراء ضمائر الشعوب..
صحيح ان اقالة لم تكن انهاء للاحتلال وبدت وكانها امتصاص للغضب الخارجى والداخلى من جريمة دنشواى ..غير انه انه يمكن اعتبارها جولة فتحت الافق امام جولات اخرى واكبت غضب الصريين وزادتهم اصرارا على مطلب الاستقلال ..
وحسب احمد شفيق باشا فى الجزء الثانى من مذكراته هيئة قصور الثقافة القاهرة .."بلغ الاستياء من سياسة الاحتلال غايته سواء فى ذلك الخديو والشعب المصرى وعرف الانجليز ان نفوذهم الذى عمل اللورد كرومر على تقويته وتدعيمه منذ تعيينه ممثلا لانجلترا خلفا للسير ادواردمالت سنو 1883 ..بدأ يتضاؤل ويضعف على يد كرومر نفسه بسبب اخطاؤه الاخيرة ولاسيما فيما يختص بحادثة دنشواى التى صدعت من هيبتهم فى نظر اوروبا كلها ..ولما احدثته هذه السياسة الغاشمة من رد الفعل وتقوية النزعة الوطنية وتنبه الافكار بين عامة الشعب عندئذ رأت انجلترا ان تضحى بفرد هو اللورد كرومر ..على ان تضحى بمصالحها العامة..فقررت تعيين السير الدون معتمدا بريطانيا خلفا له"..ووضعت سياسة جديدة تقوم على اجتذاب الخديو "عباس حلمى الثانى"..الى جانب انجلترا ..واستمالة الاحزاب الوطنية التى كانت تتمخض عن الظهور"..!!