الأقباط متحدون - من المسؤول عن مجزرة الموصل؟
  • ٠٩:٢٠
  • الاربعاء , ٢٩ مارس ٢٠١٧
English version

من المسؤول عن مجزرة الموصل؟

د. عبد الخالق حسين

مساحة رأي

٤٠: ٠٩ ص +02:00 EET

الاربعاء ٢٩ مارس ٢٠١٧

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

د. عبدالخالق حسين
كل الحروب كوارث، المبررة منها وغير المبررة، لأنها دائماً تؤدي إلى قتل الأبرياء في صفوف المدنيين، ولكن ما العمل إذا فُرِضت عليك حرب مصيرية من قبل عصابات متوحشة تهلك الحرث والنسل، وتغتصب الأرض والعرض، وتهدد القيم الحضارية، والسؤال هنا، أن تكون أو لا تكون؟ وفي هذا الخصوص يقول الشاعر والفيلسوف الكوبي خوسيه مارتي: "مجرم من يخوض حربا يمكن تفاديها، ومجرم من لا يخوض حربا لا يمكن تفاديها." وهذا ما فُرض على العراق عندما احتلت عصابات داعش ثلث مساحة البلاد بالتواطؤ مع قيادات سياسية مشاركة في السلطة، مهددة وجود شعب بأكمله، الأمر الذي دفع المرجع الديني الكبير آية الله السيستاني إلى إصدار فتوى الجهاد الكفائي، فاستجاب له الشعب بكل مكوناته، لمواجهة هذا الوحش، وإلا لكان ما كان من كوارث لا تبقي ولا تذر.

ومن كوارث حرب تحرير الموصل من شذاذ الآفاق، مجزرة وقعت يوم 17 آذار/مارس الجاري، راح ضحيتها ما بين 130 إلى 200 ضحية، معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ. وكانت التقارير الأولية قد أفادت أن هذه المجزرة حصلت بسبب قصف جوي من طائرة حربية أمريكية بناءً على طلب من القوات العراقية التي حددت الهدف على الأرض. وهذا الحادث الجلل لا شك أنه مثير للغضب و الحزن والأسى. وأصدرت الجهات الأمريكية والعراقية المسؤولة تصريحات بأنها ستحقق في الحادث.

ويوم الأحد المصادف 26/3/2017، أي بعد تسعة أيام من الحدث، أصدرت القوات العراقية تقريرها الذي نشرته وكالات الأنباء العالمية من بينها الـ(BBC)(1)، نفت فيه بأن غارة جوية شنتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة تسببت في مقتل عشرات المدنيين في غربي الموصل في السابع عشر من مارس/آذار. وقالت خلية الإعلام الحربي، التابعة لقيادة العمليات المشتركة في بيان إن "مقتل المدنيين كان على أيدي مسلحي تنظيم الدولة الذين استخدموهم دروعا بشرية في بنايات مفخخة ثم فجروهم". وأضاف التقرير: (وتفقد خبراء عسكريون عراقيون منزلا "يقال إن غارة جوية استهدفته، ووجدوا أن المنزل قد دُمر تماما، ولكن لا توجد أي علامة تشير إلى دماره نتيجة غارة جوية".

فالمعروف أن الغارة الجوية لا بد وأن تترك حفرة عميقة، بينما لم يجد الخبراء مثل هذه الحفرة، و استنتجوا أن هذا الدمار قد حصل نتيجة قيام الدواعش بزرع الألغام والمتفجرات في هذه الأماكن التي حجزوا فيها العشرات من السكان كدروع بشرية، وعند هزيمتهم فجروا الألغام ودمروا الأبنية على رؤوس المحتجزين، ليلقوا اللوم على القصف الجوي، والقوات العراقية لأغراض إعلامية، وإثارة الرأي العام ومشاعر الناس ضد القوات المشتركة. وهذه الدعاية الباطلة ليست لأول مرة تطلقها داعش وفلول البعث، بل في جميع الحالات، وحتى عندما يقتل منهم مسلحون، يرفعون عقيرتهم بالصراخ، ومعهم الإعلام العربي المضلل، أنه تم قتل المدنيين. فأين كان هؤلاء الذين يذرفون دموع التماسيح على المدنيين والمطالبون بالدفاع عنهم عندما كانوا تحت ظلم داعش، وتقتل الأبرياء وتهتك الأعراض، وهل كانت داعش توفر لهم العيش في رغد وامان وحرية؟ فالكل يعرف أن الدواعش لا يعيرون أي اهتمام لحياة البشر.(2)

وفي هذا الخصوص صرح السيد محمد إبراهيم رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى، يوم الاثنين27 آذار الجاري، "عن وجود جهات وشخصيات تحاول إيقاف عمليات تحرير الساحل الأيمن لمدينة الموصل، مبينا ان أصوات تلك الجهات تعلوا كلما اقتربت نهاية تنظيم داعش..." وأضاف:
"إن الحديث الذي يدور عن عمليات تدمير في أيمن الموصل هو كلام مبالغ فيه جداً، وداعش يحاول تشوية صورة الانتصارات من خلال استخدامه دروع بشرية من المدنيين"، مؤكدا ان "هناك جهات وشخصيات تحاول وتضغط من أجل إيقاف عمليات تحرير أيمن الموصل بسبب الانتهاكات، لغرض اعطاء داعش فرصة ليعيد ترتيب صفوفه من جديد لشن هجمات على القطعات العسكرية، خصوصا في المناطق المحررة".(3)

كذلك يعرف الجميع أن نحو 90% من الدواعش هم من فلول حزب البعث، وضباط في جيش الحرس الجمهوري في عهد صدام البائد، وهذا الحزب معروف بممارسة الكذب والفبركة والإفتراء. فبدون الكذب لا وجود لهذا الحزب أصلاً، وحتى مبادئه وشعاراته البراقة المعلنة مثل (الوحدة والحرية والإشتراكية)، التي خدع بها الشباب العربي من ذوي الميول القومية، عمل الحزب على الضد منها تماماً. وأخيراً وافق شن طبقة كما يقول المثل العربي، حيث تمَّ الاندماج التام بين البعث مع "داعش"، وفي هذه الحالة لا بد وأن يؤدي إلى المزيد من الكذب. فالدواعش الذين يقتلون الأبرياء، ويبررون سبي النساء واغتصابهن، وبيعهن في أسواق النخاسة في القرن الحادي والعشرين، ويجيزون نكاح الجهاد وهتك الأعراض، لا يبالون بقتل الأبرياء بعد أن يتخذوا منهم دروعاً بشرية، وهذا يوافق مبدأ ما يسمونه بـ(التمترس) الذي يجيز لهم اتخاذ الأبرياء دروعاً بشرية ليحموا أنفسهم من العدو، وقتل الأبرياء في سبيل قتل "الكفار". وقد مارسه صدام حسين في حرب الخليج الثانية التي حررت الكويت من احتلاله الغاشم.

والجدير بالذكر أن فلول البعث قد جن جنونهم يوم 26/3/2017، حيث أرسلوا مجموعة أخبار كاذبة تدعي نزول الأمريكان في البصرة وهبوط 2000 من المارينز في الناصرية، وأنها قامت فورا بإحتلال سجن الحوت، وطرد الحراس العراقيين. ثم نزول قوات أمريكية في الرطبة مع إنتشار كثيف لطائرات الهليكوبتر الأمريكية في الأنبار وتمشيطها لتأمين طريق عمان بغداد. ثم إنزال آخر في كركوك ودخول معسكر كيوان ....إلى آخره من الأكاذيب. وهذا يدل على يأسهم الكامل وهزيمتهم الحتمية. ويكفي البعثيين خزياً وعاراً أن حزبهم الذي أدعوا أنه حزب علماني وتقدمي، وإذا به يكشف عن وجهه الحقيقي فيتحول إلى داعشي وهابي يلعب دوراً إرهابياً لضرب الشعب. يعني كما يقول المثل العراقي: مستقبل التنكة كحف.
abdulkhaliq.hussein@btinternet.com 
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/

ـــــــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1- تقرير بي بي سي: القوات العراقية تنفي تسبب غارة للتحالف الدولي في مقتل مدنيين في الموصل
http://www.bbc.com/arabic/middleeast-39399963
 
2- “داعش” يقصف بالمدفعية جميع مناطق الاشتباك ويفخخ المنازل والمباني
http://www.akhbaar.org/home/2017/3/226106.html

3- مسؤول أمني يكشف عن جهات تريد إيقاف عمليات تحرير أيمن الموصل .. لهذه الأسباب
http://www.akhbaar.org/home/2017/3/226132.html

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد