مسيح واحد لا ثلاث ... يا حضرة القس !
نبيل المقدس
الجمعة ٢٤ مارس ٢٠١٧
نبيل المقدس
أحببت أقول لحضرة القس الذي تطوع شاكرا , لكي يصنع إنقساما بين شعب العقيدة الواحدة المسيحية , أن المسيح الذي نؤمن به كلنا حتي سيادتكم , هو من الناحية الناسوت وُلد في بيت لحم اليهودية , وعاش يهوديا , وإتعمد وهو يهودي , و تم القبض عليه ومحاكمته وصلبه وهو مايزال يهوديا , وتم قبره في مقبرة يهودية , وقام بعد ثلاثة أيام وهو يهودي , وظهر للمجدلية وباقي الرسل وهو يهودي .. وصعد إلي السماء وهو يهودي بعد ما أوصي تلاميذه اليهود بالكرازة لجميع الأمم .
إنتظرت بيانا من المؤسسة الأرثوذكسية فيه إعتذار محبة عن ما صدر من أحد رعاتها الأجلاء الذي تجرأ علي الرب وأعلن أن هناك مسيحان علي إعتبار أن طائفته تؤمن بالمسيح الحق , أما الملل الأخري فلهم مسيح آخر .. ولم يكتفي سيادته بإختراع مسحاء متباينة , بل أضاف أن الكتاب المقدس الذي تؤمن به ملته يختلف تماما عما تستخدمه باقي الملل . كنت لا أحبذ أن أكتب في هذا الموضوع .. لكن ما جعلني أنوه عنه , هو هذا الصمت الذي أخذته القيادات الأرثوذكسية عن هذا الحديث الذي صدر من هذا الراعي .. وطالما أن القيادات الأرثوذكسية لم تصدر بيانا صريحا حتي الأن , لكي تتفادي إنقساما بين شعب المسيح الواحد , لذا نحن الطائفة الإنجيلية نعتبر أن أعلي قيادة أرثوذكسية توافق علي تصريحات هذا الراعي ... وهنا الخطورة !
ملحوظة : مع الإعتبار أنني أتكلم عن نفسي فقط كعضو في الكنيسة الإنجيلية أبا عن جد.
من إنجيلنا يسجل لنا يوحنا الحبيب (17 : 20 – 21) صلاة يسوع قبل ذهابه إلي الصليب لكي يتم عمل الفداء "
وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هؤُلاَءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكَلاَمِهِمْ، يَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي."
من هذه الأيات نعرف أن طِلبة يسوع من الآب لأجل الكنيسة ( جماعة المؤمنين) بأن تكون "واحدة فيه" , كما أنه هو والآب واحد . لكن الكثير من المسيحيين لم يفهموا نوعية هذه الوحدة .. فقد فهموها علي أساس أنها وحدة تنظيم أو وحدة نظام كنسي معين .. بل هي وحدة صلة وعلاقة ذاتية , فالوحدة بين يسوع والآب مظهرها الحب والطاعة .. هكذا فإن الوحدة التي ينشدها المسيح لكنيسته " جماعة المؤمنين " هي رباط المحبة والتضامن .
الوحدة التي كان الرب يعنيها هي إرتباط القلب بالقلب .. فهي لا تعني علي الإطلاق , الإنضواء تحت رئاسة هيئة معينة , أو طائفة خاصة , أو مذهب له صفته المميزة .. لكنها تعني الإلتفاف حول صليب المحبة .. وحدة فيها يحب أحدنا الأخر حتي إن كنا نحتفظ بطابعنا الخاص , كذلك لا تعني عبادة الله بطقوس واحدة معينة , وبفكر واحد مرتب , وبعقيدة واحدة ثابتة . هذه الوحدة لا تعني أيضا أن تكون أماكن عبادتنا علي نمط واحد .. أو نجتمع في مكان واحد .. لكن المقصود من الوحدة أن تتخطي كل هذه الشكليات , وتسمو علي هذه التباينات والفروق في روح المحبة المتبادلة.
نحن نري أن تحقيق هذه الوحدة التي ينشدها الرب في عصرنا الحاضر تتعثر وتصاب بصدمة كبيرة , لأن كل واحد يحب عقيدته , ويحب تقاليدها , ويحب مفهومه الخاص لكلمة الله أكثر من محبتهِ لأخيه. فإن كنا فعلا نحب لعضنا البعض كما نحب مسيحنا , فإننا لن نغلق الباب في وجه فرد من طائفة أخري .. المحبة هي التي تحطم الحواجز التي اقامتها الطائفية , لخدمة هيئات المحترفين للدين , وإكتناز مخازنهم , وإمتلاء بطونهم , وإثرائهم علي حساب أشلاء جسد المسيح .
من المؤسف , أن رؤساء الطوائف يبذلون أقصي ما في وسعهم ليقيموا أمام العالم واجهة متنافرة منقسمة , تعطي العالم فكرة رديئة عن المسيح , وعن المسيحية , بدلا من بناء قائم علي شريعة المسيحية والتي تتركز في المحبة , ويقدمون رسالة المسيح واضحة أمام غير المؤمنين .. فعلا علي الرؤساء يقع كل العبء .
بعد تصريحات هذا القس وتجريحه للطائفة الأخري في عدم قانونية كتابها المقدس , وتشكيكه في حقيقة مسيحها .. أخذت أتتبع الميديا أملاً أن اقرأ خبرا يقول فيه " إجتماع عاجل لرؤساء مجالس الكنائس الثلاثة" .. لكن إنتظاري هذا بات بالفشل .. فكان التجاهل والصمت هو عنوانهم .. فهم ليس علي مستوي المسئولية .. لذلك أطالب بإلغاء رؤسائها الدينيين وتعيين رؤساء مدنيين .. فهذه المؤسسة لا تعمل برجال دين .. لكنها تعمل برجال مدنيين .
وأخيرا كلمة أوجهها لهذا القس المغوار أن المسيح لم يأتي لنا بديانة , لأن الديانة قابلة للتقسيم , ولم يأتي لنا بشرائع يتوه فيها المؤمنون بفتاوي تؤدي إلي تشرزم المسيحية .. بل هو أتي لكي يعطينا حياة افضل جديدة , حياته هذه غير قابلة للتقسيم ,فحياة المسيح واحدة لجميع , وأعطانا وصية واحدة وهي وصية الحب التي تبني عليها شريعتك .. فمباديء الحب العفيف واحدة لا تتجزأ ولا تتنوع .
يقولَ يَسُوعُ لهؤلاء الذين يشقون جسده " يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ .....!!!
الإعتذار واجب :
اعتذر لجميع اصدقائي الأرثوذكس .. فانا كتبت هذا لست قاصدا سوءً .. بل هو إحدي أجراس الخطر التي يطلقوها الكثيرون من المسيحيين بتفادي التشرد .. فنحن نواجه نوعا من انواع الطائفية والتي يصوبها إلينا هؤلاء السلفيين .. هذه المواجهة تحتاج إلي ان نتماسك بعضنا ببعض , وان نتعاون مع الدولة في محاربة هؤلاء الذين يريدون هدم مصر بأقباطها المسيحيين والمسلمين ,
كما اشكر اخوتي الأرثوذكس الذين رفضوا ما تفوه به هذا القس ... وكل ما لدينا ان نرفع ايادينا إلي السما لحماية مصر والمصريين , وان تظل الوحدة قائمة إلي الأبد ...!!!