جديد الموقع
الأكثر قراءة
الثورات تنطلق من ميدان "التحرير" الواحدة تلو الأخرى
كتبت: ميرفت عياد
أيها الواقفون على حافة المذبحة
اشهروا أسلحتكم
سقط الموت وانفرط القلب كالمسبحة
والدم انساب فوق الوشاح
المنازل أضرحة.. والزنازن أضرحة
والمدى أضرحة.. فارفعوا الأسلحة
واتبعوني
.......
دقت الساعة القاسية
كان مذياع مقهى يذيع أحاديثه البالية عن دعاة الشغب وهم يستديرون يشتعلون – على الكعكة الحجرية – حول النصب شمعدان غضب يتوهج في الليل والصوت يكتسح العتمة الباقية يتغنى لليلة ميلاد "مصر" الجديدة
هذا جزء من قصيدة الكعكة الحجرية التي كتبها الشاعر الكبير "أمل دنقل"
عام 1972، والتي يرمز اسمها إلى ميدان "التحرير"، حيث استلهم الشاعر معانيها من مظاهرات الطلبة التي قامت في ميدان "التحرير" تطالب بتحرير أراضي "سيناء" الغالية من العدو الإسرائيلي.. وهي بهذا تعد إحدى قصائد الرفض السياسي التي وُجِّهت إلى سياسات الرئيس "أنور السادات".
أراضي زراعية تتحوَّل إلى حي راقٍ
يُعد ميدان "التحرير" من أكبر ميادين "القاهرة"، وقد كان في الماضي أرضًا زراعية مترامية الأطراف يمتلكها الخديوي "إسماعيل" الذي أراد أن يحوِّلها إلى حي راقٍ؛ لهذا استعان بالمهندس الفرنسي "باريل دي شامب" ليقوم بتخطيط الأرض وتقسيمها إلى شوارع يتوسطها ميدان عُرف باسم "ميدان الإسماعيلية"
نسبة إلى الخديوي "إسماعيل" الذي قام أيضًا بإنشاء كوبري "قصر النيل"
بأسديه المشهورين والرابضين في شموخ، ليصل ما بين غرب وشرق مدينة "القاهرة". ولهذا الميدان في التاريخ قصص وحكايات كثيرة، حيث هُدم القصر الموجود هناك والمطل على النيل، وتحوَّل إلى ثكنات للجيش المصري، ومن هناك انطلقت ثورة "عرابي" عام 1882 ضد القصر، الأمر الذي أثار الإنجليز وجعلهم يحوِّلونها إلى ثكنات عسكرية خاصة بهم فور إحتلالهم لـ"مصر"، وبعد جلاء الاستعمار عن "مصر" تم هدمها وبناء مقر الجامعة العربية الحالي.
"ميدان الإسماعيلية" أم "ميدان التحرير"؟
وشهد هذا الميدان العديد من المظاهرات والثورات؛ منها ثورة 1919 التي نادت بالتحرُّر من الاستعمار، ولهذا تغيَّر اسم الميدان من "ميدان الإسماعيلية" إلى "ميدان التحرير"، وظلَّت المظاهرات تشتعل في هذا الميدان عبر مراحل التاريخ، حيث أُقيمت مظاهرات لإلغاء معاهدة 1936، وبالرغم من خروج المظاهرات في هذا الميدان لتؤيد ثورة 23 يوليو 1952، إلا أن قيادة الثورة أصدرت قرارها بمنع قيام أي مظاهرات في هذا الميدان الحيوي الذي يمثِّل قلب العاصمة، ورغم هذا لم يستطع أحد أن يعوق تجمُّع أفراد الشعب في هذا الميدان، الأمر الذي أدَّى إلى اشتعال مظاهرات الطلبة بعد نكسة 1967، والتي طالبت المسئولين بمعرفة الأسباب الحقيقية التي تكمن وراء تلك النكسة التي أحنت الهامات وأدمت القلب المصري، مطالبين بتحرير سيناء ورد كرامة الشعب المصري ورفع راية الحرية خفاقة. وعندما تحقَّق الحلم وجاء نصر أكتوبر العظيم، اجتمع عديد من أفراد الشعب المصري في "ميدان التحرير" للاحتفال بالنصر الذي انتظروه طويلاً، كما قامت بالميدان مظاهرات عديدة لدعم الانتفاضة الفلسطينية، وأخيرًا جاءت مظاهرات شباب 25 يناير التي سلَّطت الضوء بقوة على ميدان "التحرير" ليصبح أشهر ميادين العالم، وبهذا ظل "ميدان التحرير" عبر التاريخ يستضيف في رحابه جموع المتظاهرين الذين يبحثون عن الحرية والعدالة والكرامة، وعودة الحقوق المسلوبة. ومن هنا أصبح "ميدان التحرير" رمزًا لحرية الشعوب وصمودها ضد جميع قوى الظلم والاستغلال.
كنيسة "قصر الدوبارة".. وجامع "عمر مكرم"
تكمن أهمية "ميدان التحرير" في أن موقعه يشابه قرص الشمس، حيث تتفرَّع منه العديد من الشوارع الحيوية التي يقع بها العديد من المؤسسات والهيئات والبنايات الهامة، مثل البنوك، والمراكز التجارية، والوزارات، ومجلسي الشعب والشورى، ووكالة أنباء الشرق الأوسط. ويضم الميدان أيضًا المتحف المصري الذي يُعد أهم المتاحف في منطقة الشرق الأوسط، لما يحتويه من مجموعة كبيرة وفريدة من آثار "مصر" القديمة، كما أُنشئت به الجامعة الأمريكية عام 1919، وهي تقدِّم التعليم باللغة الإنجليزية، ومن خلالها يتم عمل العديد من الأبحاث العلمية والدراسات التي تهدف إلى ربط الشرق بالغرب، ومجمع المصالح الحكومية المعروف بـ"مجمع التحرير" وهو رمز للبيروقراطية. هذا إلى جانب العديد من الأبنية الهامة الأخرى، منها جامعة الدول العربية، تلك المنظمة التي تضم العديد من الدول العربية سواء في الشرق الأوسط أو أفريقيا، وتهدف إلى إقامة علاقات اقتصادية واجتماعية وثقافية بين الدول الأعضاء، وجامع "عمر مكرم" الشهير الذي تخرج منه جنازات المشاهير، هذا بالإضافة إلى وجود الكنيسة الإنجيلية التي تُعرف بـ"قصر الدوبارة".
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :