أمي وأم أبنائي رحلتا .. وبقيت أمي الوطن قائمة .. !!
نبيل المقدس
٤٦:
٠٩
ص +02:00 EET
الأحد ١٩ مارس ٢٠١٧
بقلم : نبيل المقدس
إقترب ميعاد عيد الأم .. لم أجد أما أو زوجة أحتفل بهما فقد رحلتا .. وبقيت مصر أمي ... وليّ الفخر ... وسوف تظلي أما لأبنائي و أحفادي وأحفاد أحفادي حتي نهاية الدهر ... كما كنتِ أم أبي وأمي وأجدادي وأسلافي منذ أول العمر ... حيث رحل إليك " مصرايم " إبن حام بن نوح تكوين 10: 6. فأصبحت محط أنظار الشعوب والأمم في ذلك الوقت حتي وقتنا هذا ... لجمال موقعك ... وخصوبة طميّ أرضك الأسمر ... وعذب مياه نيلك الأسمر ... وشموخ جبلك المقطم الأكبر ... ولون بشرة أبنائك وبناتك السُمر ... وعرق رجالك وهم يعملون في البر والبحر ... وزوجاتهم وهن يحلبن اللبن الأبيض الصابح ... كما يحسدونك لأنك أول دولة منذ التاريخ القديم إحتوائك جميع الأديان الأممية والسماوية فأصبحت أول دولة منذ القدم عرفتي بالفترة أن هناك إله هو مالك هذا الكون.
واجهتي غزوات من الشرق والغرب والشمال والجنوب لكي يشاركونك خيرك أو ربما لكي ينهبوا ثمرك .. قاومت كثيرا .. وبقدر ما أخذوا منك من علوم فلكية وفنون أخذت أيضا منهم ما توصلوا اليه من علوم وفنون .. لذلك أصبحت أول ام في الشرق الأوسط تمارس الأخذ والعطاء .. فأصبحتِ تشاركين العالم في الترتيب الدولي السياسي .. فبخبرتك الطويلة يا أمي مع الزمن كنت من أوائل المشاركة في جميع الهيئات الدولية , ويا ما أخذت مراكز الأولي في القيادة والريادة.. علمتي يا أمي أمما وتعلمتِ منهم أيضا الكثير. أصبحتِ يا مصــر يُضرب بك المثل الأعلي في الشرف والحضارة .. كنتِ تناطحين كبار الأمم وتجلسين معهم حول مائدة المفاوضات لحل مشاكل دول أخري.
إستحقيتِ لقب أم الدنيـــــــــا .. يا ما ضحيت بأبنائك من أجل الدفاع عن بلدان تم إغتصابها من مستعمرين وغزاة متوحشين. كم من مساعدات أرسلتيها لدول أفريقية لكي تعيش وترقي وتتحرر... جعلتي أبواب مدارسك وجامعاتك مفتوحة لبلدان أخري متخلفة لكي ينهلوا منك أصول الفنون وعلوم الفلك .. انت الوحيدة يا مصر التي حافظتي علي وجود وثبات الأديان .. فقد إلتجأ اليكي سيدنا ابراهيم وزوجته سارة وأكرمتيهما .. قـُمتي بتربية النبي موسي علي أرضك فتعلم حكمة المصريين وأحاديثهم وفكرهم .. دخلها يسوع وقضي طفولته علي أرضك بسلام وباركها .. وقبلت الإسلام برحابة صدر وبحسن نية. انت لكِ هوية مختلفة عن شعوب بلدان حولك .. فأنت منارة العالم برا وجوا وبحرا .
لم تري في حياتك أحد من أبنائك غدر بكِ , أو كون تحالفات ذات هوية تعاكس هويتك وبدأ يفرض هويته علي ابنائك بالقتل والسحل وقطع الرؤوس .. كنتِ بعيدة تماما عن هذا الخطر لذلك كنا نسعد جميعنـــا في أن نقدم لكي كل الحب والولاء والوفاء والعرفان بالجميل في يوم الربيع ... فأبنائك القدماء هم أصحاب هذا اليوم , وابنائك اليوم هم اصحاب فكرة إلحاق يوم الأم بيوم الربيع لكي نقدم لكي أعظم وأحلي وردة لكي يا مصر يا أم الدنيـــا.
لا نستطيع أن نتحمل أو نسكت لو أحدا من خارج البلاد يسيء أليكِ بكلمة , أو يحاول أن يتطاول عليكِ إما بالكلام أو بالإحتلال. لكن واضح من طيبتك وطهارة قلبك وبياض قلوب ابنائك ... تهاونتي مع بعض الأبناء الشواذ من داخل حدودك و الذين إنفصلوا عن هويتنا .. أعطيتي لهم الفرصة مرة واثنين وثلاثة علي عشم أنهم سوف يرجعون إلي هويتهم الأصلية .. لكن كان الشيطان اقوي .. وأخذهم مننا في صورة عشيرة أخري لها هوية لا تنسجم مع هويتنا.
وتدور الأيام والسنوات يا أمي ونحن نحتمي ونتلذذ في أحضان فرحك وسلامك .. لكن القدر لم يجعلك تداومي علي هذا الحب .. لأن الشيطان يكره أن تعيشي في هذا الجو الصافي .. و قلب تاريخك العميق إلي حكايات تخلفية تافهة إرهابية نابعة من ثقافة عشيرة سلفية رجعية ... ثقي تماما يا أمنا مصر أن أبنائك الأصليين ليست لديهم يد في هذه المسخرة .. بل هؤلاء الشياطين الذين اتخذوا من ديانتهم الغريبة عن الكل ستارا وسندا بما فعلوه ويفعلونه حتي الآن ... هم المسئولون عن هذه الفوضي والألم والأنين التي تشعرين به الآن. .
يريدون النيل منك ... و تقطيعك إلي دويلات بعدما كنت في الأصل كيان يشمل اراضي من أقصي الجنوب والشرق والغرب. لكن ما أعظمك يا امنا مصـــر لم ولن تقبلي أن يغيروا هويتك وأصلك . وأنا اناشد أبنائك أن يتكاتفوا ويتشابكوا في صد أي هجوم علي هويتك وعلي اصولك التاريخية ... كما نوعدك يا مصر يا أم الدنيا سوف نرد بدل الصاع صاعين لكل فرد أو حركة تلقي عليك الإتهامات والسب أو تفكر لمجرد التفكير في تغيير تاريخك العظيم الشريف.
ملعون كل من يزدري بكِ أو يهينك ,فلكي بدل الأبن أبناء يستردون حقك من هؤلاء الملاعين ... وغلاوة دم شهداء أبنائك سوف نهدي لهم ولكي وردة الحب الصافي في كل عيد أم آتي .
وكل سنة وانت طيبة يا ست ستات الدنيا , يا مصــــر يا أم الدنيا ....!