الأقباط متحدون - إنها معجزة
أخر تحديث ٠٠:٤٨ | السبت ١٢ فبراير ٢٠١١ | ٥ أمشير ١٧٢٧ ش | العدد ٢٣٠٢ السنة السادسة
إغلاق تصغير

إنها معجزة


بقلم: جرجس ميخائيل
خرج لتوه من عند الطبيب مصدوما، فجسده الرض ينهش فيه المرض الخبيث، نعم إنه السرطان الذى طالما سمع عنه، ولم يتوقع يوما أنه سيكون بائسا مثل غيره ممن إبتلوا به...تذكر ايام صباه و أحلامه عن الحب و الزواج و العمل ها قد أصبح كهلا بسبب المرض رغم ان سنوات عمره لم تتعدى الرابعة و العشرون.
ماذاسيفعل؟ توارت الإجابات عن عقله...لاحل...تذكر قول الطبيب نحن نحتاج معجزة!!! و أى معجزة هذه فى هذا الزمن القاسى الذى ندرت فيه المعجزات ..لقد تيبس كل شىء .. إنه زمن الجمود، زمن الجحود و التدنى الأخلاقى..زمن تجمدت فيه المشاعر و ندرت احلام الشباب ، فلم يرى شيئا جديدا منذ فترة ، يتصفح الصحف اليوميه فيجدها سخيفة، ليس فيها شيئا جديدا يعطيه الأمل نفس الوجوه .. نفس المقولات الرنانة....لكن لايوجد فيها شيئا جديدا يخرجه من هذا الملل المريع، فقد كان يبحث عن أمل ... او اى بصيص من الضوء، فالناس قد فقدت القدرة على التعبير و الحلم... حتى عندما زار معرضا فنيا فى طريق عودته من الطبيب، وجد لوحاته متشابهه ممسوخة و كأن الفنان قصد أن يصدمه.
وصل إلى بيته و أخذ ينظر للأوراق الطبية ، تأكد أنه هالك لامحالة فهى كشهادة وفاته، غير ان صدى كلمات الطبيب أخذت ترن فى اذنيه \"نحن نحتاج معجزة\" نظر من الشرفة التى تطل على احد الميادين الواسعة يتأمل كيف تحدث المعجزة، احس بالقنوط فلا شىء يتغير من حوله مازال العمال يعملون فى هذا الموقع من الميدان لسنوات لدرجة انه نسى ماهو أصلا هذا المشروع الذى لا يتنتهى، حتى العربات المكدسة و سيارات النقل العام مازالت تنفث دخانها الاسود لتحيل يومه ونسماته الى بركان من القرف و الغضب، قرر أن ينام لكن صوتا ما أثاره، انه صوت يعلو شيئا فشيئا، رجع مره اخرى لشرفته، ليتعرف على الأمر ...
بدا الأمر أكثر وضوحا، آلاف من الحناجر تهدر، لم يسمع فى بادىء الأمر ماذا يقولون؟ نزل الى الشارع، إنها اشبه بالثورة، لا إنها فعلا ثورة تطالب بالتغيير..تغيير ماذا!! تغيير كل شىء، ... الألاف اصبحوا فجأة مئات الآلاف يطلبون بتغير الجمود، أحس بأنها المعجزة التى تحدث عنها الطبيب، نعم أنها لمعجزة....من أين اتى كل هؤلاء؟ إنضم إليهم و صرخ معهم، سلمية سلمية ، نريد تغيير، تغيير النظام، تغيير كل الوجوه العكرة التى أطلت علينا لعقود، كرهتها انفسنا و لم نصدقها يوما، نعم التغيير... فرح بالفكرة. لكنه لم يشاهدهم و هم يجرون خلف الجموع الغفيرة ....وحوش سوداء تتربص بهم...خرجت لكى تقتل و تذبح... تحمل العصى و القنابل، و الرصاص المطاطى، و الرصاص الحى، لم يحس بكل هذا لم يشعر سوى بنشوى و فرحة عامرة تسرى كالقشعريرة فى جسده المريض، احس انه شفى، صرخ أكثر و أكثر، سلمية سلمية، لكن طالته من وسط الزحام رصاصة إستقرت فى صدره كأرفع وسام، سقط، تخضبت الأرض بدماؤه. سرعان ماإلتف حوله الجميع ...تعرف على طبيبه وسطهم، قال له قبل ان يلفظ أنفاسه، معجزة... إنها معجزة , اغمض عينيه مبتسما.


More Delicious Digg Email This
Facebook Google My Space Twitter
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع