الأقباط متحدون - الإنكار يعقد المشاكل والتبرير يضعف النظام
  • ٠١:٤٥
  • الاثنين , ٦ مارس ٢٠١٧
English version

الإنكار يعقد المشاكل والتبرير يضعف النظام

سليمان شفيق

حالة

١٠: ٠٩ ص +02:00 EET

الاثنين ٦ مارس ٢٠١٧

أقباط العريش
أقباط العريش

سليمان شفيق
خرج علينا بعض وسائل الاعلام ، ثم قداسة البابا تواضروس الثاني قائلا:" «تعبير تهجير الذي شاع في الإعلام هذا تعبير مرفوض تمامًا"

لن نجادل في ان ما يحدث في العريش قضية أمن قومي ، وان الوطن مستهدف قبل الاقباط ، وبالتأكيد ما حدث للاقباط مرتبط بتضييق الخناق علي الارهابيين في جبل الحلال ،وبالطبع الخوف علي الدولة شعور بديهي لاي وطني ، ولكن انكار الحقائق اكبرخطر علي الدولة والامن القومي ، ولن نختلف علي المصطلح (نزوح ان كان او تهجير او فرار) وفي كل الحالات تم ذلك لسببين :

الاول :الخوف علي الحياة وتعرضهم للخطر، والثاني ان المسئولين عن توفير لهم الحماية الكافية لم يفعلوا ذلك ..فأ ضطروا الي ترك كل ممتلكاتهم واغلب امتعتهم وهربوا الي الاسماعيلية .

القضية بالطبع لها وجه "طائفي" بلا شك ..ولكنها قضية أمن قومي بالاساس ،وسبق للكاتب ان نشر خمسة مقالات منذ اغسطس 2011 وحتي الان "ولا حياة لمن تكتب"، لان الجرائم المتعاقبة من الإرهابيين في سيناء لن تتوقف رغم القدرات القتالية لقواتنا المسلحة المجيدة ..ما لم تحل مشاكل سيناء جذريا،  لان عدم حل تلك المشاكل جعل من شمال سيناء "بيئة حاضنة"

مشاكل سيناء نشأت منذ تأسيس محمد على لمحافظة العريش 1810 واندلاع أول تمرد سيناوى 1831 ضد سياسة محمد على التي لم تعترف بحقوق أهل سيناء في تملك الأراضي، وحتى 1950 تمرد أهل سيناء على حكم الأسرة العلوية 14 مرة، أى مرة كل 8 سنوات، وفى ثورة يوليو تحمل أهالى سيناء ثلث الخسائر المادية والبشرية التى تحملها المصريون فى حروبهم مع إسرائيل (1956 - 1967 - 1973)، وبعد انتصار 1973 أجهضت محاولات التنمية بتدخلات أمريكية إسرائيلية بشهادة شارون (هاآرتس 14/5/1998).   وفى عصر الرئيس السابق مبارك تجدد التمرد من 2006 حتى 2010، بلغت محاولات التمرد 60 عملية، أى عملية كل شهر.

وفي عهد الرئيس الجاسوس مرسي تم تمكين جماعات الارهاب من بعض اماكن شمال سيناء ، وبعد خلع مرسي ومن خلال منبر رابعة اعلن الارهابي البلتاجي:" الشباب سيستمرون في ثورتهم حتى يعود الرئيس وتعود الشرعية ، وان ما يحدث في سيناء لن يتوقف إلى ان يعود مرسي"، في دلالة واضحة علي ابعاد المخطط ، أضافة الي المؤامرات الحمساوية ، ودور مخابرات اكثر من دولة مثل قطر وتركيا وبعض الدول الاوربية .

كنا ولانزال ضد اي محاولة لتصدير تلك المشاكل الي الخارج كما يريد بعض "الموتورين" ، وقليلي الخبرة ، ولكن عدم ارشاد أولي الامر بالثغرات التي يمر منها الارهابيين تواطئ يرقي الي حد التخريب ، وعلي سبيل المثال لابد من معرفة الاسباب الحقيقة وراء عدم شعور المواطنين المصريين بالامان واندفاعهم نحو الاسماعيلية ؟

على الجانب الاخر كتبت عشرات الدراسات والمقالات محذرا من أن هناك قوى داخليه وخارجية تعمل بقوة من اجل اشعال "الفتن الطائفية" فى الصعيد وخاصة فى المنيا ،ورأينا فى ليله 6 يناير ذهب السيسى الى الكاتدرائية

للعام الثالث على التوالى يقدم الرئيس عبدالفتاح السيسى المثال والقدوة فى المواطنة والتسامح الدينى ،ويزور الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لتقديم التهنئة للمواطنين المصريين الأقباط، وهذا العام لم يتوقف الأمر على ذلك ، بل وعد ببناء كاتدرائية جديدة بالقاهرة الجديدة فى توأمة مع مسجد، وتبرع للاثنين بمائة ألف جنيه مناصفة. لا يستطيع أحد أن يزايد على تلك الخطوة التقدمية التى تحولت إلى تقليد وطنى وكنسى لما تحمله من دلالة، ولكن في نفس التوقيت كان الامن في المنيا لا يسمح لاقباط قرية الاسماعيلية بالصلاة في الكنيسة المغلقة بقرار أمني منذ عصر مبارك ، مما اضطرهم للصلاة في خيمة !!

ووسط قيام الدولة بمحاولة رأب الصدع وتجييش كل اجهزتها لتوفير ما تستطيع من سبل الرحة للاقباط الذين ارغموا من الارهابيين علي الهجرة الي الاسماعيلية ،  وفي توقيت حرج، منعت قوات الأمن المصلين الأقباط صباح اليوم الأحد 5 مارس 2017. من صلاة القداس الالهي، في قرية "نزلة النخل" التابعة لمركز أبوقرقاص بالمنيا، بحجة الخوف عليهم من هجمات محتملة من بعض المتطرفين بالقرية، وأحاط الأمن بكنيسة مار مينا من كل جهة، وتم منع الأهالي والذين تجمعوا منذ الخامسة صباحاً وتركهم في الشارع في البرد القارس، وكانت الشعائر الدينية قد بدأت في الكنيسة منذ ستة أشهر.. رغم ان اشقائهم المسلمين بالقرية حموهم لأكثر من ستة شهور ، مما اضطرهم للصلاة في منزل في حماية اهل القرية .. بعد اقتراح من الاسقف العام للمنيا نيافة الانبا مكاريوس وتدخل أجهزة سيادية اخري ، نحن نقدر تضحيات الامن والشرطة ولكن لماذا لم تطبق القانون وتلقي القبض علي من تراهم يهددون الكنيسة ؟ ولماذا تمت الصلاة بعد ذلك دون ظهور لهؤلاء المتشددين ؟

اننا امام منهجين متناقضين : منهج رئاسي متسامح ومنهج أمني منياوي لايتفهم خطورة منع الاقباط من الصلاة في ذلك التوقيت ؟!!

ويبقي السؤال : متي يقتدي بعض المسئولين الامنيين بالمنيا بالرئيس ؟