أحد التجربة: شهود عند جبل الموت
أوليفر
١٤:
٠٩
ص +02:00 EET
الأحد ٥ مارس ٢٠١٧
أحد التجربة: شهود عند جبل الموت
Oliver كتبها
حين تتبع المسيح تستطيع معه و به أن ترى الزمان حتي لو مضى أو لو لم يأت بعد. مع المسيح لا يوجد للزمان وجود أو حدود أو سلطان. يصبح الزمان كالريح في يد المسيح يحركها في اي إتجاه كيفما شاء له المجد.
تستطيع أن تتبعه حين تجسد على الأرض.تراه يصنع المعجزات قدامك.ترى كل شيء بنفس أحداثه.ليس لكي تدون إنجيلاً جديداً لكن لكي يكون إنجيله لك إنجيلاً حياً عاينته بنفسك بل أتجرأ و أقول شاركت في أحداثه.حين تعجبت مع المندهشين و سبحت مع الذين مجدوه و أيضا شككت مع المتشككين ثم تقابلت ضمن من قابلوه فأعاد إيمانك. قد ترى صوتك عالياً يقول أوصنا الملك الآت بإسم الرب وقد ترى نفسك حينها تهتف أصلبه؟ قد تذهب مع المريمات و الظلام باق أو تذهب وحدك فتجد القبر فارغاً.ثم يناديك بإسمك أنه ليس في القبر بل قد قام.فتعال لنعيش هذه الحادثة المهيبة.
لقد خرج السيد من الماء و فوق رأسه حمامة منيرة.الإبن هنا.الروح القدس هنا.الآب هنا.هنا الثالوث معلن.فلمن أعلنه إلا لنا.فإن قلت إنني عاينته فلست أختلف مع كل من قابلوه.فكلهم أيضاً عاينوه و آمنوا فتبعوه.و الآن أتبعه .يخطو نحو الجبل بعيداً عن زحام نهر الأردن. هو ينظرني خلفه.فيفرد جناحيه حماية لي و لكل تابعيه.نتخطى الحجارة التى تملأ السهل بين طريق الأردن و الإتجاه نحو الجبل الصخرى
حيث لا يوجد طريق بديل يمكن أن نسلكه .جبل قرنطل حبل التجربة هو شديد الإنحدار لكن يدا غير مجهولة عندنا تمسك بنا لنصعد دون أن ننزلق و درساً عظيماً في إنتظارنا.كلما صعدنا خلفه كلما بدت أريحا من الناحية الأخري و صغر في أعيننا نهر الأردن.و معه تصغر معمودية الماء و تكبر معمودية الروح.ألعلنا ذاهبون إلي معمودية أخرى؟؟ من يدري؟ كنا خلفه غير مرئيين أو غير موجودين أو موجودين فيه وحده و له وحده مرئيين لا يهم الأوصاف لكننا كنا هناك.
1 – جلسنا أياماً لا أدرى .شهورا لا أدرى.لكننا لم نر المسيح يأكل أو يشرب أيامها.و من اين الطعام و الشراب هنا.فهذا الجبل للموت فقط.لقد صعد بنا المسيح لجبل الموت.لكننا لم نشعر معه إلا بالحياة و الإنتعاش و القوة.
بدأ العرق يتصبب من وجنة الأبرع جمالاً من بنى البشر.فغطى وجهه عرقاً.لا شيء هنا يحمى من شمس أريحا أو رطوبة الأردن.صوت حفيف كالأفعي.صوت زئير كالأسد.صوت جوارح كثيرة.كطنين الدبابير.ظلام يأتي من أحد أركان العالم.ظلام يصعد من شقوق الصخور.ألمح الثبات في عيني مخلصنا كمن لم يتفاجئ بشيء.مرت لحظات أو ساعات أو أيام لا ندري الزمن هنا لكن بعدها رأينا أقبح كائن قدام أبرع كائن جمالاً.كان جماله يتألق أكثر فأكثر,صوته فيه نفس السلام.نفس الهدوء.لغته لم تتغير قدام الوحش غير المستتر.كان يدور حوله كالتنين.و كان المسيح يتجاهله.كان الوحش يفكر و كان المسيح كاشف لكل شيء فلا حاجة له في أن يرتب ردوداً.كنا نظن أن الوحش يهاجم الفريسة لكننا علمنا أن المسيح بصعوده بنا إلى الجبل تعمد أن يهاجم الوحش .لقد كان يعرف كل شيء.لقد ترك عرقه يتصبب لكي يظهر كمن خارت قواه.مما أوحى للوحش أن يخرج من مخبئه القديم.لكن شيئاً لم يتغير في المسيح.هو بجماله و نعمته و سلامه و قوته.لكن كل هذه أخفاها تحت قطرات العرق و لهثات النفس بتأثير جفاف جبل الموت.
2- رأيت الوحش يتكلم.نعم و يتغير إلى صور متعددة في اسرع من البصر.يبدو كإنسان كملاك كأسد كتنين كهواء يتبخر .له أشكال لم أعرف أن اصفها.و صوته قبيح.يبدو فيه صوته كل ما قلبه من قبح.يأخذ تارة صوت رجل و تارة صوت أنثى.تارة يتوسل و أخرى يهدد.رأيت الوحش فعرفت من هو إبليس.لأنه الوحش الخارج من مخبئه العتيق .من أخرجه و لماذا الآن؟ تدبير الله معلن هنا.
نطق الوحش فعرفنا أنه يقرأ الكتاب المقدس.الذى أدهشنا أنه يتحدث من العهد القديم و من العهد الجديد الذى لم يكن قد كتب بعد.فلقب إبن الله لا يوجد في العهد القديم بل في الجديد وحده .فعلمنا أن الوحش كان متربصاً بالنبوات و بكلمات المسيح و ما قيل عنه في طفولته و صباه و شبابه.بل هو يعرف عنه أكثر مما نعرف .
قال الوحش أن يجعل إبن الله من الحجارة خبزاً .نظر المسيح نحونا نحن المختبئين فيه.و أرسل لنا رسالة من قلبه وصلت قلوبنا كتب فيها: يا أحبائى لا تنظروا إلي الحجارة التي على جبل الموت.فأنا جبل الجياة.أنظرونى لا ترتاعوا.أنا الحجر الذي لا يقصده إبليس.أنا الحجر الذى ؤفضه البناؤون.أنا حجر الزاوية. و الحجر سيتحول حقاً إلى خبز و ستأكلونه أنتم.سيكون حجر الزاوية خبزكم للحياة الأبدية.فإطمئنوا.إبليس يريدني أن أبدل الحجر بحجر.أبدل حجر الحياة بحجر الموت.خبز الموت بخبز الحياة.لكنني منتبه لخلاصكم.أنا لست جائعاً للخبز بل لكم أجوع و أعطش و أصوم و اصلى. لذلك سأرفض أن أحيد عن تدبير أبى لخلاصكم.
ثم سمعناه يقول للوحش لن أحول هذه الحجارة خبزاً لأنه حجارة ميتة. سأبني أنا حجارة حية.و أكون لها خبزاً فلن تجوع .ليس بالخبز الذى على جبل الموت (هذا) يحيا الإنسان.بل بكل كلمة تخرج من فم الله(جبل الحياة و حجر الزاوية).
لم يفهم الوحش شيئاً لكن رسالة المسيح كانت منكشفة إلي أعماقها في قلوبنا فإنتشينا من تدبيره و مخزون حبه لنا.
2- مرة أخرى يعاود إبليس المحاولة.صمت إبليس حيناً و ظل يدور و يدور.حوله جنوده الصغائر من نفس شكله و قبحه.مترددون فيما ينوون عليه.لا يدرون هل يستأذنونه أم يختطفونه أو يدفعونه من فوق الجبل أم ماذا. المسيح أُصعد إلى الجبل بإرادته مت 1: 4 و لا يمكن لإبليس أن يأخذه إلى جناح الهيكل بغير إرادته لكنه لم يتعود أن يستأذن أحد في تجاربه لهذا ندرك كم كان ضئيلاً قدام المسيح برغم شكله المخيف الكاذب .كانت هناك مسافة بين المسيح و الوحش كأن هناك دائرة محرمة لا يستطيع أن يتخطاها إبليس.و نحن كنا في تلك الدائرة.ثم تجرأ إبليس و أقترح علي المسيح أن يرافقه حتي جناح الهيكل الشهق بإرتفاع 36 متراَ .المسافة بين جبل الموت و جناح الهيكل تحتاج ساعات من السير غير تجنب وعورة الطريق و النزول من الجبل .كما سبق أن ذكرت لكم كم هذا الجبل مميت.إنحدار جوانبه تجعله مثل قلعة إما تعيش فوقها منتصراً أو تخور تحتها مهشماً.و إبليس يفهم الجغرافيا و التاريخ أيضاً.لكنه يكذب دائماً.نطق مجدداً بعد وقت صمت طويل حتي ظنناه يائساً فإذا به لا ييأس.طلب من المسيح بصوت يصطنع الخجل و المسكنة هل توافق علي الصعود إلى جناح الهيكل؟ و هو يعرف أن الذي تسلق جبل الموت لن يتصعب تسلق جناح الهيكل. وافق يسوع لأجلنا.سار في المقدمة و نحن في تلابيبه متدثرين. كانت مسافة محتمة تفرق بين مسيرة المسيح بنا و بين مسيرة إبليس و جنوده .لم يسر طويلاً بل وجدنا المشهد حاضراً فوق جناح الهيكل.هل طار المسيح؟هل إختفي زمن المسيرة من الذاكرة.هل وثب وثبة الظبي الإلهي.ليس عندي تفسير لكننا وجدنا أنفسنا هناك.النظر من فوق إلي أسفل مخيف.يكفي وحده لإصابتك بالغثيان و السقوط دون مجهود فإرتفاع 36 مترا في ذلك الزمان يجعله أكثر رهبة من ناطحات السحاب في زماننا..لكننا أمسكنا بالمسيح بشدة كي لا نسقط.فمهما إرتفعت تمسك به لكي تضمن عدم السقوط.فالسقطة عندئذ مميتة.
تكلم الشيطان كمن يتجشأ.نظر إلى أسفل.دائماً ينظر إلى اسفل إلى جغرافية المكان الذى يستوطنه و يعرفه شبراً شبراً .إلى أسفل يتكلم .و يجعل تابعيه يقلدونه.فإذا أسفل كله صخور ضخمة منزلقة من القمة متشابكة بفعل أثقالها.قال إنكنتابناللهفاطرحنفسكالىاسفللانهمكتوب: انهيوصيملائكتهبكفعلىاياديهميحملونكلكيلاتصدمبحجررجلك.لما كتب الوحى الإنجيل وضع نقطتين بين عبارة الشيطان و كلام الله المكتوب.إن كنت إبن الله فإطرح نفسك إلى أسفل لأنه مكتوب::: كانت هذه عبارة إبليس.كل ما يدعو إلى أسفل هو من إبليس.أما هدف كلام الله المكتوب فكان عن الحجارة التي تعترض السائرين في طريق الرب أو حتي في الطرق الجبلية.الله يحفظ البشر في زمن لم يكن فيه نور أو أحذية واقية.كانت الحجارة تجرح و توقع بالسائرين.فلم يكن الحديث هنا سوي عن حفظ الله للسائرين في طريق حياتهم أو حتي في طرق مدنهم الوعرة.أما علي جبل الموت فلم تكن حجارة.بل صخوراً مميتة.و لم يكن في المنحدر طريقاً للمسير.لقد كان تسلق الجبل أمراً شاقاً مقصوداً من مسيحنا المخلص.
كذب إبليس حين أراد أن يغير الهدف من الآية.كذب إبليس حين أراد أن يغير الوصف الجغرافي للجبل مع أنه قدام أعيننا ليس سوى صخور .الأحجار كانت في السهول وحدها.إنه يكذب و كذبه مفضوع للأعين التي تملأها النعمة.التي تمنحك ألا تنظر إلي اسفل بل تستمد القوة من فوق من صخرة الأبدية يسوع المسيح.كان الهدف للوحش أن يتخلص من المسيح و كان المسيح ينوي التخلص من سلطان الوحش علينا.و مع أن مسيحنا كشف كذب إبليس لكنه لم يقل له أنت كاذب و المكتوب لم يقصد أن نفعل الأمر كما تقول.لقد كان المسيح مختصراً جداً مقلاً في كلماته مع هذا البغيض.فأجابه لا تجرب الرب إلهك. ثم أرسل لنا رسالته الثانية من قلبه إلي قلوبنا.
قال لنا يا أولادي هل فهمتم.لا يستهلككم إبليس في جدل أحمق.هو يريدني أن أنزل إلي أسفل و سأنزل إلي أسفل ليس أسفل الجبل فقط بل إلي أسفل طبقات الأرض كلها.و سآخذ إبليس معى لأقيده هناك. و سأسترد الذين سبقوا فنزلوا إلي الجب.و سأحرر المأسورين من المتاريس الحديدية.أنا لى خطة معه.الآن أقول له لا تجرب الرب إلهك لأنه سيجربني عند الصليب أنا لا أحذره لينتبه لكنني أعلن له ليعرف أن هذا الوديع الجائع هو ذو السلطان الذي سيأخذه و يحبسه في الهاوية فالملوك إذا إنتصروا لا يعودون بغير الغنائم و سيكون إبليس غنيمتىفى الهاوية و المأسورين هناك غنيمتى إلي الفردوس.ساعتها فقط سيعرف ما معني لا تجرب الرب إلهك.أنا يا أولادي أكلمه بلغة المنتصر لأنني الآن أتحداه لكم.أغلبه لكم إطمئنوا .
3- كان بقاء إبليس عند الهيكل مزعجاً له.لم يدم الوقت طويلاً أو هكذا ظننت. فجأة وجدنا أنفسنا نرتفع بالمسيح إلى أعلى قمة على جبل عيبال .لم تكن أريحا وحدها تومض أنوارها من اسفل كانت هناك بقايا تومض من أقصى بُعد حيث جبلين عظيمين هما عيبال و جرزيم.كانت أنظار المسيح نحو عيبال أكثر و لم يلتفت مثيرا إلى جرزيم لأنه ينتوي أن يحمل اللعنة المنطلقة من جرزيم لكي يحررنا .إختفت أنوار الهيكل لأن القمة هناك أعطت ظهرها للهيكل و حجبت أنواره عنا.لكن ما حاجتنا إلى هيكل و مسيحنا هيكلنا.ما حاجتنا إلى نور و مسيحنا نور العالم.فلنقف إذن على قمة العالم معه.حتي و لو تجولت حولنا أرواحاً حاسدة و يشتكي علينا المشتكي بكذبه و حيله التي إنفضحت.كان إبليس يرقب عيني المسيح فتدور رأسه كمن سقط عليه صخرة.يغمض عيناه ونراه يتقلص و ينصرع في داخله و جنوده يفعلون كذلك أيضاً.ثم تماسك بعد حين و نطق كمن تتحشرج روحه الصاعدة من أنفه قائلاً: «اعطيكهذهجميعهاانخررتوسجدتلي.... المهزوم يطلب من الملك المنتصر أن يخر أولا ثم يسجد ثانياً.يخر أي ينبطح منهزما متوسلاً مغلوباً ثم يسجد خاشعاً خاضعاً ماسوراً.و هذا كله ما كان داخل إبليس نفسه لكنه بتمثيله المتقن أراد أن ينقل هذا الإحساس للمسيح الذي كشفه و فضح كذبه قائلاَ له لآخر مرة : «اذهبياشيطان! لانهمكتوب: للربالهكتسجدواياهوحدهتعبد) ثم نظر إلينا و الشيطان يندحر و يتراجع معطياً وجهه للمسيح في تراجعه خوفاً من شيء لا نعرفه.كأنما توقع أن يقضي عليه وقتها .ثم ارسل المسيح لنا رسالته الثالثة من قلبه فوصلت إلي قلوبنا قال فيها: يا أولادى الأحباء.هذا كان رئيس العالم الآن أصبح سخرية المؤمنين بي,ليس رئيس آخر لكم سوى يسوع المسيح رئيس الإيمان و مكمله .أنا كنت أذكر إبليس بأن يعود إلى حجمه و قد عاد.قلت له للرب إلهك و لم يكن يظن أن الرب إلهه فيما سبق منذ أن أراد أن يرفع كرسيه فوق كراسى القدير.قلت له لا تتكبر بل له وحده تسجد.و سيسجد .حين تصرعونه بإسمي سيعلن لكم أنه يسجد لى ليس عن حب و نعمة بل عن قهر و هزيمة.أنا اسلمكم عدواً مقهوراً منذ اليوم.لا تخشون منه ما دمتم ساكنين فىَ و أنا فيكم بروحي القدوس.اليوم تركتكم ترتحلون معي من جبل الموت إلى جبل الحياة.من خبز الموت إلى خبز الحياة.من عبادة الموت إلى عبادة الحياة الأبدية.فهل فرحتم برحلتي أنا أعدكم برحلة أعظم تفوق كل تلك الجبال .حين تصيرون في الأرض الجديدة و السماء الجديدة.عندئذ إختفت كل القباحة من قدام أعيننا و شاهدنا طيوراً سمائية تحوم حول سيدنا و تمجده.